مطلوب جواسيس

فى نهاية شهر أكتوبر الماضى، كسر جهاز الأمن الخارجى البريطانى المعروف بـ«إم آى 6» - المخابرات البريطانية - تقاليد السرية، وقرر نشر إعلان فى صحيفة «الدايلى مايل» عن حاجته إلى تجنيد جواسيس، للمرة الأولى فى تاريخه. ووضع الجهاز شروطا معلنة يجب أن تتوافر فى الجواسيس الجدد، وهى – على سبيل المثال – القدرة على التعامل مع جميع أنواع الناس، ومن مختلف الثقافات وتحت كل الظروف، بمعنى القدرة على التلون والتحول فى المواقف سريعا. المخابرات البريطانية اشترطت أن يكون الجواسيس من العرق الأبيض وأن يقدر الجانب الاستخباراتى والإنجازات الأكاديمية، ولا يهتم بالخلفيات الإثنية للمتقدمين، وأعلنت الصحيفة أن الجهاز لا يهتم بما يفعل المتقدمون للعمل به الآن، ولكن بما يمكنهم القيام به.

تذكرت هذا الإعلان الغريب الذى أثار الدهشة، عند متابعة جلسة الحوار السرى فى قصر الاتحادية بين الرئيس وعدد من رموز النخبة السياسية المصرية التى كانت تستعرض قدراتها فى وضع الخطط الاستخباراتية والعسكرية لغزو إثيوبيا وتوجيه ضربة قاصمة للسد التى تقوم ببنائه. وقلت فى نفسى فرصة عظيمة أمام المخابرات البريطانية لاكتشاف مواهب مصرية خالصة، تنطبق عليها الشروط المعلنة دون الإضرار بالمصالح الوطنية العليا لبريطانيا العظمى، إضافة إلى شروط أخرى لم يعلن عنها الـ «إم آى 6» وهى القدرة الفائقة على التحريض والتمويه وقطع العلاقات الدبلوماسية، وإرسال الفرق الفنية والكروية فى إطار خطة الخداع الاستراتيجى الذى تخصص فيه هؤلاء العباقرة من حضور الحوار الوطنى برئاسة المهندس الدكتور محمد مرسى.

فى ظنى أن المخابرات البريطانية سوف تخسر كثيرا لو كانت قد أغلقت باب الترشح للوظيفة، واستقبال الجواسيس الجدد التى لم تعد وظيفة تجلب العار على أصحابها، بل أصبحت مصدرا للمباهاة والمفاخرة على الهواء مباشرة، بعد جلسة الحوار السرى.. وإذا كان الباب مازال مفتوحا، فهى فرصة عظيمة للنخبة العظيمة العبقرية للإسراع للتقدم بأوراقها إليها، بعد أن اكتشفنا فيها خصالا وصفات وقدرات مخابراتية عظيمة، لم نكن نعرفها من قبل، وعرفها العالم كله الآن!