أكرم القصاص - علا الشافعي

جديد كتاب الهلال فتنة الإبداع فى "الجميلة والمقدس"

الخميس، 04 سبتمبر 2014 03:02 م
جديد كتاب الهلال فتنة الإبداع فى "الجميلة والمقدس" غلاف الكتاب
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر، اليوم الخميس، كتاب "الجميلة والمقدس" فى سلسلة "كتاب الهلال" للشاعر المصرى فتحى عبد السميع والذى يتقصى فيه فتنة الإبداع.. القصصى والشعرى والروائى والمسرحى، انطلاقا من ولادة الفنون جميعا من رحم الطقوس والأساطير، ولم تنفصل مسيرتها عن فكرة المقدس، إلا فى العصر الحالى، الذى بات يفرض تحديا جديدا، فى ظل الشكوى من ماديته المتوحشة، الأمر الذى يدفع المبدعين لمواجهة الشرك المادى الكبير، محاولين استعادةَ الحكمةِ المفقودة، وتحقيق التناغم بين الروح والعقل، وهُم بذلك يدخلون فى الرحاب الواسع لفكرة المقدس.

الكتاب يعنى بفكرة المقدس على مستوى الشكل والمضمون، فى عدد من النصوص المعاصرة، مع رصد طبيعة اشتباكها مع الظواهر الإنسانية التى ارتبطت بالمقدس ممثل السحر، والأسطورة، والخرافة، والتصوف، وحكايات الجان وخطاب الخوارق وغيرها.

ويؤمن الكاتب بأن الكتابة عندما تتجرد مِن الجمال تصبح كيانا يسهل طردُه مِن جنة الإبداع بلا أسفٍ، مهما تكن القيمة المعرفية التى تحملها تلك الكتابة، فالكتابةَ التى تحوى قدرا عاليا من الجمال ننمتى إليها حتى لو اختلفنا مع رسالتها المعرفية، ولا يمكن أن نتجرأ ونَصِفَها بالتفاهة، فالمبدع الذى يضع عينَه على جمال الكتابة كجوهرِ عملِه لا يمكن أن يصدر عنه نصٌّ تافه، والإنسان عموما كلما تَرَقى فى اكتساب ثقافة التلقّى الجمالى كلما ابتعدَ عن السطحية والتفاهة.

تجربة الكتابة، فى رأى المؤلف، تتقاطع مع تجربة المقدس، وتتداخل معها، ففى لحظة الكتابة ينقسم العالم إلى عالمين مختلفين، ومتمازجين فى نفس الوقت، عالم الواقع، وعالم الخيال، العالم الدنيوى الذى يغرق الكاتب فى تفاصيله، خارج الكتابة، والعالم الآخر الذى يدخله المبدع أثناء الكتابة، ويدُخلنا إليه كقرَّاء لاحقا. وقد كانت العلاقة بين المقدس والدنيوى، هى المدخل الذى دخل منه الكثير من الباحثين لمحاولة استيعاب فكرة المقدس، وقد ذهب البعض إلى أن المقدس هو نقيض الدنيوى، وهذا القول كان زائفا، كما يذه فتحى عبد السميغ؛ فكلا العالمين ـ المقدس والدنيوى ـ يتحدد بالآخر.

فى المقدمة يسجل الكاتب أن الكاتب الحقيقى يعتبر الكتابة مغامرة غير مضمونة العواقب، وأنه يضرب فى المجهول، وهو يتمتع أثناء الكتابة بحرية لا يتمتع بها فى وجوده الواقعى خارج لحظة الكتابة، وهو فى مغامرته لا ينفصل عن الواقع الذى يعيشه، لكنا أيضا وفى نفس الوقت يتحرر منه، ويتواصل مع أعماقه الدفينة، ويبنى واقعا جديا مختلفا من مشاعره قبل أفكاره، ومن خياله قبل تفاصيل واقعه المعتادة والمألوفة، والكاتب فى لحظة الكتابة لا يعرف النتيجة، فقد تنتهى المغامرة بحالة إحباط، وعدم قناعة بما يكتب، تجعله يدمر ما كتبه، أو يعكف على تدميره جزئيا من خلال عملية المحو والإضافة، وقد تنتهى الكتابة بهدية حين تسفر عن نص مدهش.
ارتباطَ الكتابةِ بالمقدس ارتباطُ فرعٍ بالأصل، فكل الفنون الجميلة نبتت من رحِم العلاقة بين الإنسان والمقدس، بدليل وجود الآثار القائمة.. عمارةٍ ونقوش ومنحوتات ما زالت تُدهِشنا بجمالها وروعتها، وكل تلك الآثار لم يتم إبداعُها لغايةٍ جمالية، بل لعلاقة معينة مع المقدس هى التى أسفرت عن كل ذلك الجمال، ومن العجيب أن تذهب تلك العلاقة بانهيار المعتقدات القديمة، بينما تَبقى الآثار، وهذا فى حد ذاته يشهد على قوة الجمال التى تفوق قوةَ المعتقد، فبينما تتأثر المعتقدات بتقلبات الزمن، يبقى الجمال متعاليا على تلك التقلبات، وهذا فى حد ذاته يربط الجمالَ بالمقدس، وإنْ لم يكن بالصورة الشائعة عن المقدس.

ومن الأعمال التى يطبق المؤلف، الشاعر عليها فكرته ديوان "كتاب المحو" لأحمد فؤاد جويلى، وديوان (واحد يمشى بلا أسطورة" لأشرف البولاقى، وديوان "قبّلت وردتها" لمحمود الأزهرى، وديوان "موسيقى البراح" لبهاء الدين رمضان، ورواية "رقص إفريقى" لعصام راسم فهمى، ورواية "بغل المجلى" لعبد الجواد خفاجى، والمجموعة القصصية "العودة إلى جوبال" لسعيد رفيع، وقصة "يوميات فى حياة شخص عابر" لأحمد حسين الدقر.

ميزة الكتاب أنه يمد اليد للقارئ ليعيد اكتشاف الجمال، فالطابع الجمالى، هو الذى يرفع شأن الكتابة، والكاتب ينظر للعالم نظرة جمالية بالأساس، فهو يعيش أثناء الكتابة حالة جمالية، ولا ينظر للعالم نظرة نفعية، أو من خلال نشاطه العقلانى فقط.

والحالة الجمالية ترتبط بالغبطة والرضى والانفعال والمتعة والسعادة، ولا يُقصد بالجمالية هنا السمات المتصلة بالأعمال الفنية فحسب، بل "علينا أن نتبينها انطلاقا من المعنى الأصلى للمصطلح ،ألا وهو "الإحساس" إنه انفعال وإحساس بالجمال والإعجاب والحقيقة، وحين يصل إلى الذروة يصبح إحساسا بالسمو، وتولد الجمالية عن العروض أو الفنون، وعن الروائح والعطور، وتذوق الأطعمة أو المشروبات، ومن مشاهد الطبيعة، ويمكن أن تولد حتى من نتاجات لم تكن فى الأصل ذات مقصد جمالى، مثل الطواحين الهوائية القديمة، أو قاطرات الفحم القديمة، ويمكن أن تصبح الأشياء الأكثر تقنية كالسيارة والطائرة زاخرة بالجمالية.











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة