أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد فودة

محمد فودة يكتب.. رأيت وجه أمى رحمها الله.. يحلق أمام عيون اليتامى!

الإثنين، 07 أبريل 2014 07:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن احتفال اليتيم الذى شاهدته هذا العام فى يوم اليتيم سوى حصاد لسنوات من التذكارات، تعود بى إلى سنوات الصبا، حيث كانت أمى رحمها الله تعطف على اليتامى، انطلاقاً من تنفيذ وصية رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.

كانت تعلمنى كيف أن اليتيم له الحق الأعلى ورعايته هى الأولى علينا.. اليوم أتذكر كلمات أمى رحمها الله.. وأنا أعيش فى يوم اليتيم أحس أن دموعى تتكاتف، وأن روحى تسمو وتنطلق إلى مشاع هؤلاء الأبرياء.

اليتامى فى نظرى هم كتلة اليقين فى بحر الشك الذى نعيشه، ويكفى أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أوصانا بهم الوصية الصادقة الأكيدة الأمينة، ورهن رعايتنا بهم بدخولنا الجنة.
واستجمعت دموعى فى يوم اليتيم ولم أكن أعلم أن مشاعرى المتضاربة برغم صراعها سوف تصبح ثابتة لا تشى بشىء إلا بمسؤوليتى نحوهم.

إذ إننى أنفعل مع أحاسيسهم وطموحاتهم.. لم يكن فى نفسى شىء سوى هذا المعنى المتكامل أمام عيناى.. كنت أعرف عمق وصفاء وبهجة هؤلاء اليتامى.

ولكنى أبداً لم أكن أتخيل هذا المعنى إلا بعد أن رحلت عنى والدتى، برغم أنها رحلت منذ وقت ليس ببعيد، وكنت وقتها رجلاً كبيراً حياً أرزق.. وبرغم ذلك أيضاً كنت أشعر أننى طفل يتيم ولا أزال أشعر بهذا المعنى.. شاهدت اليتيم فى أعماقى وأحسست أننى هذا الصبى الذى يجرى وراء أحلامه.. أبداً ما شعرت أننى كبرت وأننى صرت هذا الرجل الذى حقق أشياء ولايزال يحلم ولايزال يجرى فى أحلامه ولايزال يصيب ويخطئ.

وكلما حققت شيئاً شكرت الله سبحانه وتعالى ودعوت لأمى بالرحمة.. وزدت فى قناعتى أن روح أمى لن تتركنى.. وطافت هذه الروح الطاهرة إلى سنوات بعيدة، حيث كنت فى مدينة زفتى مسقط رأسى.. أتنعم بأمومة كاملة لم أشعر بمعنى اليتيم.. إلا حينما كبرت وعاصرت بالفعل زملاء لى لم يعرفوا الأمومة.. أو فقد أحدهم أمه فى وقت مبكر.

لكنى أبداً لم أحس بمعنى اليتيم إلا حينما عرفته.. تذكرت كل ذلك وأنا أشاهد الاحتفال بيوم اليتيم منذ أيام.. انتابنى شعور بالحنين والدهشة والفضول معاً.. مزيج غريب من الانبهار، حيث هؤلاء القادمين نحوى وكأن أرواح الملائكة تطوف حولهم فى دفء غريب.. شاهدت فى الاحتفال بيوم اليتيم السعادة والبسمة تغطى الوجوه الصغيرة والكبيرة.

ودارت الأسئلة بين الجميع، واختلفت الحالات وتاهت القصص، وتشتتت المعانى لولا أن الخيط الرابط بينهم جميعاً هو خيط الصدق الإنسانى الرفيع الذى لن يخطئ أبداً مهما حاول، ولا يعرف الكذب مهما اخترع الأساليب ومهما راوغ فهو لا يعرف المراوغة.. قرأت فى عيون هؤلاء اليتامى عشرات المعانى وعشرات المفردات.

ولكنى تأكدت وعرفت أنها جميعاً تصب فى بحيرة واحدة هى بحيرة المحبة التى بها شىء من معالم الطريق الصحيح، وقلت فى نفسى إنه برغم أننى حضرت من قبل أكثر من لقاء فى ذكرى يوم اليتيم، إلا أن هذا العام له طعم آخر.. أحسيت أننى أرى وجه أمى رحمها الله يحوم حول المكان ويطير بنا إلى السمو الراقى المبهر ويحلق أمام عيون اليتامى.

مشاعر غريبة براقة تسكن فى قلبى وتستقر فى عقلى، وتؤكد أن يوم اليتيم لابد أن يكون فى كل عام أكثر ثراء من العام السابق له.. لابد أن ندخر كل جهودنا لدعم اليتامى.. إننى أنفعل بكل عطاء ليوم اليتيم، ولكنى أتمنى أن تتكاتف العطاءات وتكون ثابتة وليست مجرد مصادفة، حتى يعظم قول الله تعالى: «وأما اليتيم فلا تقهر وأما بنعمة ربك فحدث».










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد العزيز

رحمة الله على والدتك الكريمة

يعجبني أسلوبك في الطرح

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة