"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 39.. مبارك وعمر سليمان والمشير.. توازن الأمن..اللواء عمر سليمان الذى كان أقرب المقربين لمبارك لم يكن يحظى بثقة كاملة من الرئيس

الأربعاء، 30 يوليو 2014 02:01 م
"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 39..  مبارك وعمر سليمان والمشير.. توازن الأمن..اللواء عمر سليمان الذى كان أقرب المقربين لمبارك لم يكن يحظى بثقة كاملة من الرئيس غلاف الحلقة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


مبارك أمضى ثلاثين عامًا إلا قليلًا، وحكم فى فترة شهدت تحولات كثيرة فى الشرق الأوسط والعالم.. كانت الأحداث تتفاعل، وبدأ نظام مبارك وكأنه نجا من الهزات والزلازل.. لم ينتبه إلى أن النظام يعانى من تآكلات داخلية، وظل هناك لغز يتعلق برفض مبارك تعيين نائب بحجة أنه لا يجد الرجل المناسب.

مبارك نجح فى بناء نظام أمنى قوى لديه قرون استشعار، واستفاد من تهديدات إرهابية فى تقوية نظام أمنى لنفسه ونظامه، ونجح أيضًا فى إيجاد نقاط توازن مع المجتمع والأجهزة المختلفة فى الدولة، لكنه فى طريقه إلى السيطرة الكاملة أبعد كثيرين ممن ساهموا فى تقوية نظامه، وعلى رأسهم المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة، وزير الدفاع، شريك مبارك فى السلطة، كما أن أسامة الباز أحد أهم مستشارى مبارك كان قد انعزل، أو تم استبعاده من قِبل جمال مبارك كما يروى البعض، ولم يبق حوله سوى جمال وشلة السياسات، وفى القصر زكريا عزمى الذى أصبح خلال السنوات الخمس الأخيرة هو عين مبارك وأذنه، ومفتاح القصر الرئاسى، فضلًا على سوزان مبارك التى كانت تريد نقل السلطة لجمال.




فى نوفمبر 2008 عقد الحزب الوطنى مؤتمره الخامس وسط حراسة سيارات الأمن المركزى، وأمن الدولة، لحراسة مؤتمر قال إنه «جماهيرى»، وكانت الحراسة الأمنية دليلًا على الانفصام بين الحزب والشارع.. قالوا إنه يضم 3 ملايين عضو، وأمين سياسات الحزب جمال مبارك اتهم المعارضين والمنتقدين بأنهم يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، وهو الذى لم يدخل فى منافسة أو انتخابات حقيقية.. كان الحزب يزعم الانتماء إلى اقتصاد السوق، ويتحدى أهم مبادئه.. المنافسة، يدعم الاحتكار فى الاقتصاد، والسياسة، ويخلط بين الحزب والدولة والحكومة والبرلمان.



قبل المؤتمر حاول الحزب الوطنى من خلال وزير الاستثمار محمود محيى الدين أن يروج لابتكار الصكوك الشعبية.. كانت رائحة الفساد فى صفقات بيع القطاع العام تفوح بعد بلاغات عن فساد صفقة «عمر أفندى»، وحاول محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، أن يغطى على صوت صفقة «عمر أفندى» فاخترع قصة الصكوك الشعبية التى ماتت قبل أن تبدأ.

شهد عام 2010 عشرات الاعتصامات والاحتجاجات من العمال ضد الخصخصة وسياساتها، كعمال كتان طنطا، وأزمات العمال فى الغزل والنسيج بكفر الدوار، واتهامات لعاطف عبيد وعصره من الدكتور زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، عضو مجلس الشعب الذى شن هجومًا على برنامج الخصخصة، وطالب بمحاكمة البرنامج، وتحدث عن فساد شاب عمليات البيع، وطالب بإحالة المسؤولين عن فساد برنامج الخصخصة إلى النيابة، خصوصًا من قاموا ببيع شركتى المعدات التليفونية والزيوت والكتان.

وقال النواب إن السمسرة فى الخصخصة بلغت 33 مليار جنيه، وهو ما أثار دهشة رئيس المجلس الدكتور سرور، والمثير أن زكريا عزمى مع أنه كان نائبًا فى مجالس الشعب التى شهدت عمليات البيع، كانت اتهاماته ضمن الدور المزدوج الذى كان يلعبه.. كانت حملات مهاجمة الخصخصة موضة ما قبل انتخابات مجلس الشعب.. كان زكريا عزمى ونواب الوطنى يهاجمون الخصخصة، ويتهمون عاطف عبيد بالمسؤولية، بينما كانوا شركاء فىعملية البيع وهم فى برلمان بأغلبية حزب وطنى والخصخصة تتم بتعليمات مبارك.

تفجرت قضية أحمد المغربى، وزير الإسكان والتعمير، مع أرض جزيرة آمون بأسوان، والتى تم بيع أرضها لشركة «بالم هيلز» المملوكة للمغربى.. تدخل الرئيس وجعلها حق انتفاع، لكن القضية كشفت تداخل المصالح الذى بدا أكثر مع أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى، رئيس لجنة الخطة والموازنة ومحتكر الحديد، الذى تدخل فى صياغة قانون منع الاحتكار.. وزير الإسكان السابق المهندس محمد إبراهيم سليمان منح شاليهات وأراضى وشققًا لزوجته وأبنائه وأقاربه، وقال إن هذا طبقًا للقانون، والأمر نفسه عندما أسند الجانب الأكبر من أعمال وزارة التعمير لمكتب صهره ضياء المنيرى، وعندما أثيرت قضية تداخل المصالح وتضاربها تم تعيين المهندس محمد إبراهيم سليمان رئيسًا لشركة الخدمات البترولية مع عضويته فى مجلس الشعب، وحكمت المحكمة الإدارية ببطلان التعيين، اتضح أن عددًا كبيرًا من نواب الشعب والشورى تم تعيينهم فى وزارتى البترول والكهرباء، أو كمستشارين لوزارتى المالية والاستثمار أو فى بنوك عامة، وهو أمر يمنعهم من مراقبة هذه الجهات أو محاسبتها، وهم يقبضون منها رواتبهم.. كانت كل الطرق تؤدى إلى تداخل المصالح فى البرلمان والحكومة، وإلى الفساد، وتقود إلى تفكك الدولة.

كل الشواهد تؤكد أن مبارك لم يكن ينتوى ترك الرئاسة، وكان يستعد لترشيح نفسه، أو تقديم جمال.. كانت لعبة مكشوفة، صحة مبارك تتدهور وتشبثه بالسلطة يتضاعف، ويدفعه إلى رفض أى مساحة لتفويض نائب أو الإعلان بحسم عن إنهاء التوريث والتأكيد على وإعادة نظام الحكم الجمهورى.. سقط فى مجلس الشعب، وأجرى عملية جراحية فى العمود الفقرى، وخضع لعملية قالوا إنها لإزالة المرارة، وقال آخرون إنها كانت لاستئصال أورام سرطانية فى الجهاز الهضمى، لكنه رفض التنازل.



فى 18 مايو 2009 تم الإعلان عن وفاة محمد علاء، حفيد حسنى مبارك، بعد تعرضه لأزمة صحية حادة، كان فى الثالثة عشرة من عمره، تسببت وفاته فى صدمة لمبارك الذى تلقى هو والعائلة عزاء وتعاطفًا شعبيًا، وتوقع كثيرون أن تكون الوفاة سببًا فى تحول شخصية مبارك الذى انعزل حزنًا لفترة، وعاد بلا تغيير، وبدأت خطط ترتيب انتخابات مجلسى الشورى والشعب، والتى شهدت أكبر درجات التلاعب والتدخل بمعرفة أحمد عز، وجمال مبارك، ووزير الداخلية حبيب العادلى، وتم إسقاط كل تيارات المعارضة وبعضها من إخوان أو وفد، بعد أن تسربت أنباء عن صفقات بين الحزب الوطنى والوفد وبعض أحزاب المعارضة ليرثوا كراسى الإخوان، لكنها كانت مجرد شائعات أطلقها أحمد عز للإيقاع بين المعارضة، وكانت النية تتجه لفوز الحزب الوطنى بكل أو أغلبية المقاعد، تمهيدًا لنقل السلطة إلى جمال، مع استمرار الغموض حول صحة مبارك.



كانت شبكات المصالح تتسع مع تداخل المال مع السياسة، وبالرغم من صدور أحكام ببطلان الكثير من القرارات والصفقات، كانت حكومة نظيف جاهزة للالتفاف على الأحكام، ومنها حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان عقد «مدينتى»، والذى حصلت بموجبه شركة طلعت مصطفى على تخصيص بالأراضى، والتفت الحكومة على الحكم وأعادت الأرض لهشام طلعت بقرار تم منحه تبريرًا قانونيًا.

كانت الانتخابات البرلمانية وقبلها الشورى هى آخر المشاهد التى كشفت عن انتهاء أى أمل فى نظام مبارك والحزب الوطنى، فقد تم ترشيح وزراء لأول مرة فى دوائر لا يسمعون عنها، ونجحوا، كما تم التقفيل مباشرة للإطاحة بمرشحى جماعة الإخوان والمعارضة.. أحمد نظيف، رئيس الوزراء، قال إن اكتساح الوزراء دليل على شعبية الحكومة، مع أن كل من شاهد دوائر الوزراء يعلم أنه لم يتم فيها تصويت، وأن أرقام فوزهم كانت مقررة سلفًا.. الدكتور فتحى سرور، الفائز فى السيدة زينب، قال: «إن اكتساح الوطنى سنة الحياة»، وإنه لم ير أى تزوير.. أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطنى، شرح نظرية «الوطنى» فى الاكتساح، بالرغم من أن الفيديوهات والصور كلها كانت تكشف عن تزوير فاضح.. أصر الرئيس مبارك ومعه فتحى سرور على أن الانتخابات نزيهة، وكان هذا بعد يوم 25 يناير، وقبل يوم الغضب.




بعد الضغوط الأمريكية من أجل تنفيذ أجندة إصلاح بعد غزو العراق أجرى مبارك مناورة المادة 76 من الدستور، وترشح وفاز فى انتخابات على طريقة الاستفتاء، وبدا كأنه يسعى لإرضاء من يضغطون عليه فى الخارج، خاصة الولايات المتحدة.

كان مبارك قد زار الولايات المتحدة، وكانت آخر زيارتين له لواشنطن فى أغسطس 2009 وسبتمبر 2010، ويومها نشر مبارك مقالًا فى صحيفة «نيويورك تايمز» يوم 2 سبتمبر 2010 بعنوان «خطة سلام فى متناول يدنا».. كان مبارك اعتاد زيارة العاصمة الأمريكية مرة واحدة على الأقل سنويًا، إلا أنه توقف عن عادته السنوية بعد زيارته الشهيرة لمزرعة الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش فى كروافورد بولاية تكساس عام 2004، وناقش بوش مع مبارك ملف الدكتور سعد الدين إبراهيم، وملف الانتخابات، كما قدم بوش خطاب الضمانات الشهير إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى آرييل شارون عقب لقائه مع مبارك، وهو ما سبب حرجًا لمبارك الذى عبر عن غضبه لعدد من المسؤولين الأمريكيين، وضاعف من غضب مبارك أن مسؤولين فى إدارة بوش طالبوا مبارك بالمزيد من الإجراءات الديمقراطية، وهو ما اعتبره مبارك تدخلًا فى الشؤون الداخلية، كما ذكر أليوت أبرام من مجلس الأمن القومى، والذى شارك فى نقاشات مع الجانب المصرى فى زيارة تكساس.

بعدها توقف مبارك عن زيارة واشنطن فى ظل جورج بوش، بينما زار جمال مبارك الولايات المتحدة عام 2006 واستقبله جورج بوش ونائبه ديك تشينى، ويومها أثير أن بوش وإدارته لا يمانعان فى نقل السلطة لجمال، فى إطار محاولتهما التصالح مع مبارك، لكن الإدارة الأمريكية وقتها نفت ذلك، وخرج ديفيد وولش، السفير الأمريكى الأسبق فى مصر، أحد مستشارى الخارجية، ليؤكد أن بوش لم يمنح أى دعم لتوريث الحكم، وهو ما أكده يومها الدكتور سعد الدين إبراهيم الذى كان قد خرج بعد حكم النقض بتبرئته، وقاد حملة يطالب فيها الإدارة الأمريكية بمنع المعونة عن نظام مبارك.

وجاءت زيارة مبارك وجمال لواشنطن فى 2009 و2010 استثناء، وخلال الزيارة نشر مجلس العلاقات الخارجية دراسة للباحث المتخصص فى الشأن المصرى ستيفن كوك، أشار فيها إلى احتمال حدوث فوضى كبيرة فى مصر، وتوقع أن تشهد مصر حالة زعزعة فى الاستقرار خلال السنوات القليلة المقبلة. وذكر «كوك» أن مصر «تدخل حاليًا فترة من الانتقال السياسى، مع توقع انتهاء قريب لحكم الرئيس حسنى مبارك، والذى دام ثمانى وعشرين سنة.. ستضعف هذه النقلة، وبشكل أكبر من قدرة الحكومة المصرية على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتلك الخاصة بالسياسة الخارجية، وستزيد بالتالى من احتمال حدوث عدم استقرار سياسى فيها».

خلال الزيارة أراد الجانب المصرى التركيز على قضايا الأمن الإقليمى فى الزيارة، لكن بيانًا صدر يوم 1 سبتمبر من البيت الأبيض أشار بوضوح إلى أن الرئيس أوباما أكد خلال لقائه بمبارك «أهمية وجود مجتمع مدنى نشط، ومنافسة سياسية مفتوحة، وانتخابات شفافة وعادلة فى مصر»، وهو ما أغضب مبارك، وأربك الوفد الرسمى المرافق له.



لكن أهم لحظات الزيارة جاءت خلال مقابلة تليفزيونية أجراها المذيع الشهير تشارلى روز مع مبارك الذى صرح بأن «الناخبين المصريين هم الذين سيختارون خليفته»، وأضاف: «لا أحد يعلم من سيكون خليفتى، فإن لدينا انتخابات، وعند الانتخابات الناس هم الذين سيقررون».. ولم يكشف الرئيس مبارك ما إذا كان ينوى ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية 2011، وقال: «لا أفكر فى ذلك فى الوقت الراهن»، وبشأن ما إذا كان على خليفته أن يضمن أولًا دعم الجيش المصرى قال مبارك: «لا.. لا أوافق على هذا القول»، ويومها قال مبارك إنه لا يشعر بالقلق من تصاعد نفوذ جماعة الإخوان وعلاقاتهم بجماعات أخرى فى المنطقة، وقال: «سواء كانوا جيدين أم سيئين، وماداموا لا يرتكبون جرائم إرهابية فإن الأمر سيان بالنسبة لى».



لكن أثناء زيارة حسنى مبارك للولايات المتحدة، وقع حدث مفاجئ، فى سبتمبر 2010 ظهرت فى عدد من شوارع وميادين القاهرة ملصقات تحمل صور عمر سليمان، رئيس المخابرات، وتصفه بأنه «البديل الحقيقى». كانت بداية لتدشين حملة تطالب اللواء عمر سليمان بالترشح لانتخابات الرئاسة، الحملة أطلقها عدد من النشطاء، بتعليق بوسترات ضخمة حملت عنوان «البديل الحقيقى عمر سليمان رئيسًا للجمهورية»،ظهرت الملصقات فى أحياء التجمع الخامس وإمبابة والمهندسين والمعادى، وبعض المناطق الأخرى، وصدر بيان من حملة أطلقت على نفسها اسم «الحملة الشعبية لدعم عمر سليمان رئيسا لمصر» قال: «تمر مصر الآن بمرحلة فارقة فى تاريخها، قد يعقبها انطلاق لركب التقدم والتطور لتصعد مصر إلى مصاف الدول المتقدمة، أو قد تنجرف إلى نفق مظلم.. وإزاء ما تردد مؤخرا عن الحالة الصحية للرئيس مبارك، ومع قرب حلول الاستحقاق الرئاسى، فى ظل معارضة مقيدة ومكبلة، وفى ظل تصاعد الحملة المدعومة أمنيا والتى يقودها أنصار جمال مبارك من أجل تصعيده كبديل رئاسى فى لحظة فارقة، فإننا نرى أن السبيل الوحيد لمواجهة مشروع التوريث، هو جناح داخل النظام.. والسيد اللواء عمر سليمان كان بسجله الوطنى النظيف، ودوره الكبير الذى لعبه على مستوى علاقة مصر بقضايا خارجية مهمة وحساسة، بمثابة بديل حقيقى مطروح بقوة، وحذر البيان من خطورة التوريث، وسبق حملة البوسترات، أخرى على الإنترنت، و«فيس بوك»، بعنوان «لا جمال ولا الإخوان.. عايزين عمر سليمان».

وتدخلت أجهزة الأمن وعلى رأسها المخابرات لمنع الصحف من تناول موضوع ترشيح عمر سليمان، و تسببت الحملة فى حرج بالغ لسليمان الذى كان يفترض أن يرافق مبارك فى رحلته الأخيرة لواشنطن، ويقول عادل حمودة عن ذلك: حدث أننا كنا فى رحلة مع مبارك فى أمريكا بمناسبة إطلاق المفاوضات الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكان متوقعاً أن يجلس عمر سليمان معنا، وانتظرناه، لكنه لم يظهر، وعندما عدنا إلى القاهرة عرفنا أن هناك من علق بوسترات فى الشوارع تطالب بعمر سليمان رئيساً للجمهورية، فشعر الرجل بحرج شديد، وطلب مبارك من المخابرات الحربية أن تحقق فى الموضوع، وتم القبض على ثلاثة من الشباب اتهموهم بأنهم وراء صفحة فيس بوك، كانوا ينتمون إلى حزب الجبهة.

كان تكليف المخابرات الحربية يهدف إلى تحقيق محايد يبحث، هل لعمر سليمان دور فى هذه البوسترات أم لا؟ وبالفعل كان بعض المقربين من مبارك وبعض تقارير أمن الدولة قالت: إن وراء الحملة أطرافا فى جهاز المخابرات.



وتردد وقتها أن وراء هذه الحملة بعض الأطراف داخل أجهزة الأمن، كانت تدعم هذه الحملة، ضمن حركة أصبحت تجاهر برفض التوريث، خاصة أن البيان كان مصاغا بطريقة تحمل تحذيرات من فوضى بالبلاد، وتزامنت مع دعاوى مختلفة داخل النظام تطالب بما أسمته الخروج الآمن لمبارك، وكان من أشهر هذه الحملات، حديث مع الإعلامى عماد الدين أديب، الذى كان محسوبا على المقربين لمبارك، وشارك فى التمهيد لحملة ترشيح مبارك فى 2005 بسلسلة أحاديث فى التليفزيون المصرى، تحدث عماد الدين أديب عن ضرورة أن يسعى مبارك للخروج الآمن ويحدد شكل المستقبل، ويعلن أنه لن يترشح مرة أخرى، كانت دعوة الخروج الآمن هى الأخرى لقيت تفسيرات مزدوجة، خاصة أن عماد الدين أديب كان قد كتب بعد انتخابات 2005، أن جمال مبارك كمواطن له كل الحقوق فى أن يترشح للرئاسة، المهم أن كل هذه الخطوات كانت تعكس ارتباكا واضحا، فالدعوة التى طالبت بترشيح عمر سليمان، سبقتها حملة أطلقها عدد من النشطاء المجهولين أعلنت أنها جمعية خاصة وتدعم ترشيح جمال مبارك للرئاسة، بل ومن مبالغاتهم قول إنهم يطالبون الرئيس مبارك بمنح جمال الفرصة وعدم منعه من خدمة البلاد.



قبل ذلك خرج الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى مجموعة أحاديث مع جريدة «المصرى اليوم» ليطالب مبارك بضرورة تأسيس مجلس رئاسى يبحث تعديل الدستور ويرسم شكل المستقبل وخارطة طريق بدلا من فوضى مقبلة.

كانت كل الأطراف التى لها صلات خارجية أو داخلية تشير إلى أن هناك ضرورة لإزالة الغموض، لكن مبارك ظل متمسكا بموقفه وترك الأمور بلا حسم، ويقول ستيفن كوك: إن دور جمال مبارك وعزله تزايد بعد أن كان هو الذى يقف وراء التعديلات الدستورية التى مرت فى 2007 ورسخت سيناريو التوريث بأسلوب دستورى مشروع. سليمان غير طموح للسلطة الحقيقة أن عمر سليمان ظل مخلصاً لمبارك غير راغب فى السلطة، ولم يسع لتكوين تحالفات داخل الجيش أو أجهزة الأمن، استعدادا للحظة حاسمة، وتساءل كثيرون عن السبب الذى منع عمر سليمان من الانقلاب على مبارك، وقالوا: إنه لم يكن يميل للظهور، حتى وهو فى صدارة المشهد كان حريصا على أن يبقى فى المرتبة التالية، وقد ذكر أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية الأسبق، فى مذكراته إصرار سليمان على أن يكون تالياً لأبوالغيط، وفقا لما يقتضيه البروتوكول، يقول أبوالغيط: كثيراً ما عبرت له عن استغرابى أن الرئيس مبارك لم يقم بتصعيده أو إعطائه لقبا أو درجة نائب رئيس وزراء، لكى يأتى فى أقدمية متقدمة عن الكثيرين من وزراء الحكومة الذين كانوا يسبقونه فى سلم أولويات البروتوكول وتشكيل الوفود المصرية المصاحبة للرئيس، وللحق كان الرجل يصمت ويعمل بدوافع وطنية غير شخصية، رغم قوة نفوذه وتأثيره ولجوء الكثيرين إليه للنصيحة أو الشكوى.




ويقول عادل حمودة عندما نشرت وثيقة تصدير الغاز إلى إسرائيل، وسألت: كيف استولى حسين سالم على جزيرة التمساح فى الأقصر؟ ووجدت عمر سليمان يطلبنى ويقول لى: إن حسين سالم مستثمر وطنى ومش عاوزين نزعله، بدأ سليمان بعدها يشرح لى نظرية المخابرات العامة فى حماية الحدود، قال لى: إحنا أعطينا إسرائيل الغاز حتى تصبح فى احتياج لنا، فنحن نلاعب «قرود» نحاول السيطرة عليها حتى نؤمن حدودنا.

كان سليمان تركيبة رجل ثان، فضلا على كونه غارقا فى عالم المعلومات وسباقاته، بما يجعل لديه نوعا من القناعة بقوة ما يمتلكه.



كان مبارك يحرص على وجود دوائر مختلفة ومتعارضة أحيانا، ترضى شعوره بالاطمئنان لعدم وجود إمكانية لتحالف أمنى يمكن أن يطيح به، كان يرى فى كل من المشير طنطاوى واللواء عمر سليمان ابتعادا عن الطموح السياسى، كان سليمان يفضل العمل فى الظل، وبالرغم من سيطرته على ملفات كثيرة وامتلاكه المعلومات، لم يسع إلى استخدامها ضد مبارك ولم يتحرك فى أكثر الأوقات حرجا لينقلب عليه، كان حبيب العادلى وزير الداخلية يحوز ثقة مبارك، وأصبح قادرا على الظهور كوزير داخلية قوى بجانب المشير طنطاوى.

كان المشير طنطاوى من المعروفين بالولاء لمبارك طوال مدة خدمته، ولم يكن صاحب طموح سياسى، على العكس من المشير أبوغزالة، ولهذا كان أكثر وزير دفاع استمرارا، حيث قضى فى منصبه عشرين عاما، ومثل لمبارك صمام أمان، ولم يعط مبارك ثقته الكاملة لأحد، وحتى اللواء عمر سليمان الذى كان فى وقت من الأوقات أقرب المقربين له، والمرشح لخلافته، لم يكن مبارك يضع فيه كل ثقته، وكان حريصا على تشكيل الأجهزة الأمنية فى دوائر متصلة ومنفصلة، تنتهى عنده.

كان المشير محمد حسين طنطاوى قد وصل إلى منصب قائد الحرس الجمهورى ثم وزيرا للدفاع عام 1991. فى السنوات الأخيرة مع بداية الدفع بجمال مبارك للصورة، لم يكن المشير طنطاوى مرحبا به من جمال وسوزان، وبالطبع الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان مبارك، واللواء جمال عبدالعزيز السكرتير الشخصى الذى قال المقربون: إنه كان يشكل مع زكريا حلفا حديديا حول مبارك، وينسقان مع الحرس القديم وأيضا من استمروا يلعبون دورا مزدوجا مع مبارك وجمال فى الوقت نفسه.



ولم يكن طنطاوى من رجال سوزان ثابت، التى كانت ترى وتعرف أن الجيش ليس راضيا عن تصدر جمال مبارك للصورة، واقترابه من القمة، وهو من خارج المؤسسة، فضلا عما كان يظهر من تعبير عن الاستياء من صعود جمال، ونقل بعض المقربين من الرئاسة أن جزءا من أسباب إبعاد اللواء أبوالوفا رشوان فى نوفمبر 2010 من الرئاسة، ونقل عنه اللواء شفيق البنا أنه قال لمبارك مرة: «يا افندم أحمد عز هايودى البلد فى داهية فى الانتخابات دى»، واتهم زكريا عزمى بالاتفاق مع سوزان ثابت بعد اتهامه بأنه عين المشير طنطاوى بقصر الرئاسة.

وتصادم المشير طنطاوى مع زكريا عزمى عندما كان يتم عرض البوستة الخاصة بالجيش على مبارك من قبل كبير الياوران، حتى فرض زكريا عزمى هيمنته على الرئاسة، وجعل تعيين كبير الياوران فى يده حتى لا تكون البوستة العسكرية بعيدا عنه، لكن طنطاوى عرض تعيين سكرتير عسكرى، هو اللواء طيار مدحت عرفة، وبعد ثلاث سنوات أطاح به زكريا عزمى، وبعد هذا قرر طنطاوى أن يعرض بنفسه البوستة العسكرية على الرئيس حتى لا يطلع عليها أحد غيره.
وهذا كان مسار غضب لدى سوزان وجمال مبارك اللذين كانا يطلعان على جميع المراسلات باستثناء البوستة العسكرية والخاصة بالمخابرات العامة، التى كان يعرضها اللواء عمر سليمان بذاته على الرئيس.

طوال ما يقرب من ثلاثة عقود، حتى قبل سقوطه بعشرة أيام، ولا يفسرها سوى تحذير العرافة له من تعيين نائب، وقولها: إن نظامه سوف يسقط بعد عشرة أيام، وبالفعل فقد تنحى مبارك بعد عشرة أيام على تعيين عمر سليمان نائبا له، لمدة 12 يوما فقط بالرغم من أن اسمه كنائب أو خليفة ظل مطروحا لما يتجاوز 15 عاما. كان سليمان أحد عناصر استمرار نظام مبارك وصموده فى مواجهة التحولات الكبرى، ووصف بأنه «الصندوق الأسود لمبارك».. لكن ولاءه ورفضه وقف التدهور الذى كان يراه، كان أحد عناصر الإسراع بسقوط النظام.








"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 38.. مبارك تحت حصار المرض وزكريا عزمى.. سوزان أجبرته على إلغاء قرار تعيين عمر سليمان نائباً مرتين.. مبارك خرج بعد انتشار شائعة موته يقول:«مش لاقى حد ينفع يترشح»


"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 37.. مبارك والشاطر والإخوان.. من التحالف للصدام .. رسالة الجماعة لرئيس المخابرات: لا نسعى إلى الحكم وعلى استعداد تقديم ضمانات ..ورد مبارك: "اتركوهم يعملوا"



"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 36 ..مبارك والعادلى.. الأمن والسياسة ..مبارك تردد فى تعيين العادلى بعد حادث الأقصر وفكر فى تعيين وزير من الجيش لولا تحذير زكريا عزمى




"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 35 ..مبارك وتحالف جمال وزكريا عزمى وأحمد عز.. أحمد نظيف يقدم سجل إنجازاته فى خمس سنوات ويتحدث عن نسبة النمو ويتجاهل الفقراء.. زكريا عزمى يلعب دوراً مزدوجاً



"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. الحلقة 34.. مبارك يترشح وجمال يحكم..ترشح مبارك وفاز لكن جمال هو الذى كسب المزيد من السلطة داخل الحزب والحكومة وسيطر على حكومة نظيف



"أحلام السلطة وكوابيس التنحى".. حلقة 33.. مبارك سافر لإجراء جراحة خطرة بألمانيا وقال: اعتبرونى إجازة ورفض تعيين نائب.. أعلن تعديل الدستور من مدرسة المساعى المشكورة وعاد للمنوفية بعد غياب نصف قرن



مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 32.. مبارك وجورج بوش والفرص الضائعة..نجا مبارك من حرب الخليج الأولى والثانية وأصر على التلاعب بمطالب الأمريكان بين التغيير والهروب

للاطلاع على المزيد من حلقات مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" أضغط هنا










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة