أكرم القصاص - علا الشافعي

تامر عبدالمنعم

وِسط البلد

الثلاثاء، 05 مايو 2015 08:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حظيت بقراءة النسخة الأولى من سيناريو وحوار فيلم عمارة يعقوبيان، الذى قام بكتابته الأستاذ الكبير وحيد حامد، وكان هذا قبل ترشيحى لدور فوزى عزام الذى مثلته فيما بعد بالفيلم.. لقد قرأت السيناريو بصفتى أحد تلاميذ الأستاذ وحيد حامد، وقت أن كنت طالبا بقسم السيناريو بالمعهد العالى للسينما فى تسعينيات القرن الماضى، وقد امتدت به علاقتى إلى يومنا هذا حيث أرتاد زيارته كلما سمح الوقت بذلك، وعلى الرغم من أننى أصبحت زميلا له ككاتب فإنه كان وسيظل الأستاذ الكبير الذى علمنى.. قرأت السيناريو وقد كانت بدايته مختلفة عن البداية التى صورت بالفيلم، فقد كانت بداية السيناريو بلقطة عامة لحى وِسط البلد بمدينة القاهرة، ومن ثم يدخل صوت الراوى الذى يُقَدم الفيلم بصوته «النجم يحيى الفخرانى» ليروى للجمهور ملخص عن الجو العام للفيلم، حيث يبدأ بالقاهرة الخديوية فى عهد الملك وبعدها ثورة يوليو و56 وبعدها 67 فالانفتاح، فتسعينيات القرن الماضى حيث الزمن الذى تدور فيه أحداث الفيلم، أتذكر جملة قد تأثرت بها للغاية وقت قراءة هذه النسخة وكانت على لسان الراوى حيث قال: «بُنيَّت عمارة الخواجة يعقوبيان فى شارع سليمان باشا بمنطقة وِسط البلد أيام ما كان البلد ليها وِسط... إلخ»، أيام البلد ما كان ليها وِسط؟! يا لها من جملة يا عم وحيد.. وكأن لكل شىء وِسط يحافظ على توازنه ويفصل بين الأشياء والأجزاء ويحزمها حتى البلاد.. تشبيه عبقرى ليس بغريب على كاتب كبير مثل الأستاذ وحيد الذى يعد من أفضل ثلاثة كُتاب سيناريو بالمنطقة وأهم كاتب حوار دون منازع.

تذكرت هذه الجملة حين كنت أسير بسيارتى مع صديق عزيز بمنطقة وِسط البلد يوم الجمعة الماضى، حيث وجدت حالة من حالات الانضباط بشوارعها بعد إخلاء الطريق من الباعة الجائلين ورأيت المبانى العتيقة وقد تَوَّحدت ألوانها جميعا لتبرز روعة وعظمة طرازها المعمارى الفريد، ووَجدت الجدران وقد أزيلت من عليها آثار كل ما كُتب وعُلق عليها من شعارات السنوات الأربعة الماضية التى تنوعت بين سَب القوات المسلحة والرئيس مبارك ومزيج من الشعارات الإخوانية والرسومات الخاصة بالألتراس وبعض صور الدعايات الانتخابية، سواء للرئاسة أو للبرلمان والنقابات.. إلخ، لاحظت أيضًا أن هناك حالة من حالات التواجد الأمنى المكثف الذى قد غاب تماما منذ 25 يناير.

صحيح كل شىء يلزم له وِسط وربما تكون البلاد أكثر احتياجا له لسبب بسيط يكمن فى أن البلاد هى التى تحتوى ملايين البشر الذين سيعيشون الفوضى والتخلف فى حال انعدام وانكسار وِسط بلدهم، والتجربة لدينا فى مصر أثبتت صحة هذه النظرية.. عشنا بدون وِسط فخرجت علينا أفكار من البالوعات، وطفح على سطح المجتمع وتصدر المشهد بشرٌ كان هدفهم وشغلهم الشاغل أن ينحنى وِسط البلد ويتلاشى تدريجياً، إلا أن القدر تدخل فى الوقت القاتل وقامت «30 يونيو» لتصحح الأوضاع وتحمى وِسط البلد من أى انكسار.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة