أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد فودة

محمد فودة يكتب.. د. حسام مغازى قلبه فى «توشكى» وعينه على «سد النهضة»

السبت، 11 أكتوبر 2014 05:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أن انضم الدكتور حسام مغازى، وزير الرى والموارد المائية، لحكومة الدكتور إبراهيم محلب حتى اختار الطريق الصعب الملىء بالمخاطر والصعاب، ذلك الطريق الذى يكون فى كثير من الأحيان أشبه بحقل الألغام الذى من الصعب اجتيازه دون التعرض للأخطار التى تتفاوت فى حدتها وقسوتها حسب ما تقتضيه الظروف والأحداث المحيطة بها.

فكلنا نعلم تلك الأزمة التى عشناها وما زلنا نعيش فى تداعياتها وأجوائها الملبدة بالغيوم منذ أن أعلنت إثيوبيا فى فبراير 2011 عن مشروع بناء سد على النيل الأزرق، يحمل اسم مشروع سد النهضة أو الألفية، لتوليد الطاقة الكهرومائية «بقدرة 5.250 ميجاوات» على النيل الأزرق على بعد نحو 40 كيلومترًا من حدود إثيوبيا مع السودان، بتكلفة تبلغ نحو 4.8 مليار دولار.

وقد أثارت الخطوة الإثيوبية جدلًا واسعًا، وتباينت المعلومات المتاحة بشأن السد، فالحقائق العلمية من خلال الدراسات الأمريكية التى أجريت عام 1964 وما تلاها من أبحاث تؤكد أن سعة الخزان تتراوح بين 11.1 و24.3 مليار م3، إلا أن تصريحات المسؤولين الإثيوبيين الأخيرة ذكرت أرقامًا أخرى حول سعة الخزان، وصلت إلى 62 ثم 67 مليار م3، وعلى الرغم من كل هذا اللغط فإنه لا يوجد علميًا ما يؤكد تلك البيانات أو ينفيها، لكن تبقى الحقيقة المرة، وهى أننا أمام مشكلة فى غاية الخطورة، وعلينا التعامل معها بحجمها، وبما تحمله من توقعات مفزعة.

وبالطبع فإنه من بين تلك التوقعات المفزعة أن يصبح هذا السد سببًا رئيسيًا فى حرماننا من تدفق مياه النهر التى نعتمد عليها اعتمادًا رئيسيًا فى شتى نواحى الحياة.. وعلى الرغم من ذلك، ظل ملف سد النهضة الإثيوبى من الملفات التى يتم التعامل معها بحذر شديد، لدرجة أن الحكومات التى تعاقبت منذ ثورة 25 يناير كانت تتعامل مع هذه المسألة بنوع من الحيطة والحذر، لأن ملف سد النهضة الإثيويى كما نرى هو ملف شائك ومعقد، وقد يتسبب فى الكثير من المشكلات.

ومن هنا يبرز الدور المهم الأقرب إلى التحرك الدبلوماسى الرفيع المستوى مع دول حوض النيل، وظلت رحلات د. حسام مغازى المتكررة محل جدل واسع على جميع الأصعدة، فلم ينسَ كونه خبيرًا فى هذا المجال، وله رؤية واضحة تتعلق بهذا المشروع، وما تسعى إثيوبيا تحقيقه من خلاله.

وفى الوقت الذى كانت مصر تولد من جديد وتتعافى وتتبوأ المكانة التى تليق بها على المستوى الدولى، كانت فى الوقت نفسه تتشكل ملامح انفراجة فى تلك المشكلة المتعلقة بمشروع سد النهضة، حيث استطاعت القيادة السياسية إقناع الجانب الإثيوبى بأن يتم طرح المشروع بالكامل على مكتب استشارى عالمى يتولى مسألة دراسة المشروع من جميع النواحى الفنية والقانونية، وبالطبع فإنه حينما يصدر تقرير هذا المكتب الاستشارى الدولى يتم اتخاذ الإجراء الذى سيتم التوصل اليه من أجل حل تلك المعضلة، فإثيوبيا ترى فى المشروع حقًا أصيلًا لتستغل مياه النهر التى تتكون على أراضيها فى هضبة الحبشة، ومصر ترى أن قيام إثيوبيا بهذا العمل يعد تهديدًا مباشرًا لأمنها وسلامتها، فالنيل بالنسبة لمصر مسألة أمن قومى، ولا يمكن التفريط فيه بأى شكل من الأشكال، ولا لأى سبب من الأسباب.

وهنا فإننى أرى أن القيمة الحقيقية لهذا الاتفاق بشأن الاحتكام إلى مكتب استشارى عالمى ليس فى إمكانية أن تأتى نتائج دراسات هذا المكتب إيجابية بالنسبة لمصر، وإنما هى تتمثل فى نجاح التحرك الدولى فى الوصول إلى حلول مبدئية، وهو ما يؤكد استعادة مصر لمكانتها الدولية التى ضاعت أو كادت تضيع خلال فترة حكم الجماعة الإرهابية المحظورة.

والحق يقال فإن هذا النجاح الذى حققه التحرك الدبلوماسى المصرى كان من الممكن أن يضيع ويذهب هباء لو لم يكن هناك إصرار وعزيمة من جانب الدكتور حسام مغازى، وزير الرى والمواد المائية، على الرغم من أن وزارته من الوزارات «المظلومة» بسبب قلة الاعتمادات المالية التى تؤهلها للقيام بالكثير من الأنشطة الكفيلة بتغيير وجه الحياة على أرض مصر بالكامل.

وبعيدًا عن مشكلة مشروع سد النهضة الإثيويى هناك قضية أخرى شغلت الدكتور حسام مغازى، وكرس لها الجانب الأكبر من اهتماماته، وهى قضية إحياء مشروع توشكى، مجددًا وإعادة الاعتبار لهذا المشروع الذى تعرض للهجوم كثيرًا، حينما اعتبره بعض المشككين سببًا فى إهدار الكثير من الأموال دون أى عائد.

وخلافًا لما يردده البعض، وبعيدًا عن هذا الكم الهائل من الهجوم الذى يتعرض له مشروع توشكى، فإن الدكتور حسام مغازى رأى فيه أملاً جديدًًا فى النهوض بالاقتصاد الوطنى، خاصة بعد أن منحه الرئيس السيسى ما يشبه «قبلة الحياة» حينما كلف الحكومة بإعادة إحياء المشروع الذى يعد بمثابة الحلم فى خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية.. كما أن فلسفة مشروع جنوب الوادى تقوم على استراتيجية فتح أبواب الاستثمار، سواء للدولة أو هيئات التمويل الدولية والمحلية أو المستثمرين، سواء مجموعات أو أفراد، كما أنه ينبغى ألا ينظر إلى مشروع توشكى على أنه مشروع زراعى فقط، لكنه مشروع فى حقيقة الأمر يستحق أن نطلق عليه أنه «مشروع تنموى متكامل» متنوع الأنشطة الاقتصادية، سواء صناعية أو تجارية أو تعدينية، فضلا على ذلك فهو المشروع الوحيد القائم على مياه نهر النيل، وهو الأمل الأكيد فى استثمار والاستفادة من نصيب مصر من مياه النهر فى بحيرة ناصر.

هكذا اختار الدكتور حسام مغازى الطريق الصعب منذ أن بدأ ممارسة مهام وظيفته وزيرًا للرى والموارد المائية، فلم ينظر إلى أسفل قدميه، بل قرر النظر إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، فتوجه بعينيه قاصدًا مشروع سد النهضة بإثيويبا، باحثًا عن بارقة أمل فى إيجاد حل يقوى من موقف مصر الرافض للمشروع، بينما ألقى بقلبه وبكل جوارحه وعواطفه وأحاسيسه فى منطقة توشكى، حيث المشروع الذى تعقد عليه القيادة السياسية الأمل فى أن يتحول فى المستقبل القريب إلى «الهرم الرابع»، خاصة أنه قد تم بالفعل الانتهاء من حوالى 97% من المشروع الذى هو بمثابة أمن قومى لمصر..

وهنا فإننى أرى ضرورة إطلاق حملة قومية للتوعية بأهمية مشروع توشكى بالنسبة للاقتصاد المصرى، وهذه الحملة يجب أن تشارك فيها جميع أجهزة الدولة الرسمية المعنية بالأمر إلى جانب مؤسسات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام، لما للإعلام من أهمية قصوى فى تشكيل وجدان الرأى العام، وتغيير المفاهيم الخاطئة.

ولم تتوقف مسيرة الدكتور حسام مغازى عن حد اقتحام المشروعات القومية الكبرى، بل عمل فى كل الاتجاهات، وعلى جميع الأصعدة من أجل إنهاء العديد من المشروعات المائية، ومنها مشروع تطوير قناطر ديروط التى تعد من أقدم المنشآت المائية فى مصر، والتى تم إنشاؤها منذ 140 عامًا، وهو الأمر الذى تطلب عملية إحلال القناطر بقناطر جديدة تحل محل مجموعة القناطر القديمة التى انتهى عمرها الافتراضى، والتى تخدم نحو 1.5 مليون فدان بنحو 20% من مساحة الأراضى الزراعية فى مصر.

أما الإنجاز الأكبر الذى أراه فى غاية الأهمية، فهو الانتهاء من إنشاء متحف النيل بأسوان، والذى من المقرر أن يتم افتتاحه خلال يناير المقبل فى احتفالية كبرى تليق بالحدث، حيث إنه يوثق ويحفظ تراث مصر فى مجال المشروعات المائية. وهو المتحف الذى يجمع كل الوثائق والأفلام القديمة التى تروى قصة كفاح بناء السد العالى مع الشعب المصرى الذى ساهم فى استصلاح 3 ملايين فدان، وإنتاج 10 مليارات كيلووات من الطاقة فى الساعة، بالإضافة إلى أنه يضم مجموعة كبيرة من المقتنيات التى تصور رحلة جريان نهر النيل، بداية من مولده من أسفل هضبة إثيوبيا حتى نهايته عند المصب فى البحر المتوسط، وقد بلغت تكلفة مشروع إنشاء المتحف نحو 82 مليون جنيه، حيث بدأ العمل بالمتحف فى يونيو 2004 على مساحة 146 ألف متر مربع.

لقد توقفت طويلاً أمام تلك الحالة من الحضور القوى للدكتور حسام مغازى فى كل ما يتعلق بمشروعات الرى، وشعرت بأننا- على الرغم من صغر سنه- أمام عالم جليل فى مجال بحوث المياه، له باع طويل فى الدراسات المتعلقة بنهر النيل، وحقوق مصر التاريخية فى هذا الشريان الحيوى المهم الذى قال عنه من قبل المؤرخ الشيهر هيرودوت «مصر هبة النيل».. وهو ما أردت أن ألقى الضوء عليه، وسط هذا الكم الهائل من المغالطات التى دأب البعض على الترويج لها عن عمد، لأن نجاح مصر فى هذا المجال الحيوى المهم يزعج الكثيرين من أعداء النجاح، وأنه مادام العمل خالصًا لوجه الله تعالى فإنه بالطبع سيكون النجاح مضمونًا بإذن الله، وأمام هذه الحالة من الهمة والنشاط الدؤوب للدكتور حسام مغازى لا أجد ما أقوله ألا ترديد قول المولى جل شأنه فى سورة الكهف «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا» صدق الله العظيم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندس محمد

مغالطات

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة