زراعة الأعضاء والتبرع بها، قضية لا تزال محور جدل حاد فى مصر بعد توجيه عائلة مريض متوف اتهاما لمستشفى قصر العينى بسرقة قرنية المريض بدون موافقة أهله.. وما زال رأى أطباء القصر العينى يقول إن القرنية يمكن الحصول عليها من المتوفى دون موافقة الأهل، بينما آخر فتوى من دار الإفتاء كانت تؤكد عدم جواز الحصول على عضو من شخص إلا بموافقته الصريحة، وحتى الآن الجدل لم يحسم فى البرلمان.
نقل القرنية لا يستلزم موافقة الأهل
الدكتور ممتاز حجازى، أستاذ جراحة العيون بكلية طب القصر العينى، أكد أن نقل القرنية من متوفى لا يستلزم موافقة الأهل، لأن المريض تنقطع صلته بعائلته بمجرد الوفاة، متابعا فى تصريحات تليفزيونية "مش معقول أسيب مريض يفقد نظره، ووظيفته ومستقبله، والقانون الحالي لا يمنع انتزاع قرنية المريض المتوفى".
هذه التصريحات تتماشى مع ما قاله من قبل الدكتور فتحى خضير عميد كلية طب القصر العينى، بأن حصد القرنية من المريض المتوفى لا يستلزم موافقة الأهل.
لكن الجديد فى تصريحات "الدكتور حجازى"، هو قوله "إنه لم يحدث فى مصر تبرع أى شخص بالقرنية منذ عام 1962، وذلك لأن ثقافة التبرع بالأعضاء غير موجودة فى المجتمع".
وربما بالفعل لا يوجد تبرع بالقرنية فى مصر ولكن فى نفس الوقت فإن القانون الحالى يمنع التبرع بالأعضاء وبيعها، بل إن التبرع يكون فقط بين أبناء العائلة الواحدة ومحصور فى الدرجة الأولى والثانية، كأن يتبرع أب لابنه، أو ابنته أو الأخ لأخيه، أو حتى بين الزوج والزوجة مثلا، وهذا يفتح باب النقاش أيضا أمام الدول التى تنتشر فيها ثقافة زرع الأعضاء، وهل هى حقا تكفى لإنقاذ حياة المرضى من قوائم الانتظار؟
إيران
تعتبر إيران الدولة الوحيدة فى العالم التى يعد بيع الأعضاء وليس فقط التبرع بها أمرا قانونيا ومنتشرا، حيث يمكن فى العديد من مستشفيات طهران أن تشترى كلية وبعقد قانونى علنى، بحسب موقع "إيران خانة" ليس هذا دليلا على انتشار ثقافة زرع الأعضاء لإنقاذ حياة مريض بل لسبب آخر، وهو الظروف الاقتصادية الصعبة التى لا يجد معها الكثيرون وسيلة للحصول على المال إلا ببيع الفقراء لأعضائهم.
وكانت جريدة "أبرار الإيرانية" نشرت على صفحاتها صور لإعلانات معلقة على الحوائط والجدران فى الشوارع والمستشفيات تعلن عن عرض شخص كليته للبيع، وأحيانا توجد أيضا عروض لبيع أجزاء من الكبد، وأيضا القرنية والنخاع الشوكى، وصرح أيضا النائب الإيرانى حسين على شهريرى بأن "بيع الفقراء لأعضائهم يجلب لهم عائدا ماديا كبيرا لأن الإنسان قادر على العيش بكلية واحدة"، وبحسب التقرير يصل الثمن بين 8 آلاف و 9 آلاف دولار.
بينما صحيفة الجارديان قالت إن الحكومة الإيرانية تشجع على هذا حتى تحصل هى على نسبة من ثمن الأعضاء المباعة فى المستشفيات، خاصة وأن 70% من الكلى التى يتم بيعها تأتى من أحياء وليس الأموات رغم أن المعدل العالمى لا يتجاوز 15% والباقى يأتى بشكل قانونى من المرضى فى حالة "الموت السريرى".
إسبانيا
على نحو آخر هى الأعلى عالميا فى "التبرع" بالأعضاء لدرجة أن موقع ndtv يصفها بأنها "الطراز الذهبى" فى التبرع وذلك لأنها تحتل المكانة الأولى فى هذا المجال منذ 25 عاما تقريبا.
أما كيف يحدث هذا، فالسبب هو أن النموذج الأسبانى يعتبر كل المواطنين بحسب الموقع متبرعين محتملين ما لم يختاروا تحديدا ألا يتم التبرع بأعضائهم، لكن فى كل الأحوال تظل الكلمة الأخيرة بيد أقارب المتوفى وإذا اختاروا عدم التبرع فإن المستشفى لا يمكنها حصد أى عضو من المتوفى.
هذا النموذج موجود فى العديد من الدول منها "فرنسا - اليونان - النرويج - السويد"، بينما فى بريطانيا يقتصر هذا على ويلز فقط، ومع ذلك تؤكد صحيفة "الإندبندنت" أن افتراض الموافقة على التبرع لا يعنى أن المرضى لا يقعون فى طوابير الانتظار، حيث يظل العرض أقل من الطلب بكثير حتى مع كون احتمالية رفض العائلة للتبرع قد تصل إلى 15.3% بحسب إحصائيات 2015.
إسرائيل
سعت الحكومة الإسرائيلية فى 2012 لتشجيع التبرع بالأعضاء بشكل قانونى وعدم الاتجار ولكن كانت محاولات الحكومة الإسرائيلية تصطدم دوما بالمعتقدات الدينية التى تحث اليهود على عدم التبرع بأعضائهم.
ومن هنا جاء نموذج "لا تعطى .. لا تأخذ" وهو بحسب صحيفة نيويورك تايمز يقوم على منح الأولوية للمتبرعين وعائلاتهم فى تلقى الأعضاء وتسجيلهم فى قوائم خاصة لمدة 3 سنوات يكونون فيها أصحاب الأولوية فى حال ما إذا احتاجوا هم أو عائلتهم للحصول على عضو بينما يتم تأخير غير المتبرعين وعائلاتهم ووضعهم فى القوائم العادية إذا ما احتاج غير المتبرع وعائلته للحصول على عضو.
هذه السياسة نجحت فى رفع معدلات التبرع فى إسرائيل حيث ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن العام 2017 شهد أعلى معدلات تبرع فى البلاد بواقع 62% من بين 156 عائلة وافقت على التبرع بأعضاء أحد أفرادها بعد وفاته من مجمل 520 حالة تبرع فى ذلك العام طبقا لإحصائيات المركز الوطنى لزراعة الاعضاء فى إسرائيل.
أمريكا
تعتمد على نظام البطاقات التى يحملها الشخص الذى سجل نفسه كمتبرع وفى حالة وفاة المتبرع فى حادث أو نتيجة مرض داخل المستشفى يتم حصد أعضاءه، وفى حالات أخرى يتم حصد الأعضاء من قبل المستشفى إذا وافقت عائلة المتوفى حتى لو لم يكن مسجلا.
وكنوع من التشجيع على التبرع، تقدم 19 ولاية تسهيلات ضريبية للأشخاص الذين يتبرعون بأعضائهم.. وحتى شركة أبل فى أمريكا أعلنت عن تطبيق يسمح لعملائها بالتسجيل عليه من الأيفون إذا أرادوا وضع أسمائهم فى قائمة المتبرعين.
البرازيل
حاولت الحكومة البرازيلية فى 1997 تقديم قانون للعمل بنفس نموذج إسبانيا لكن فشلت التجربة وتم إلغاء القانون بعد العمل به 8 سنوات فقط، والسبب هو الانتقادات الحادة من الرأى العام الذى انتشرت فيه أراء عن عدم الثقة فى قانون التبرع بعد شائعات عن قيام مستشفيات بحصد الأعضاء قبل أن يموت المرضى فعلا، ولذا عادت البرازيل للحصول على موافقة عائلة المتوفى أولا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة