كأن رمضان يدخل كل بيت مصرى جالباً معه الأحاديث والحكايات و جو السهرات، فبطبيعة المرأة المصرية تحب الكلام والتحدث فى مختلف الأمور مع صديقاتها ولكن من الأمور الغريبة أن تتقابل مجموعة من النساء لأول مرة فى مكان لا يعرفون بعض من قبل وعلى الرغم من ذلك ينخرطن فى محادثات عميقة لا تنتهى، تبدأ بالفضفضة وتصل للقرارات الحاسمة فى نهاية اللقاء، وهى السمة الغالبة على أى تجمع نسائى بداية من عربيات المترو، وصالونات التجميل، وحتى صلاة التراويح فى مصلى النساء.
لكى تتعرف على حكايات السيدات عن قرب يمكنك التقاط أطراف الحديث فى كوافير حريمى، يكتظ المكان بالنساء بعد الإفطار مباشرة، وما أن تستقر كل امرأة فى مقعدها وتبدأ الثرثرة التى تمتد لتشمل المكان بالكامل، تشارك فى الحديث كل من شعرت أن الكلام اقترب منها بشكل شخصى فتنفتح حكاية أخرى أكثر إثارة من السابقة، اليوم السابع كان ضيف أحد صالونات التجميل الحريمى بعد الإفطار، فى محاولة لفك شفرات قعدة رغى نسائية مبهجة.
صورة أرشيفية
طبختوا إيه على الفطار النهارده؟ كنافة بالجبنة ؟؟ بتعمليها إزاى؟؟
ما أن تبدأ واحدة فى سرد أصناف مائدتها حتى تشعر من تجلس بجوارها بالغيرة الشديدة، فتتدخل مقتحمة الحديث لتثبت أن سفرتها هى الأقوى، فتقول "وأنا كمان كنت عاملة عزومة النهارده ووقفت فى المطبخ طول النهار"، وليست المنافسة وحدها هى ما تجذب أطراف الحديث، فعندما وصلت السيدة الأولى لما قامت بإعداده من حلو، أسرعت الثانية بإخراج ورقة وقلم لتدوين طريقة عمل الجلاش بالجبنة الموتزاريلا، فهى بالطبع وصفة لا يمكن تفويتها، وفرصة قوية أيضاً لـ"صحوبية" مع زميلتها الجديدة فى "الكوافير" التى تعرفت عليها من نصف ساعة فقط.
فى دائرة مغلقة تجمعت 5 نساء تسردن ملامح عزومات أقارب أزواجهن، تحكى كل واحدة منهن ما قامت بطبخة وما فعلت "حماتها " وأخوات زوجها فى تلك العزومة، حتى أن إحداهن سردت تفاصيل ما حدث من خلافات مع زوجها بسبب تكاليف تلك العزومة، وبدأت الأخريات فى مواساتها وإسداء النصائح إليها فى كيفية تدبير أمورها والتوفير فى الإنفاق .
تحاول النظر بعيداً فترى إحداهن تصف لصديقتها التى تعرفت عليها فى الصالون ولا تعرف حتى اسمها طريقة عمل المهلبية وكيفية ضبط طعمها، يعلو صوتها باندماج شديد وصل للعزومة، فقالت بحماس فى نهاية الوصفة "لو خلصنا بدرى تعالى دوقيها عندى".
رغى بنات
ستات مصر بيتابعوا مسلسلات إيه؟
تنحرف دفة الحديث إلى "المسلسلات" فيتغير "مود القعدة تماماً، تدخل إحدى الزبائن فى الحديث متحدثة عن أفضل المسلسلات التى تعرض فى سباق الدراما الرمضانية، فتنضم إليها النسوة فى الصالة، ليفتح الجدل حول ما تتابعه السيدات من المسلسلات هذا العام.
لأعلى سعر
مسلسل لأعلى سعر كان واحد من أهم نقاط الحديث، حيث أكدت كل الحاضرات أنهن يتابعونه بقوة وحماس يومياً، وتساءلت إحداهن: "هو ده بيحصل حقيقى؟ إن واحدة تسيب حياتها وأحلامها عشان راجل؟؟" فترد عليها أخرى من آخر مكان فى الصالون قائلة "نعم.. طبعاً بتحصل كثير" ولم تكتفِ بهذه الجملة بل تطعم حديثها بمجموعة من القصص لنسوة تعرفهن حق المعرفة ممن تركن حياتهن وضحين بالطموح والعمل بل والأهل أحياناً للحياة مع رجل، تنخرط الزبونة فى الحكى عن نماذج تعرفها من الواقع فعلت مثلما فعلت نيللى كريم فى أحداث المسلسل، وتتدخل النسوة فى سرد قصص مماثلة والتصعب على أحوال السيدات، قبل أن تقلب حكايات المسلسل لتسرد كل واحدة حكايتها الخاصة مع زوجها أو حياتها.
يأتى الدور على إحداهن فينقطع الكلام، وتتغير موضوعات المناقشة، حتى تنتهى الأدوار واحدة تلو الأخرى فيبدأ التجمع فى التسرب إلى كرسى التجميل ثم إلى الشارع بعد الانتهاء مما جاءت على الصالون من أجله، تنصرف السيدات منشغلات بحكايات وأحاديث أخرى بعد ساعة أو أكثر من الوقت المستقطع داخل واحدة من دوائر الستات الخاصة جداً، لا تخل من البهجة، ولا تتوقف فيها المفاجأت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة