أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

حق السلطة والمعارضة والجمهور.. الإنكار لا يفيد

الجمعة، 02 فبراير 2018 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أى نظر للسياسة على أنها ما يدور فى مصر وما هو معلن، يشكل نوعا من التلخيص المخل، حيث لا يمكن لأى شخص وهو يتحدث عن السياسة والاقتصاد والتعدد أن يرى مصر بمعزل عن محيطها الأفريقى والعربى والدولى، وأن يفرد أمامه خريطة العالم ليرى النقاط المشتعلة والصراعات والمواجهات والمنافسة، واضعا فى اعتباره أن مصر لا يمكنها أن تبقى بمعزل عن هذا الفوران، وهو أمر تفرضه الجغرافيا والتاريخ فضلا عن الحاضر بتعقيداته وتشابكاته، ويرى حجم وشكل التحول فى السلطة.
 
نقول هذا بمناسبة خطاب سياسى موسمى يتصاعد عادة فى مواسم الانتخابات، ويخفت بعدها وينتهى، أو يقتصر على البقاء فى عالم مواقع التواصل، حيث الشجاعة الافتراضية، والمشى فى المكان، لقد أعاد موسم الانتخابات الرئاسية، سخونة ما، كان يفترض أن تكون مناسبة لحوار حول المستقبل، وما يحتاجه المصريون للمستقبل، مع الأخذ فى الاعتبار أن ما يطرحه خبراء المستقبليات والسياسة عن حجم التغير فى شكل ونوعية السلطة، هو وجهات نظر جديرة بالتأمل.
 
خلال نصف قرن الأخير من القرن العشرين تغيرت أشكال السلطة التى استقرت بعد الحرب العالمية الثانية، رحل زمن الأبطال ليحل مكانه زمن نجوم، وحل عصر المعلومات بصدماته المذهلة والمتسارعة ليغير شكل السلطة، حيث ينتزع المال والاقتصاد الكثير من سلطات الدول، وتتحكم أدوات التواصل فى عقول وقلوب الناس بما يتجاوز ما كانت تفعله الخطابات والدعايات السياسية القديمة، كان سقوط جدار برلين ومن بعده تفكك القطب السوفيتى ومعسكر الاشتراكية، أول نتائج انفجارات عصر المعرفة الكثيف، بالرغم من أنه تم قبل أن تحتل كاسحات الإنترنت والفضائيات مكانها، واليوم حتى الدول المستقرة بتجاربها التعددية والديمقراطية تواجه انعكاسات العصر، تصيب الشروخ الاتحاد الأوروبى، ويتخذ الإرهاب شكل التهديد العالمى، ولحقت تحولات ثورة المعلومات بتحولات ما بعد الحرب الباردة لتزدحم فضاءات الإنترنت ومواقع التواصل بمليارى مواطن يمثلون ثلث سكان العالم يتحدثون ويتناقشون فى وقت واحد كاشفة عن تعددية أكثر مما كان من قبل.
 
ويفترض فيمن يتصدون للعمل السياسى اليوم أن يعترفوا بأن عصر الانفجار المعلوماتى وأدوات التواصل بقدر ما يتيح الكثير للسلطة فهو أيضا يتيح للمعارضة، وأن الجمهور، اليوم يختلف عنه قبل عقدين، ومثلما يطالب المعارض السلطة بأن تتغير عليه أيضا أن يقدم خطابا أعمق من مجرد الصراخ أو الاكتفاء بكلام نظرى عن السلطة، بينما الناس ترى وتعرف ما يدور بشكل اكبر مما مضى.
 
وإذا كانت المعارضة تعطى نفسها الحق فى المساءلة، فمن حق الجمهور أن يسأل المعارضة والسلطة والسياسيين عموما، خاصة ونحن أمام معارضة تقف عند حدود غضب موسمى انتخابى، وتختفى باقى أشهر السنة، بل أيضا تهتم بالشكل أمام الخارج أكثر مما تهتم بالجمهور.
 
يمكن للجمهور أن يصدق المعارضة، لو امتلكت شجاعة الاعتراف بما تحقق فعلا من خطوات ومشروعات وإصلاحات خلال فترة رئاسية اربع سنوات، ساعتها على السلطة أن تتقبل وجهات نظر قد تختلف كثيرا أو قليلا.
 
وإذا كان المعارضون يعطون أنفسهم حقوق الانتقاد المطلق، يبدو مثيرا تجاهل حجم البناء والإصلاح الاقتصادى بينما تواجه الدولة إرهابا شبكيا له ارتباطات دولية وإقليمية، وهو واقع تؤكده تجارب الدول المجاورة التى تفسخت تحت ضربات الإرهاب، وزحف جماعات الجرذان المدمرة.
 
من حق المعارضة أن تطرح وجهة نظرها وأن تتاح لها مساحات من المجال العام، ومن حق المؤيدين أن يردوا ويفندوا ويحصلوا على حقهم من دون تصنيفات واستقطابات لا تقود إلى التقارب والتوحد.
 
وبعيدا عن إرهابيين ومحرضين على العنف، هناك سياسيون بطول وعرض الواقع، يتوزعون بين تأييد ومعارضة وحياد وفرجة، يخطئ من يصنف أى منها فى خانة العداء، بل هم أصحاب وجهات نظر، حتى وإن كان بعضهم يدخل فى حالة إنكار وعناد تتجاوز المعارضة والتأييد إلى الصدام والعداء، لقد تغيرت السياسة فى العالم، ولم تعد ببساطة بوست هنا أو غضب هناك.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة