مصطفى أسامة محمود يكتب: مغترب ولكن

الإثنين، 01 فبراير 2016 04:03 م
مصطفى أسامة محمود يكتب: مغترب ولكن مطار القاهرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طاقة غير طبيعية من المشاعر الإيجابية المتفائلة تعم المكان وابتسامة ساطعة صادقة ترتسم على وجه كل من يحبون لك الخير بمجرد سماعهم نبأ سفرك للعمل بالخارج وخاصة إذا كان سفرك لإحدى دول الخليج لدرجة أن منهم من يبادرون ويعطوك هذه النصيحة القيمة وهى ألا تخبر أحدا بموضوع سفرك هذا حتى تكتمل كل الإجراءات بشكل نهائى !

إن كل هذا التفاؤل ليس من فراغ فبالطبع هناك أسباب وراء ذلك فالسر وراء ذلك أنك أولا ستسافر إلى دولة عربية إسلامية لا تختلف عاداتها وتقاليدها كثيرا عما نحن فيه فى بلادنا بل وقد تكون أكثر التزاما وتدينا –على حسب تخيلهم_ فهنيئا لك بهذه الأرض الصالحة التى ستزيدك التزاما ماديا أولا بالطبع وأخلاقيا ثانيا. فكثيرا ما نسمع عن من يسافرون للدول الأوروبية ويعانون من اختلاف العادات والصدمات الحضارية مما تؤدى بهم دائما إلى النهايات المأساوية كما يرد دائما فى الروايات، لكن وضعك بالطبع سيكون أفضل وخاليا من الصدمات –على حسب تخيلهم_ستصبح إنسانا آخر، إنسانا سعيدا خاليا من المشاكل تماما فما الذى سيعكر صفو إنسان يعمل فى الخليج فهناك الرواتب ممتازة تساوى الآلاف حين تقارنها بعملة بلدك –على حسب تخيلهم _فستعيش فى بلد غنى فى كل شىء وسيصبح كل شىء متاح إضافة إلى ذلك فستكون محط أنظار كثير ممن ينتظرون زوجا غنيا لبناتهن حتى ينهض بها وبهم فسوف ينالون جانبا من هدايا وثروات الخليج.

فكل هذه كانت بدايات تبشر بنهاية سعيدة لهذا الفيلم الخيالى الذى صاغ مقدمته المحيطون بك، أما عن النهاية فهى بعيدة جدا عن تصورهم ولاسيما أنهم قد لا يفكرون فيها من كثرة اطمئنانهم لبداية الفيلم المبشرة.

أعزائى المشاهدين مع احترامى لكم أنتم مجرد مشاهدين فقط لهذا الفيلم الخيالى فليس كل ما تشاهده أو تسمعه حقيقة فالواقع بعيدا تماما عن الأفلام الخيالية، فبطل هذا الفيلم الذى وضعتم له كل هذه البدايات المبشرة يتحول فجأة لكائن تائه مصدوم يعبر بمراحل وبمشاعر متضاربة قد لا تخطر لك ببال فقد يرجع البعض سبب ذلك للبعد عن البلد والأهل والصديق ولكن هذه أبسط الأشياء، فو من كثرة الصدمات قد يفقد توازنه لدرجة أنه سيفقد الثقة فى من حوله وقد يفقدها أيضا فى درجة إيمانه بالمبادئ والمفاهيم التى آمن بها من قبل إلى جانب أنه سيكتسب مشاعر جديدة لم يكن قد شعر بها من قبل فسيضع نفسه فى محل من يعانون من ويلات الحروب ولم يجدوا ملجأ آمنا فى بلادهم فاضطروا للهجرة واللجوء لبلد ما، فاسألوه عن شعور هؤلاء اللاجئين فهو يعرف الإجابة جيدا، واسألوه أيضا عن شعور الآخرين الذين يصممون على العيش فى بلادهم رغم كل الظروف القاسية سوء كانت ظروف احتلال خارجى أو احتلال داخلى من قبل نظام فاسد لا يفكر سوى فى السلطة.

فالبطل عليه أن يكمل الأحداث إما مستسلما للمبادئ الجديدة المغلوطة، أو أن يتظاهر باقتناعه بها ويكمل الأحداث على أمل التغيير.

فأعزائى مشاهدى الفيلم الخيالى الذى يحمل عنوان (السفر للخليج)، لا تسبقوا الأحداث وحاولوا أن تعيشوا الأحداث بأنفسكم بدلا من المشاهدة من على بعد مع العلم بأنه ليس هناك مقدمات أو نهايات ثابتة.











مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة