أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

تجارة السلاح وأمن الرغيف

الأحد، 09 سبتمبر 2012 06:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دول تشترى سلاحا لا تستخدمه، ويبقى حتى يصدأ فى المخازن. بعد سنوات تعيد بيعه خردة إلى الدول التى باعته لها، لتعيد تصنيعه وإعادة بيعه بمليارات. بجانب السلاح هناك مشتملاته من خبراء وقطع غيار وصيانة. والنتيجة أن الدول التى لا تنتج شيئا تضاعف مبيعاتها من الأسلحة لتمول مصانع السلاح فى الدول الكبرى. لهذا لا يمكن تصور أن تنتهى النزاعات وحملات التخويف والرعب من الحرب، وتنمية الصراع فى الشرق الأوسط والعالم العربى والإسلامى. لأن الخوف أحد عناصر تسويق السلاح. وانتهاء التوتر يعنى نهاية صناعة السلاح وإغلاق مصانع وتسريح عمال فى أوروبا وأمريكا وروسيا.

ربما هذا وحده يفسر كيف أن السلاح فى الصومال أكثر توفرا من الرغيف. وبعيدا عن أى نعرات حول جماعات دينية أو فرق أيديولوجية فإن الصراع فى بلاد كالصومال هو صراع شركات السلاح الخردة الذى يصل إلى أيدى الميليشيات، أسهل مما يصل الدقيق، ويجد من يسدد ثمن البنادق أسهل مما يجد من يدفع ثمن إنقاذ طفل من الموت جوعا.
لعبة معروفة ومعلنة لا يتحدث عنها أحد، وتواصل الدول العربية والإسلامية استيراد السلاح، لتحارب به بعضها، وتردع به غيرها، لكنه لا يستعمل أبدا، ومع هذا تنفق هذه الدول المليارات سنويا. ولكنها لا تلفت نظر أنظمة تبالغ فى الحديث عن أمنها القومى بينما تهدر عناصر هذا الأمن فى بضاعة فاسدة. وتتجاهل دعم قدراتها العلمية والاقتصادية.

وبهذه المناسبة فقد نشرت الصحافة العالمية تقارير بعضها عن معهد السلام باستوكهولم حول مبيعات السلاح فى العالم. قالت إن الإنفاق العسكرى لأمريكا وحلفائها الكبار يتراجع بينما تتزايد صادراتها لدول عربية تأتى على رأسها السعودية، التى تعتبر من أكثر الدول استيرادا للأسلحة. حيث اشترت العام الماضى سلاحا بـ34 مليار دولار. وتشمل قائمة أكبر 15 دولة تستورد الأسلحة من 2007 إلى 2011 الهند وكوريا الجنوبية وباكستان والصين وسنغافورة والجزائر والإمارات والسعودية وتركيا وماليزيا وفنزويلا. ثلاث دول عربية وسبع دول مسلمة من بين أكثر الدول شراء للسلاح.

وقد يندهش المراقب عندما يرى دولا عربية تضاعف إنفاقها على التسلح فيما هى لم تخض حربا، ولا تفكر فى خفض تسليحها وتوجيه جزء من هذا الإنفاق على التنمية والتطور والتعليم والبحث العلمى والصناعة بدلا من تخزين السلاح. ومن المفارقات أن بعض الدول التى تنفق على التسلح تعتمد فى حماية نفسها على دول وتحالفات كبرى.

اللافت أن التقارير لمعهد السلام تشير إلى أن الأزمة المالية العالمية دفعت الدول المتقدمة لتخفيض إنفاقها على التسلح، بينما الدول النامية لم تفكر فى خفض الإنفاق على التسلح. لأن الدول الكبرى تجد من يحاسبها على إنفاقها، بينما الدول المستهلكة لا تواجه أى نوع من المحاسبة أو المراقبة.

وإذا كان من مصلحة منتجى السلاح صناعة التوتر والخوف، فما هى مصالح دول تشترى سلاحا لا تستخدمه. بينما تبخل على مواطنيها ودوائها وغذائها بهذه المليارات. ليصبح الحصول على بندقية أسهل من الحصول على الرغيف.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة