ظهر نابليون بونابرت فى يوم الاحتفال بالمولد النبوى متدثرا بالعباءة الشرقية، وأعلن نفسه حامى حمى الأديان كلها، وانتشرت الحماسة بين الناس الذين أجمعوا على تسميته باسم "على بونابرت"، وصاروا ينادونه، فما سر هذه التسمية، وكيف استقبلها نابليون؟
كان "نابليون" قد احتفل مع المصريين بعيد "وفاء النيل"، غير أنه لم ير فيها أكثر من مهمة علاقات عامة حسب تعبير المؤرخ الأمريكى "خوان كول" فى كتابه "مصر تحت حكم بونابرت"، ويقول إن "نابليون" تطلع إلى المناسبة التالية وهى "المولد النبوى"، وعقد العزم على أن يحقق من خلاله نجاحا، وقال فى رسالة إلى الجنرال "فيال" بدمياط: "أتصور أنكم تخططون للاحتفال بالمولد النبوى بقدر أكبر من الفخامة، إن احتفال وفاء النيل اتصف بالجمال، والاحتفال بالمولد النبوى سيكون أكثر جمالا".
ويضع "ج. كروستوفر هيرولد" فى كتابه "بونابرت فى مصر" تصميم نابليون على الاحتفال بـ"المولد النبوى" فى سياق أوسع قائلا: "هو أول سياسى استغل الدعاية بمعناها الحديث استغلالا كاملا، فعزم على أن يربط نفسه وجيشه وبين الاحتفالات التى تحيى ذكرى أحداث منحت أهل مصر رزقهم ودينهم".
يذكر "الجبرتى" أن الشيوخ عزفوا عن الاحتفال بالمولد النبوى فى ذلك العام، غير أن "بونابرت" ما إن علم بنياتهم حتى ألح عليهم أن يعيدوا النظر فى قرارهم، فرد عليه الشيخ "خليل البكرى" بالاعتذار لأن الموقف يتصف بعدم الاستقرار، وأن عليه القوم لا يتوافر لديهم المال اللازم لرعاية الاحتفال، فتبرع "بونابرت" بـ"ثلاثمائة فرنك فرنسى" إلى الشيخ البكرى لتمويل الاحتفال.
نية عدم الاحتفال بـ"المولد" امتدت إلى باقى أقاليم مصر، وحسب ما يذكره "كولن" نقلا عن الفنان "دومينيك فيفان دينو" الذى رسم بروتريه لـ"فولتير"، وكان مرافقا للحملة، أن مفتى "رشيد" قرر عدم الاحتفال به كى يبعث برسالة إلى الأهالى برسالة فحواها أن الفرنسيين يعارضون أحد أكثر المناسبات الإسلامية قداسة، وانتبه الجنرال "مينو" فقرر إقامته فى الساعات الأخيرة، فأمر المفتى بتنظيم المناسبة.
بدأ الاحتفال فى مثل هذا اليوم "20 أغسطس 1798" قبل موعده الرسمى بثلاثة أيام، وخرج أهل القاهرة يرفعون المصابيح الملونة على الأعمدة فى موقعين بالأزبكية مما كان له أجمل الأثر عندما حل المساء، وفى العاشرة مساء اتجهت مسيرات المسلمين الأتقياء من أحياء المدينة إلى المساجد المختلفة يقودها رجال يحملون المشاعل، أو الثريات الكبيرة التى تحمل كل منها أربعين مصباحا، واخترق الموكب طرقات القاهرة ليلا وسط صياح الجموع، ويقول "مواريه" إن أهل المدينة طافوا بالطرقات، تميزهم علامات تدل على مكانتهم الاجتماعية أو صناعتهم، يصحبهم العبيد الذين يحمل بعضهم السلاح ويحمل بعضهم الآخر المشاعل، وفى الأزبكية رفعوا صورة زخرفية لقبر الرسول فى المدينة، وتواصلت الاحتفالات حتى يوم 23 أغسطس ومعها تستمر قصة تسمية "على بونابرت".
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 أغسطس 1798.. نابليون يقرر بدء الاحتفالات بالمولد النبوى ويتبرع بـ300 فرنك فرنسى بعد شكوى الشيوخ بعدم توافر المال
الأربعاء، 20 أغسطس 2014 09:09 ص
نابليون
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة