محمد فودة يكتب.. موجة صراحة

لم تكن مجرد حلقة فى برنامج حوارى، حتى لو كانت كل مفرداته جديدة على المشاهد، لكن حلقة خيرى رمضان مع النجمة غادة عبدالرازق من خلال قناة سى. بى. سى. كانت مكاشفة حقيقية يملؤها الصدق بنسبة الكمال، ولا يشوبها أى شائبة من المبالغات أو التمويه أو التأجيل، كان برنامج «ممكن» بارعاً فى اقتناص أعماق نجمة أحبها الجمهور وعاش معها فى كل أدوارها.. وليس جديداً هذا على خيرى رمضان، فهو صاحب شخصية مميزة وكاريزما متفردة، ما إن تهبط فوق أرض قدماه حتى يغير ويثور.. فهو متمرد دائماً لا يقبل بأقل من القمة.. وبذكائه تمكن أن يكون محاوراً شديد الانحياز للحقيقة المطلقة، لا يحب التلوين أو المواراة.. ولا يقبل أن يقسم اسمه على اثنين، ولهذا فإن حواراته تعيش فى ذاكرة الناس ويبقى فى مخيلتهم حياً لا يذبل أو يتهاوى.. خيرى رمضان تمكن من أن يستخرج من غادة عبدالرازق أدق خفاياها.. فوجدناها غادة الإنسانة التى تهمس بفرح وتلقائية أن يوم زفاف ابنتها هو يوم ستر البنت.. ونحن لا نطلب سوى الستر، تكلمت بشجاعة عن كل القضايا المعلقة وكل ما أثير هنا وهناك، وتدافع بمنطق عن كل ما تتعرض له من أسئلة وفى كل مرة تخرج منتصرة لذاتها وللفن عموماً.. فهى تعتبر نفسها جزءًا لا يتجزأ من الإبداع المصرى، وهذا هو قمة الانتماء الذى تعترف غادة عبدالرازق به.. وحينما تحدثت غادة عن السياسة، أكدت أنها لا تتلون ولا تنافق ولكنها بالفعل لم تكن تتخيل أن يكون فساد النظام السابق بهذا الحجم.. إلا أنها فجرت مفاجأة مدوية حينما قالت إنها انتخبت حزب الحرية والعدالة.. أى حزب الإخوان المسلمين فى مجلس الشعب وأنها لا يوجد بينها وبين هذا الجناح القوى أى عداء ولا حتى بينها وبين السلفيين أيضاً، وأن الأزمة كانت فى نظام سابق يخلع الصدق عن البعض وكان يصف هؤلاء بالمحظورة أو أنهم بعبع الوطن.. ويبقى أن المحاور اليقظ خيرى رمضان كان فى قمة توهجه الإعلامى فقد تزاوجت بداخله جينات الصحافة والحكى والفكر والثقافة فى بوتقة واحدة تمكنت من أن تنصهر وتغلى وتنشطر إلى شظايا، فى كل واحدة كانت تنطلق منها أسرار وبراهين ومؤشرات تعطى لنا وجوهاً جديدة لحقيقة واحدة ورؤى كثيرة لضمير واحد.. فقد أخلص خيرى لصوت الصدق بداخله فكانت هذه الموجات المتلاحقة فى بحر الإبداع.