أكرم القصاص - علا الشافعي

إبراهيم خلف يكتب: ثقافة الاعتذار المفقودة

الخميس، 15 يونيو 2017 10:00 ص
إبراهيم خلف يكتب: ثقافة الاعتذار المفقودة شخص يعتذر لآخر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما أثقل قول "أنا أسف" على النفس وما أبغضه، هو اعتراف بأنك كنت غير موفق فى كلمة قولتها أو تصرف قمت به أو حتى رد فعل صدر منك، أن تعتذر عن شىء فعلته معناه أن وعيك كان منقوصا وتقديرك كان به عوار وأنت تفعله، هو أمر الاعتراف به ثقيل جدا ومرهق على النفس، فالكل يريد أن يظهر فى صورة كامل كمال الكامل ولا يخرج منه العيب أبدا، الكل يتبارى فى تنزيه نفسه عن النواقص والحرج، فتجد هذا يخطئ ويحاول التبرير، وهذا يخطئ ويبدأ الفلسفة، وذاك يخطئ ويتفنن فى إيجاد مخرج يرفع عنه أن يواجه فعل الاعتذار، ويبقى الهروب من الاعتذار هو الحل الأسهل من مواجهته، ثقافة منتشرة فى مجتمعنا وعلينا أن نحاول تغييرها.

 

مخطئ من يعتقد أن الاعتذار يقلل من قيمته، هو لا يفهم كيف يكون له قيمة فى عيون الناس، مخطئ من يستقبل الاعتذار على أنه ضعف، هو لا يفهم قيمة أن يكون أمام شخص يأسف على خطئه، ومخطئ من يفرط فى قوله، هو لا يفهم أن كثرته دليل على تشوه شخصيته، ومخطئ من يفرط فى التأكيد عليه، هو لا يفهم أن الاعتذار لا علاقة له بالمذلة، ومخطئ من يطالب به دون وجه حق، هو لا يفهم أصول المعاملات وحدودها، ومخطئ من يعتذر دون أن يخطئ أصلا، هو لا يفهم فى كيف تكون عزة النفس والكرامة.

 والأكثر خطأ من الكل هو من يتعالى عن قبول الاعتذار، يرفضه أو يجعلك تبذل مجهودا سخيفا فى إرضائه ليصفح عن خطئك، هذا المتعالى لا يفهم أن بذل مجهود كبير لإرضائه سيجعل الحماس لإرضائه يقل يوما بعد يوم حتى يتلاشى تماما. المسألة توازنية بكل المقاييس، ولتكون صحيحة تحتاج حدودها اقتراب صحيح لا فيه نقص ولا زيادة، ولتعرف هل أخطأت ويجب عليك الاعتذار أم لا، بكل بساطة ابعد عن مقعدك، بدل الأماكن وضع نفسك فى مكان الطرف الثانى، حاسب نفسك ولومها، قومها ولا تتركها تتفرعن حتى لا تفقد التحكم فيها يوما، وتفقد قيمتك التى كنت حريص على تعزيزها.

 

المعاملة بالحسنى ليست ضعفا، والتجبر ليس قوة، وثقافة الاعتذار الغائبة لو استحضرناها ستتغير الحياة يقينا للأفضل، لأن مستوى الحوار سيتغير، ولا أبالغ عندما أقول إن حل جميع مشاكلنا الاجتماعية والأخلاقية يبدأ من تدارك الخطأ والاعتذار عنه.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة