أكرم القصاص - علا الشافعي

د. راندا رزق تكتب: بدل فاقد

الخميس، 20 نوفمبر 2014 12:07 م
د. راندا رزق تكتب: بدل فاقد ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على كرسى قديم يكسوه جلد ممزق يُظهر قائمته الخشبية من خلاله، يغط الشاويش (س) فى نوم عميق مسندا ظهره إلى أحد الدواليب الحديدية ذات اللون الرمادى الذى اعتادت الحكومة على تزيين منشآتها بها، بينما تقف سيدة بدينة ترتدى ملابس توحى أنها تقطن منطقة شعبية بالقرب من الشاويش دون أن تحرك ساكنًا خشية أن توقظه مكتفية بالإنصات إلى السيمفونية التى يعزفها عن طريق فمه المفتوح عن آخره.

تتقدم امرأة أنيقة فى أوآخر عقدها الثالث يبدو عليها مظاهر الثراء، وتحاول إيقاظ الشاويش، تنظر إليها السيدة البدينة فى دهشة قائلة: إيه دا انتى رايحة تعملى إيه؟ أنتى هتصحى الشاويش؟

فتجيب المرأة الأنيقة باستغراب: اه هصحى الشاويش، إيه المشكلة!
السيدة البدينة: ياستى سبيه نايم لا يصحى يودينا فى داهية
المرأة الأنيقة: يودينا فى داهية ليه؟ المفروض انه بيحمينا
السيدة البدينة: نهار أسود انتى شكلك غشيمة وأول مرة تدخلى قسم

يثير الحوار بين السيدتين قلق الشاويش فيستيقظ من نومه ويلتقط "الباريه" من على مكتبه ليضعه على راسه بيد، بينما يفرك عينه باليد الاخري.

الشاويش: إيه دا فى إيه على الصبح؟
السيدة البدينة: والنبى منا يا شاويش، والختمة الشريفة قولتلها بلاش تصحيه.
الشاويش: اخرسى يا ست إنتى وروحى اقفى جمب الحيطة
ينظر الشاويش للمرأة الأنيقة باحترام قائلاً: اؤمرى يا فندم
المرأة الأنيقة: أنا الدكتورة (ر).. وعايزة ابلغ عن سرقة
الشاويش : خير إيه اللى اتسرق منك كفا الله الشر؟

الدكتورة (ر): كله خير مفيش حاجة بتحصل للإنسان مايكونش خير
الشاويش: أنتى عارفه بلاغات السرقة الأسبوع اللى قبل العيد وصلت كام بلاغ؟ والغرابة ان كلهم شنط حريمى متكملة بفلوس الخروف وشبكة العريس والمحمول الله يقطعة.
الدكتورة (ر): ليه بتقول على المحمول الله يقطعة يا شاويش؟
الشاويش: هو فيه حاجة خلصت فلوسنا وكسلت عقولنا غيره، ده البواب والزبال والشغالة والبقال بيعملهم ميسدكول، وعلشان وليه الظابط يعرف يجيبنى فى عز الليل وفى أى وقت، والعيال طول النهار بترن عليا والرسايل وكلمنى شكرا و سلفنى شكرًا.
الدكتورة (ر): يااه فعلاً المحمول اخترق حياتنا بصورة غريبة وفعلاً خلانا طول الوقت تحت الامر 24 ساعة زى الاسعاف.. لكن انت ليه اشتريت موبايل طالما بتكره كدا؟
الشاويش: اهى شوطة وصابت كل المصريين منها عياقة ومنها موضة، المهم نرجع لموضوعنا ماقولتليش حضرتك حتبلغى عن إيه؟
الدكتورة (ر): هبلغ من سرقة قلتلك
الشاويش: ما انا عارف بس إيه نوع السرقة بالظبط اللى عايزه تبلغى عنها، والاهم أنها تكون وقعت فى دايرة القسم بتاعنا.
الدكتورة (ر): بدل فاقد
الشاويش: يعنى البطاقة الرقم القومى والرخصة واية كمان يادكتورة؟ ألا لامؤاخدة هو حضرتك دكتورة فى إيه اصل مفاصلى وجعانى قوى وحططلهم زيت كافور ومخفوش.
الدكتورة (ر): انا دكتورة فى آلأدب المقارن
الشاويش: يعنى دكتورة من غير سماعة؟
الدكتورة (ر): مظبوط تقدر تقول دكتورة فى "حتى"
الشاويش: ياخسارة نرجع بقى للبلاغ.. اتفضلى يادكتورة إيه تانى اتسرق منك؟
الدكتورة (ر): انا عايزة ابلغ عن عمرى اللى اتسرق، وعايزه بدل فاقد عنه
الشاويش باندهاش: بتقولى إيه يادكتورة؟
الدكتورة (ر): بقولك عايزه ابل... يقاطعها الشاويش ويهب واقفًا ليلقى التحية للضابط
الشاويش: صباح الخير يا فندم
الضابط: صباح الخير.. كل ألأمور ماشية تمام؟
الشاويش: كله تمام يا فندم، بس متقدملنا بلاغ غريب قوى، أغرب بلاغ قابلته من يوم ما اشتغلت فى الخدمة.
الضابط: بلاغ إيه دا يا شاويش (س)
الشاويش: هى سرقة، بس مش عارف هعملها بلاغ ازاى دى، هو الافضل أن الدكتورة تفهم جنابك بنفسها.

الضابط ينظر إلى الدكتورة باهتمام: اتفضلى يا دكتورة اتكلمى انا بسمعك، إيه اللى اتسرق منك وبتشكى فى مين؟

الدكتورة (ر): ببساطة انا جاية ابلغ عن بدل فاقد، انا اتسرق عمرى
الضابط باندهاش: نعم؟!

الدكتورة (ر): ماتستغربش يافندم أنا لما اتسرقت شنطتى، وانا باستخرج بدل فاقد للبطاقة اكتشفت أن فى عشرين سنة ضاعت من عمرى، جاية اطلع بدل فاقد عنهم.. هتقدر تساعدنى؟

الضابط مبتسمًا: ممممم خلاص فهمت حضرتك تقصدى إيه يا دكتورة، لكن انا لو اقدر اساعدك فى شيء زى دا، كنت ساعدت نفسى، انا لو اقدر اعمل بدل فاقد مكنتش اقبل اكون ضابط، مطلوب منى اوفر الحماية والأمان وانا رجلى وايدى مشلولين، تعرفى يادكتورة البلاغ بتاعك رقم كام؟.. عارفة قدرنا نحقق فى كام بلاغ ونوصل للجاني؟ حالة واحدة، لحرامى غشيم هو مش حرامى هو طالب فى الجامعة والده مريض وحاول يسرق الدواء من الصيدلية، يا دكتورة انا ماقداميش غير انى افتح محضر واسجل اقوالك، لكن موعدكيش بانى هقدر اوصل للى سرق عمرك .

الشاويش: المعادلة لو حسبناها زيك يادكتورة حنلاقى الشعب كله بدل فاقد .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة