حكايات الأنبياء بأرض الكنانة.. هل إدريس هو أوزوريس.. ما العلاقة بين إخناتون وموسى.. لماذا زار إبراهيم مصر.. وأين عاش الحكيم لقمان؟.. يوسف عاش قريبا من الإسماعيلية.. وهذه الأماكن باركها المسيح

مصر أرض التاريخ ومهد الديانات، على أرضها العامرة مر أنبياء الله وتركوا أثرهم بين الخلق حكما وعملا وكلاما مقدسا، وهنا سنتوقف عند بعض الأنبياء الذين ولدوا فى مصر أو زاروها بحثا عن الرزق والأمن.

يذكره الكتاب المقدس باسم "أخنوخ" وفى القرآن الكريم "إدريس" ويربط الكثيرون بينه وبين المعبود المصرى "أوزوريس".

تقول الكتب المقدسة إنه النبى الثالث بعد آدم وبينهما شيت فقط، ويقول القرطبى فى تفسيره "إدريس – عليه السلام – أول من خطّ بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس المخيط، وأول من نظر فى علم النجوم والحساب وسيرها. وسمى إدريس لكثرة درسه لكتاب الله تعالى، وأنزل الله تعالى عليه ثلاثين صحيفة".

ويذكر السيوطى فى كتابه "حسن المحاضرة فى تاريخ مصر والقاهرة" أن أحد الملوك قد أراده بسوء ولكن الله عصمه، ثم دفع له أبوه العلوم المتوارثة عن جده، فطاف بالبلاد وبنى عشرات المدن فى مختلف الأنحاء أصغرها "الرها" -بالأناضول حاليًا - ثم عاد إلى مصر وحكمها وزاد فى مسار نهر النيل وقاس عمقه وسرعة جريانه، وكان أول من خطط المدن ووضع قواعد للزراعة وعلّم الناس الفلك والهندسة، ويربطه بالصابئة ويقول إن بعضهم يدّعى أن أحد أهرامات مصر قبره والآخر قبر جده شيث بن آدم.

ويربط الناس بينه وبين أوزيريس، ففى كتاب "الجبتانا" الذى وضعه المؤرخ المصرى مانيتون السمنودى ودوّن فيه قصة الخلق المصرية القديمة وأحداث أول الزمان حتى تكليف الآلهة لـ"مينا نارمر" بتوحيد مصر التى مزقتها حرب "سِت" مع "أوزوريس وحورس وإيزيس"، فنرى فيها وصفًا لأوزوريس أنه يتلقى من حين لآخر دعوة الآلهة فيصعد إلى السماء ويتعلم منها فنون البناء بالحجر والخط بالقلم والزراعة والحكمة وتخطيط المدن، وتصفه بأنه أول من جعل الجبتيين (المصريين) يسكنون البيوت بعد أن كانوا يسكنون الكهوف خوفًا من الوحوش والمسوخ، كما تنوه بأنه أول من شيّد المعابد الضخمة، واهتم بتعليم الطب، وابتكر أدوات الزراعة والرى مثل المحراث والشادوف، وازدهرت فى عهده المدن والصناعات وعرف الناس لبس الأثواب الكتانية، وكان يتلقى وحى الآلهة ويرى الرؤى فى نومه، وقد حكم مصر بالعدل حتى اغتاله سِت ثم عاد إلى الحياة ثم رفعته الإلهة إلى تاسوعها المقدس، وهو -وفقًا للعقيدة المصرية القديمة- قاضى قضاة محكمة الآخرة.

التوراة هى التى ذكرت قصة مجيئ النبى إبراهيم إلى مصر، وذلك فى سفر التكوين (11/26، 57/41، 1/42)، حيث جاء فيه حدوث مجاعة فى أرض إبراهيم فقرر أن يهجرها وزوجته سارة ونزل إلى مصر. ولم يأت ذكر نزول إبراهيم عليه السلام إلى مصر فى القرآن الكريم، بل ورد فى بعض الأحاديث التى رويت عن أبى هريرة (رضى الله عنه) وذكرها البخارى فى صحيحه.

وحسب نص الكتاب المقدس (التوارة) حدث جوع فى الأرض، فانحدر إبراهيم إلى مصر ليتغرب هناك، لأن الجوع فى الأرض كان شديدا، وحدث لما قرب أن يدخل مصر أنه قال لسارة امرأته: "إنى قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر، فيكون إذا رآك المصريون إنهم يقولون: هذه امرأته. فيقتلوننى ويستبقونك، قولى إنك أختى، ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك، فحدث لما دخل إبراهيم إلى مصر أن المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جدا، ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون، فأخذت المرأة إلى بيت فرعون، فصنع إلى إبراهيم خيرا بسببها، وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال، فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب سارة امرأة إبراهيم، فدعا فرعون إبراهيم وقال "ما هذا الذى صنعت بى؟ لماذا لم تخبرنى أنها امرأتك؟ لماذا قلت: هى أختى، حتى أخذتها لى لتكون زوجتى؟ والآن هوذا امرأتك! خذها واذهب!، فأوصى عليه فرعون رجالا فشيعوه وامرأته وكل ما كان له.

فى البداية والنهاية لابن كثير الجزء الثانى هو لقمان بن عنقاء بن سدون، ويقال: لقمان بن ثاران. حكاه السهيلى، عن ابن جرير والقتيبى، وقال السهيلى: وكان نوبيا من أهل أيلة: وكان رجلا صالحا ذا عبادة، وعبارة وحكمة عظيمة.

ولد موسى عليه السّلام فى مصر، وكان ذلك بعد ولادة إبراهيم بأربعمائة وخمس وعشرين سنةً، أى ما يُقارب عام 1526م، وقد كانت ولادته فى الفترة التى أصدر فيها فرعون قراراً بقتل كلّ من يُولَد لبنى إسرائيل من الذكور؛ خوفاً من ضياع ملكه بناءً على الرّؤيا التى رآها حينها، وقد تربّى عليه السّلام فى قصر فرعون، ونشأ فى أحضانه، وتربّى بقصر فرعون حتى كلَّفه الله بالنبوّة وأمره بالرّسالة.

لا يزال الخلاف حول نبوة إخناتون قائمة، وهو واحد من أشهر ملوك الأسرة الـ 18 التى تشكلت بعدما هزم أحمس الهكسوس وأخرجهم من مصر، وقد آمن إخناتون أن بنى الإنسان أخوة لبعضهم البعض، وأن كل الأمم والشعوب يجب أن تترابط وتتحالف انطلاقاً مِن محبتها لبعضها، وعبادتها لإله واحد أحد، بدلاً مِن أن تجتمع عنوة أو قهر بالسيطرة العسكرية.

ولعالم النفس الشهير "فرويد" مقولة مفادها أن موسى النبى هو "إخناتون" وأنه كاهن وليس نبيا، وذلك فى كتابه المشهور "موسى والتوحيد".

أين عاش يوسف فى مصر

جدل كبير دار حول المكان الذى كان يقيم فيه نبى الله يوسف، البعض قال إنه كان يقيم فى منطقة كوم أوشيم بالفيوم جنوب غرب مصر، والبعض أكد أنه كان يقيم فى الأقصر، بينما يرى آخرون أنه عاش فى "جوشن" بوادى الطميلات وفى المسافة الممتدة بين محافظتى الشرقية والإسماعيلية.

ودخول النبى يوسف مصر فى عهد الأسرة السادسة عشرة أيام الملك "إبابى الأول" وهو المذكور فى التوراة باسم "فوطيفار" عزيز مصر، وقد وجدت لوحة أثرية عبارة عن شاهد قبر ذكر فيه اسم "فوتى فارع"، كما استدل من بعض الآثار عن الأسرة السابعة عشرة على حدوث جدب فى مصر قبل هذه الأسرة.

جاء الطفل عيسى وأمه مريم عليهما السلام ومعهما يوسف النجار إلى مصر هروبا من شر هيرودس الذى أرسل خلفهما عشرة جنود للبحث عن الطفل وأسرته.

بدأت العائلة رحلتها من فلسطين عبر الطريق الساحلى بشمال سيناء، ثم رفح إلى الشيخ زويد، ثم العريش، وبعدها سارت على فرع النيل الشرقى إلى سمنود ثم البرلس وعبروا فرع النيل الغربى إلى سخا ثم جنوب غرب مقابل وادى النطرون، ثم عين شمس وبها شجرة المطرية الشهيرة.

واستكملت العائلة رحلتها جنوباً للفسطاط عند حصن بابليون ثم اتجهت إلى منف ومن البقعة المقامة عليها كنيسة العذراء بالمعادى على شاطئ النيل اتجهت فى مركب شراعى إلى الجنوب حتى البهنسا، ثم عبروا النيل لشاطئه الشرقى إلى جبل الطير قرب سمالوط بمحافظة المنيا ثم سافروا بالنيل إلى الأشمونيين إلى ديروط ومنه للقوصية إلى ميره إلى جبل قسقام، واستقروا هناك فى المكان الذى يقام فيه أشهر دير مرتبط بهذه الرحلة وهو دير المحرق الشهير للحماية والأمان.