أكرم القصاص - علا الشافعي

خالد أبو بكر يكتب:جهاز المخابرات العامة المصرية ينعى محمود عبد العزيز.. إشارة واضحة من الدولة وتقدير محترم لفنان احترم فنه فى زمن قل فيه الاحترام

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016 04:00 م
خالد أبو بكر يكتب:جهاز المخابرات العامة المصرية ينعى محمود عبد العزيز.. إشارة واضحة من الدولة وتقدير محترم لفنان احترم فنه فى زمن قل فيه الاحترام خالد أبو بكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عرفت الفنان محمود عبد العزيز، فى السنوات الخمس الماضية، كنا دائما نتقابل على طائرة مصر للطيران القادمة أو الذاهبة إلى باريس وكنا نتحدث كثيرا تليفونيا إذا ما أراد شيئا من فرنسا بحكم اتصالنا بهذه البلد التى شهدت ذكريات كثيرة من حياته.
 
وبحكم الحياة فى الدول الأوروبية لما يزيد عن العشر سنوات، أستطيع أن أشرح لك عزيزى القارئ عن الهوية المصرية، وهى كلمة تحتاج إلى كتب فى شرحها وتفسيرها مختلف من مثقف إلى آخر. 
 
لكننى آراها باختصار هى كل شىء فيه رائحة مصرية خالصة ولا تتخيلوا حجم التعطش لهذه الهوية المصرية، وأنت وحيدا فى بلاد تتعدد فيها الثقافات مثل فرنسا.
 
وتحارب فيها ثقافيا وأنت تستند على أسلحة إبداعية من تراث المصريين ومن حاضرهم تحاول بها أن تثبت للغرب بتنوع ثقافاته أننا كنا قبلكم  وأننا مستمرون فى العطاء للإنسانية بكل أطيافها.
 
وتأتى وسط الجاليات العربية لتجد نفسك مميزا بحكم انتشار اللهجة المصرية بينهم، وتسأل لماذا يتحدث المغربى أو الجزائرى اللهجة المصرية ويفهمها بسهولة؟ سيقول لك باختصار أنه يشاهد الأفلام والمسلسلات المصرية، وهنا لابد أن تقف كثيرا لتعرف أهمية هذا السلاح فى خدمة الهوية المصرية.
 
نعم.. إنه سلاح بمعنى الكلمة تستطيع الدولة أن تستخدمه فى أى لحظة لخدمة قضاياها وللتعريف بدور مؤسساتها وللتأريخ لبطولاتها العسكرية.
نعم ، السينما والدراما فعلا ذلك ويفعلان ، تذكروا فيلم الإرهابى لعادل إمام ومن ينسى جمعة الشوان  وفيلم السادات لأحمد زكى والمجموعة الرائعة من الحلقات التى جسدها الراحل محمود عبد العزيز عن رأفت الهجان.
 
نعم، لو كانت الدولة اختارت أى طريق آخر للحديث عن بطولات رجال المخابرات العامة لما نجح مثلما نجحت الدراما فى توصيل المعانى المستفادة من هذه البطولات. 
 
لذلك لم يكن غريبًا إطلاقًا أن يتوجه جهاز المخابرات العامة المصرية وقائده سيادة اللواء خالد فوزى بأن ينشر عزاء فى الصحف المصرية باسم الجهاز ينعى فيه الفقيد محمود عبد العزيز.
 

وكان من الممكن أن يكتفى بإرسال مندوب للتعزية لكنه كان قاصدا ما يفعل لما له من معنى. 

وهذه رسالة واضحة من الدولة، ومن أرفع أجهزتها أننا نقدر الفن ونضع فى حسباننا أن بهذا الفن وصل إلى الناس ما كنا سنعجز على أن نوصله، فإذا ما قررت الدولة طبع كتاب عن رأفت الهجان كم منا كان سيقرأه؟ وداخل مصر أم خارجها؟ لكن على الجانب الآخر عندما جسد الراحل محمود عبد العزيز هذه الشخصية أصبحت جزءا من ذاكرة كثير منا وكثير من أشقائنا العرب.
 

لهذا ولكثير من الأسباب قدر جهاز المخابرات دور الدراما والفن فى خدمة قضايا الوطن. 

وهل تعلم عزيزى القارئ أن للسينما الأمريكية دور كبير فى الترويج لسياساتها وأن هوليود جزء من تفوق أمريكا فى العالم؟ 
وهل تعلم أن الدراما التركية جزء من الناتج القومى التركى، وأنها سبب هام للترويج للسياحة التركية، فالإبداع فى تصوير المشاهد فى الجزر التركية أدى إلى شغف كثيرين للذهاب إليها. 
 

لذلك علينا أن نعرف قوة مصر الناعمة ونقدرها ونحاول استغلالها فى خدمة قضايانا.

من منا لم يشاهد استقبال الرئيس التونسى السيسى للزعيم عادل إمام من منا لم يرَ هذه الحفاوة فى الاستقبال، كل ذلك لأن الدول العربية تعرف تمامًا حجم هؤلاء الفنانين الكبار ومدى تأثيرهم على وجدان الشعوب.
 
إن جهاز المخابرات العامة المصرية بين جنباته بطولات لم نعرف أو نسمع عنها حتى الآن بحكم القانون وبحكم طبيعة عملهم، بل ولحظة كتابة هذه السطور هناك الكثير منهم الذى ترك بيته وأولاده وذهب ولا يعرف إن كان سيراهم ثانية أم لا منفذ لأوامر لا تقبل النقاش ولا التأخير وقاصدا وجه الله ورفعة وسمو بلده.
إن كل هؤلاء لا نعلم حتى أسمائهم ولا أى شىء عما يفعلون فقط نتلقى نتائج عملهم دون أن ينتظروا منا شكرا. 
 
إننى أدعو كل فنان مصرى بكى على فراق محمود عبد العزيز، أن يحول هذه الدموع إلى إبداع آخر لخدمة الفن والقضايا الوطنية، إن محمود عبد العزيز سيكون أكثر سعادة عندما تكفون عن البكاء وتبدأون فى العمل. 
 
وإننى أدعو جهاز المخابرات العامة إلى أن يخرج للنور، كلما أمكن، جزء من بطولات رجاله والتى هى حق للشعب أن يعرفها حتى يتم تجسيدها فى أعمال درامية. 
 
كما إننى أرى أن فى الخمس السنوات الماضية من الأحداث السياسية الغنية بحلوها ومرها، والتى يستطيع أى مبدع أن يستخلص منها كثير من الزوايا الدرامية التى يمكن أن تجسد فى أعمال فنية.
 
لقد كانت سنة حكم الإخوان بسوادها مثالا على اعتناق البعض لفكر منحرف قد يؤدى إلى ضياع الهوية المصرية بأكملها وهذا شىء فى غاية الخطورة.
 
فحرب الفكر أصعب بكثير جدا من الحرب على الأرض، وانظروا إلى فكر داعش وانتشاره فى الدول الأوروبية ومدى تأثير ذلك على هذه المجتمعات وحجم الإرهاب الذى شهدته العواصم الأوروبية فى الفترة الأخيرة، كل ذلك سببه فكر متطرف يستطيع أصحابه تجنيد غيرهم عن طريق بث هذه الأفكار داخل عقولهم.
إن جزءًا من مسؤولية جهاز المخابرات هو الأمن القومى المصرى، والفكر المتطرف هو أخطر ما يواجهه أى مجتمع، لذلك فإن احترام أصحاب الفكر المستنير وتشجيعهم على مزيد من العطاء هو واجب على كل أجهزة الدولة.
 
رحم الله محمود عبد العزيز، وتحية لجهاز المخابرات على هذه الإشارة التاريخية، وإلى كل فنان مصرى بلدك تنتظر منك الكثير فى هذه المرحلة، وكل منا له ميدان حرب يضحى فيه لرفعة وازدهار هذا الوطن.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

لمياءعلي

مقال محترم

تعجبني مقالات خالد ابوبكر مقال رائع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة