حازم حسين

عيد القيامة المجيد.. تهنئة واجبة للأحباب واقتفاء حميم لأثر السيد المسيح

الأحد، 05 مايو 2024 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التهنئة أوّلاً؛ ثم يليها أىُّ قولٍ ورأى؛ وهى حقٌّ لهم وواجبٌ علينا، وليست لإبراءِ الذمَّة ولا للمُجاملة العابرة. ولا أجدُ غضاضةً إطلاقًا؛ وأنا المُسلم المُعتزّ بعقيدته، فى أن أُبارك للإخوة الأعزَّاء احتفالَهم بعيدِ القيامة المجيد. ليس على مذهب أنها مُمارسةٌ اجتماعيّة من جانبنا فحسب؛ إنّما لناحيةِ أنَّ ظلالَها الروحيّة تنسدلُ على العالم بأسره، ولنا أن نستضىءَ بها ونستلهمَ ما فيها من عِظاتٍ ومُثُل، وأن تكون فكرةُ القيامةِ على معناها الواسع؛ باعتبارها عُبورًا دائمًا من حالٍ إلى حال، وتجديدًا لا ينقطعُ فى نظرتنا للعالم واشتباكنا معه، وتهيئةً مُستمرّةً للظروف والوسائل، بما يُحقِّق غايةَ الانعتاق من قُيودنا القديمة، واجتراح مساراتٍ مُتجدِّدة لإبراز أحلى ما فينا، وإعادة إنتاج أنفُسِنا على الصورة التى نُحبّ ونرضى. وهكذا فالعملُ قيامة، وتصويبُ الأخطاء قيامة، والتعلُّم والدأب والتنمية والنجاح ورسم ملامح المستقبل؛ كلّها قياماتٌ ماديّةٌ تشتبك مع المعانى الروحية الماثلة فى المُعتقَد المسيحى.


تُمثِّل المُناسبةُ أهمَّ أعياد المسيحيين وأكثرها قداسةً. وخُلاصة فلسفتها أنَّ المسيح ناب عن البشر فى خطاياهم، وقدَّم الفداء راضيًا من أجل تحرير أكتاف العالم من الوِزر وأثقاله. وربما لا يختلفُ التصوُّر كثيرًا عن مفهوم الشفاعة فى الفَهم الإسلامى؛ اللهم إلَّا فارقَ الترتيب الزمنى. بمعنى أن المسلمين يُؤمنون بأن النبى محمد سيشفعُ لهم عند موقف الحساب فى الآخرة، بينما تشفَّع السيّدُ المسيحُ استِباقًا؛ دون أن يغنى ذلك عن واجب الإيمان والاجتهاد، والتزام أوامر الله ونواهيه. ولأنه حجرُ زاويةٍ فى السرديّة القرآنية لتسلسل العلاقة مع السماء، وفى تمام الإيمان على مُرتكزٍ إسلامى قويم؛ فإن ما يجمعنا جميعًا من تصوُّراتٍ بشأنه أكبر ممَّا يقع فيه الخلاف، وثمّة اتّفاق على إعجازيّة التكوين والرسالة، وما ترافق معهما من آياتِ إبراء المرضى وإقامة الموتى، وهى صُوَرٌ صغيرة لقياماتٍ تحقَّقت فيها الفكرةُ «فوق المادية»، وترسَّخت النظرةُ للحياة الإنسانية باعتبارها كفاحًا دائمًا بين الخير والشرّ، يتَّخذُ أحيانًا أبعادًا ميتافيزيقية يتحمَّل الشيطانُ جريرتها، وفى أغلب الأحايين يكون صراعًا بشريًّا كاملاً؛ إذ يتلاقى فى نفوسنا الحَسِنُ والقبيح، ومهمَّتنا المركزيّة جميعًا أن نُرقِّى الأوّل ونُطفئ نارَ الآخر، بمعنى أن ننخرط فى قيامةٍ ديناميكيّةٍ دائبة من الظلام إلى النور.


يختتمُ العيدُ موسمَ الصوم الكبير، وهو الأطول والأقدس فى روزنامة الصيامات والنُّسُك المسيحية. يفتتحه «سبت لعازر» كذكرى لإنهاض أحد الموتى من قبره ببركة المسيح، ثمّ تتبعه مواقفُ أسبوع الآلام وعظاته؛ ابتداءً من «أحد الشعانين» تذكار دخول السيد إلى القدس/ أورشليم راكبًا على ظهر حمار، بينما يستقبله الأهالى بسعف النخيل وغصون الزيتون، ومن بعده ثلاثيّةُ البصخة، ثمّ خميس العهد، والجمعة العظيمة أو المُقدَّسة، وفيها مشهدُ حَمل المسيح لصليبه على درب الجلجثة، ومن بعدها «سبت النور» فأحد القيامة.. وللعيد أسماء أُخرى، منها:

البصخة والفصح؛ ومعناهما «العبور» بالآرامية والعِبريّة. وعلى تلك الصيغة فإنَّ فلسفةَ القيامةِ أنّها عُبور، أو انتقال، يتحرَّر فيه العالم من أعبائه القديمة؛ ليُولَد مُجدَّدًا على وجهٍ أنصع وأكثر خلاصًا من آثامه، وتتكشَّف الحدودُ والفوارق بين الإيمان والجحود، والإخلاص والخيانة، والفَدو والغيريّة فى مُقابل الكراهة والأنانية. وأهمُّ ما فى الحدث أنه يُحيِّدُ أُمورَ الميتافيزيقيا جانبًا؛ دون إنكارٍ طبعًا، بحيث لا يعود اللومُ مُحمَّلاً على أكتاف الخفايا والغوامض، ولا يدَّعى البشرُ الملائكيّةَ والبراءة الكاملتين؛ احتجاجًا على السماء وتصاريف الحياة، والتجاءً لعوامل خارجيّة، كاختصام إبليس وحده أو الركون إلى التفسير بالقَدرِ حصرًا؛ إذ الكثيرُ ممَّا يأتيه الناسُ هو من عمل أيديهم، وليس مُقحَمًا من البعيد أو مفروضًا عليهم بالجبر وشروط الإذعان.


ما أحوجَنا جميعًا إلى كثيرٍ من القيم التى يسوقُها أُسبوع الآلام. التواضع الذى أبداه السيد المسيح فى كلِّ موقفٍ، وحفاوةُ الاستقبال رغم ما تعانيه المدينةُ تحت وطأة الفرِّيسيين والعشَّارين والحاخامات الفَسَدة، وحادثة لَعن شجرة التين وما وراءها من إدانةٍ للرياء، وغَسل أقدام التلاميذ نزولاً عن الكبرياء التى كانت سبب سقوط إبليس من مجده السماوىّ القديم كأحد الملائكة، والعشاء الأخير وبشارة الخيانة وإنكار بطرس لمُعلِّمه، وصولاً إلى تسليمه من قِبَل «يهوذا» لقاء ثلاثين فضة، وطقوس المحاكمة الظالمة وقرار الصَّلَب. دخلَ المسيحُ ساحةَ الهيكل ليطُردَ الباعة والمُرابين؛ تعبيرًا عن المحنة الأصيلة التى يُتَّخَذُ فيها المُقدَّس سِتارًا للمُدَنَّس، ورفضًا لأن يكون الدينُ عباءةً داكنةً يتخفَّى فيها المُنحرفون والأشرار؛ فضلاً على العُقدة المركزية فى الأمر، ومفادها أنَّ الخراف الضالة وانحرافات الناموس لم يصنعها الأبالسةُ وحدهم؛ إنما كانت حصيلةَ التقاء الشرِّ فى نفوس البشر مع الشرور من خارجهم، واستكانتهم لتجربة الشيطان، ثمّ تجريب بعضهم لبعضٍ بما يتجاوزُ صحيحَ العقيدة وطاقةَ الاحتمال. هكذا يصيرُ الشيطانُ بكلِّ ظلاله العقائدية والرمزيّة؛ انعكاسًا لنُسَخٍ أعصى وأشدّ انحلالاً تُقيم فى دواخلنا وتستعمرُ العقول والأرواح× فتُصعِّب علينا مهمّة الانتقال/ القيامة، من نصفِ بشريتنا الردىء إلى نصفها الجيِّد السامى.


تتلاقى المسيحيةُ مع الإسلام فى النظرة إلى الشيطان. صحيح أنه لم يكن حاضرًا بقوّة وكثافةٍ فى العهد القديم؛ انطلاقًا على الأغلب من تأسيس الفلسفة اليهودية على الصراع مع آلهة الوثنيِّين حصرًا، واعتبارها عِلَّةَ شُرور العالم فى مُقابلةٍ صيغةٍ وحيدة للاعتقاد الصافى. أمَّا العهدُ الجديد فقد طوَّر الرؤيةَ بدرجةٍ ما؛ وإن لم ينقطعْ عن علاقته الجدليَّة مع إبليس وأعوانه. ظلَّ الحضورُ زهيدًا وغير مُتواترٍ فى كلِّ مسألة وحادثة، وأغلبه فى رسائل الرسل بأكثر ممَّا فى الأناجيل المُكرَّسة. لكنَّ أوضحَ تجلِّياته جاءت مع المسيح نفسه؛ عندما انقطع عن العالم فى البرّية صائمًا لأربعين يومًا وليلة، وأتاه الشيطان مُجرِّبًا بين طلب اختبار قُدراته الإعجازية بتحويل الحجارة خُبزًا، والردّ الإيمانى الصافى بأنه «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، ثم نَهيه عن تجربة الربِّ عندما سُئِل أن يطرحَ نفسه من جناح الهيكل لتتلقّفه الملائكةُ، وأخيرًا السموّ فوق إغراء التمكين من مجد العالم وممالكه لقاءَ السجود له؛ فالقول الصارم بأنه مكتوب «للربِّ إلهك تسجدُ وإيّاه وحده تعبُد». وهكذا تتبدَّى القوَّة الروحيّة فى داخل النفس الإنسانية؛ باعتبارها معيارَ تنظيم العلاقة مع العالم، وكبح عجلة السقوط فى التجربة والاستجابة للمغريات؛ وإذا كان المسيحُ، وهو ينوب عن أتباعه فى ضعفهم، قد تغلَّب على الشيطان باقتدارٍ؛ فإنَّ بإمكان كلِّ إنسانٍ أن يُفلت من حبائل المكيدة، وأن يتجاوز الامتحانات مهما بدت صعبةً ومُستعصِية، وليس مطلوبًا إلَّا الثقة فى إيمانه والتيقُّن من أنَّ هشاشته نقطةُ قوّةٍ لا ضعف؛ إذ الواجب عليه أن يكون أمينًا مع نفسه والآخرين فحسب، وبمجموع الأمانات الصغيرة سيُصبح البنيان الآدمىُّ صلبًا ومَنيعًا على الخرق، وإن وقع فبمقدور الجميع أن يُقيلَ بعضُهم بعضًا من المِحَن والعثرات.


تتجسَّدُ قيمةُ الفداء فى شخص المسيح، والوفاء فى أغلب تلاميذه، والضعف المغفور فى مُنكريه، والخيانة فيمن سلَّمه، والخطيئةُ على أكثر صورها فجاجةً فى الانتحار بعد التسليم. وتتجسَّد قِيَمٌ أُخرى فى العذراء والمجدليّة وغيرهما، وفيما يقع فى ثنايا الحكاية بمعناها اللاهوتى وظلالها التاريخية، وما وراءها من إشاراتٍ تنبعُ من خصومة أعضاء السنهدرين وعداوتهم؛ بينما كان المسيحُ امتدادًا لناموسهم لا خارجًا عليه، بحسب ما قال: «ما جئت لأنقض؛ بل لأكمل» مت 5: 17. والمعنى أنك قد تتعرَّض لحروبٍ وخياناتٍ من أقرب الناس؛ بل ممَّن تتفانى فى خدمتهم وتقويم عوارهم، ولا يُغيِّر ذلك من حقيقة الأمر وجلاله، فى حاضره أو فى المستقبل، والأَولَى ألَّا يُبدِّل نظرتَك للمهمّة المنوطة بك، ولا أن يحرفك عن استكمال عملك الصالح؛ مهما بدا أنه يُقابَل بالصدِّ والجحود. وفى كلِّ ذلك ربما نكون جميعًا أقربَ للأدوات، نصنعُ دراما العالم ونختبرُ أنفسنا، ويُقوِّم واحدُنا أخاه والآخرين. وهنا ربما تحتمل النظرةُ لفكرة القيامة فلسفةً أعمق فى عديدٍ من الجوانب.
ثمّة اتّفاقٌ على عصيان إبليس، وفى الفهم الإسلامى أنه تكبَّر على أمر الله بالسجود لآدم، وهو فى المسيحية كائنٌ روحىّ أسقطه الغرور أيضًا، ورأى أنَّ بإمكانه الصعود فوق مُرتفعات السماء فيصير مثل العلىّ؛ بحسب سفر أشعياء. ورغم السقوط لم يفقد قوَّته الملائكية، وظلَّ أقوى من البشر ومُتمكِّنًا من ملكاتٍ عقليّة فاعلة، كالذاكرة والإدراك والتمييز والاختيار، وقد طُرِدَ إلى جهنّم فى قيودٍ ظلامية مُحكمة ولم يتوقَّف عن الشرِّ والإغواء، واستعمل الكبرياء الذى كان عُقدةَ سُقوطِه لأجل إسقاط البشر. وقدَّم بعضُ المُفكرين والفلاسفة المسلمين، قُدماء ومُعاصرين، رؤيةً أعمق فى النظر إلى انحرافه، بالذهاب إلى أنه عندما عصى الأمر كان فى الواقع يُطيع المشيئةَ؛ لأنه لا يُمكن افتراض أن يحدث أىُّ شىءٍ خارج الإرادة الإلهية وكمال إطلاقها. بمعنى أنه رفض التوجيه بالسجود، بينما كان يستجيبُ لتوجيهٍ أعلى مُغاير، وبعيدًا من صحّة هذا أو اختلافنا معه؛ فالفكرة أنه كتجسيدٍ للشرِّ المُطلَق كان أداةً لامتحان البشر، بإملاءٍ أو بقرارٍ فردىّ، ومن غيره لا تكتملُ دراما العالم، وبقدر ما نمقُتُه يتعيَّن أنْ نتقبَّل فكرةَ أنه عَقَبةٌ اضطراريّةٌ عابرةٌ لاختبار صلابتنا.


بالمِثل؛ ربما ينظرُ البعض إلى «يهوذا» فى خيانته المقيتة المذمومة، على أنه كان مُحفِّزًا للحكاية واكتمال مراسم الفداء. فما كان مُتاحًا أن تؤول القصّةُ إلى مسارها الميلودرامى وأثرها النفسى العميق؛ لو ظلَّ الصراعُ بين الخير المُطلق والشرِّ المُطلَق؛ دون اختراقٍ من الداخل، أو تمثيلٍ عملىّ ملموس على أننا مُركَّبون تركيبًا عميقا، حتى فى أشدِّ حالاتنا بساطة. فالخيانةُ جاءت من التلميذ الذى أطعمه المسيحُ فى فمه، وقد ندم عليها سريعًا؛ ولو عبَّر عن ندمه بطريقةٍ خاطئة. ربّما كان مُمتلئًا بالإيمان إلى حدِّ الثقة فى نجاة المسيح من المكيدة؛ فاختارَ الفوزَ بالمال مُطمئنًّا إلى أنّ أيادى الأعداء لن تتمكَّن من سيِّده. وربما سيطر عليه الشكُّ وأراد اختبار إيمانه؛ فإنْ نجا المسيح اطمأنّ واستقرَّت روحه القلقة، لكنَّ جانبَه الطيِّب استفاق سريعًا؛ فرَدَّ الرشوةَ وعاقبَ نفسه. وهو إن ظلَّ مُرادِفًا للخيانة أبدَ الدهر، فإنَّ عُقدتَه فى يَدِ الديَّان وحده؛ والوصيّة أنْ «لا تَدينوا لكى لا تُدانوا؛ لأنكم بالدينونة التى بها تَدينون تُدانون» مت 7: 1-2؛ وما استغلاقُ المسألة حتى لَيَنحصِر باعثُها القطعىُّ فى صدر يهوذا نفسه، وانفتاحُ التفاسير حتى لَيَشملَهُ الأمرُ بمحبَّة الأعداء والإحسان إلى المُبغضين؛ إلَّا انتصارًا للفلسفة التى أسسَّت المسيحيّةُ لنفسها على دعائمها، وخُلاصتها أنَّ الناسَ جميعًا يسعون إلى الخلاص من مراكز مُتساوية، والجدارةُ مُتحقِّقةٌ للجميع ببَشريَّتهم، فلا خلاصَ لأحدٍ مُطلقًا من زاوية الكُره والتشاحُن وتوزيع الاتهامات.


يحتفلُ المسيحيّون بالقيامة اليوم، ويُرافقُهم ملايينُ العُمّال على موعد الإجازة الجديد. ولعلَّها أَليقُ التوافقات التى حدثت بين مُناسبتين؛ إذ المسيح فى جوهر رسالته كان عاملاً يَكدُّ لأجل الآخرين، وساعيًا أمينًا فى خدمتهم وخلاصهم. لم يخلُ الأمرُ عندما أعلنه رئيس الوزراء قبل أسبوع تقريبًا من مُلاحظات، وتلقّاهُ بعضُ الإخوة على وجهٍ من التندُّر، مُتجاهلين أنَّ الدولة فى كلِّ مستوياتها الرسمية تُهنِّئ بالقيامةِ كما بسائر الأعياد والاحتفالات، والرئيسُ لم يُفوّت قُدَّاسَ ميلادٍ منذ أتى للحُكم؛ إلَّا فى زمن كورونا وبأثر الإجراءات الاحترازية. والحقّ أنَّ وقع فى يَدَىَّ انحصر فى الفُكاهة وخِفَّة الدم، ولم أرَ ما يسوءُ أو يُشين بين الردود؛ لكنّ ردود الفعل على طرافتها ربما تصحُّ مدخلاً لإثارة المسألة فى نطاق النقاش الوطنىّ الحميد. الأشقاء فى سوريا والأردن وغيرهما يحتفلون بالمناسبة ضمن رُوزنامتهم الرسمية، وتُعطِّلُ الدولةُ مرافقَها بهذا اليوم اشتراكًا مع مسيحيِّيها فى البهجة؛ ونحنُ أحقّ بهذا تجاه المسيح الذى زارنا ومكثَ فى أرضنا نحو ثلاث سنوات، وتجاه الإخوة الذين يحملون شطرًا عظيمًا من ميراث مصر وهويَّتها الروحية والثقافية، ولا مانعَ من المُطالبة بأن نبحث فكرة إضافة «عيد القيامة» لباقةِ أعيادنا الرسمية، وأن يكون عُطلةً لعُموم المصريين انتصارًا للأُخوَّة والمُواطنة، وهما ما يجمعانا معًا فى عيدى الفطر والأضحى، مثلما فى إرث أجدادنا الماثل مع «شَمّ النسيم».


وأختمُ بما بدأتُ به؛ التهنئة.. نجتمعُ فى المسيح بأكثر ممَّا نختلف عليه، ومن قيامته بظلالِها اللاهوتيّة الثقيلة يُمكن أنْ نستلهمَ ما يُصلِح ناسوتَنا اليومىَّ الخفيف. على رأس الحقل، وفى المدرسة والجامعة وجبهة العمل والبناء؛ فكلُّ إنشاءٍ على غير مثالٍ سابقٍ لا يَعدَمُ اتّصالاً بفكرة القيامة، وكلُّ إصلاح صادقٍ عبورٌ له سِمَة الانتقال والتجدُّد، وما فى أسبوع الآلام وحوادثه من قَبيل الوَعظ الإنسانى الصافى، وفيه ما يُطيِّب القلبَ ويُرقِّق النفس، ويرفعُنا فى مدارج الإنسانية فوقَ منازل الخطيّة، ويُجنّبُنا مزالقَ الانحراف واعتلال الأرواح.. عيد قيامة مجيد، وكلُّ عام والأحباب بخير، وأثرُ المسيح باقٍ بسُموِّه ونقاوة رسالته، ومصر والمصريين جميعًا بكلِّ خيرٍ ومحبّة وازدهار.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة