أكرم القصاص - علا الشافعي

د. سامى عمار يكتب: فك شفرة ترامب !

السبت، 10 فبراير 2018 06:00 م
د. سامى عمار يكتب: فك شفرة ترامب ! ترامب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هرتله وهراء واتهامات هنا وهناك، فبعيداً عن اتهام العديد من أقطاب الإعلام الغربى بنشر أخبار كاذبة عنه مثل شبكة أخبار الـ سى إن إن و سى إن بى سى ذاتى الرصيد الإعلامى والجماهيرى الحاشد فى العالم وخاصة بشطره الغربى، ترامب يمثل ظاهرة فريدة ليس فقط على الصعيد الأمريكى وإنما الدولى أيضاً.

الحكاية من البداية.

من الشاطئ الشرقى للأطلسى إلى شاطئه الغربي، هاجر الأب فريدريك عام 1885 الذى ولد فى كالشتاد فى ألمانيا القيصرية وتحديداً بولاية بافاريا ولم يكن يتجاوز السادسة عشر من العمر هرباً من الفقر للعمل كحلاق بأمريكا، ومع عودته الى ألمانيا أكتشف سحب الحكومة الجنسية منه بسبب هروبه من أداء الخدمة العسكرية الإجبارية على الذكور أنذاك ليضطر للعودة مجدداً لأمريكا لأنه خسر كل شيء بألمانيا.

قد تكون تلك الواقعة الأكثر تأثيراً فى حياة الأب ومن ثم الابن حيث الهجرة الجبرية من البلد الأم إلى بلد أخر بديل بسبب سحب الجنسية، لتصبح أمريكا هى الوطن الأهم فى وجدانه الذى لابد من الحفاظ عليه من الغرباء بل وجعله الأول والأهم دائماً.

ففى الملتقى الاقتصادى العالمى فى دافوس بسويسرا تعمد دونالد ترامب مؤخرا  ترديد عبارات بذات الفحوى مؤكداً على أن أمريكا تأتى أولاً فى سياساته الداخلية والخارجية، لكن اضطر لإضافة عبارة جديدة وهى (أمريكا أولاً لا تعنى أمريكا وحدها) مما يعد اعترافاً بشكل ضمنى بوجود حلفاء استراتيجيين وأصدقاء على الساحة العالمية لابد من ضمهم تحت مظلة المصالح الأمريكية.

ترامب المواطن الأمريكى ابن المهاجر الألمانى ينظر لأمريكا كقطعة من الهوية الغربية المسيحية ذات الشعر الأصفر والبشرة البيضاء والعيون الزرقاء، تلك الهوية التى تظهر دائماً فى خطاباته السياسية الداخلية والخارجية والتى تستثنى الغرباء عنها عبر إلغاء برنامج الهجرة العشوائية لأمريكا، لأن الدول الأخرى ترسل لأمريكا أسوأ الأسوأ لديها على الرغم من تأكيد تلك الدول على معاناتها من نزيف العقول والعمل الحثيث لوقف هجرة كوادرها لأمريكا وهو موقف شديد التناقض بين طرفيه المرسل والمستقبِل.

هذا علاوة على بناء جدار فاصل مع المكسيك وطرد ملايين المهاجرين غير الشرعيين ومراجعة اتفاقيات التجارة مع الصين وحظر السفر من دول إسلامية محددة وإعادة توزيع حصص التمويل العسكرى بين أعضاء حلف الناتو وفق حجم استفادة كل عضو منها، قرارات وتصريحات دسمة من ترامب تعكس حمائيته السياسية، وفى المقابل يتهمه الأوروبيون بتهديد الليبرالية الغربية التى شيدت على قاعدة فتح الحدود أمام انتقال العنصر البشرى ورأس المال بينهما.

لكن.. الأهم هنا توصيف الكثير من الساسة والإعلاميين وحتى الأكاديميين لشخصية ترامب بأنها لا يمكن التنبأ بها ولا يمثل تيار محدد يسارياً كان أو ليبرالياً.

فعلى الرغم من خلفيته السياسية المعدومة أكاديمياً وممارسةً، إلا أن ترامب رجل أعمال محترف لمع نجمه فى السوق الأمريكى لسنوات لذا يمثل العمل التجارى والاستثمار العمود الفقرى لتاريخه وقد يناسب متطلبات إدارة الملفات الاقتصادية الأمريكية وخاصة التجارية منها، والجدير بالذكر أن ترامب قد غير عضويته الحزبية لأكثر من خمس مرات خلال سنوات عمره وفق ما نشرته صحيفة واشنطون تايمز فى يونيو 2015 حيث غادر الحزب الجمهورى الذى خاض انتخابات الرئاسة تحت رايته مرتين فى  السابق .  

أيديولوجياً.. ترامب لا يحمل فى بصماته أى هوية سياسية سوى ردود فعل تعكس إدمانه الشوفينية الوطنية الأمريكية وخلطها بالبرجماتية الاقتصادية، أنا أراه شخصية تبدو فريدة بسبب نجاحه فى الزواج بين كلاهما فهو دائماً يرى أمريكا (الأم) فى تهديد داخلى وخارجى كالمنافسة غير المتكافئة مع الصين لذا يضعها فى موقف الدفاع عن النفس بسياسات حمائية لا انفتاحية، أما الانفتاح فيؤكد على تفوق الدولة على منافسيها التى طالما قرعت أبواب أسواقهم لغزوها بمنتجاتها الأقوى تنافسياً.

بالنار والغضب وأمريكا أولاً.. هكذا يسطر ترامب تصريحاته دائماً وهكذا يمكن فك شفرته التى لا تحمل سوى ردود الأفعال الدفاعية والحمائية، وأى تصرفات مستقبلية له لن تخرج عن هذه الجملة مما يجعله شخصية يسهل التنبأ بها للغاية، لذا أخطأ مَن قال أن ترامب لا يمكن التنبأ بأفعاله.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة