أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد أبو على

هل يعتبر الذهب ملاذا آمنا للادخار فى مصر فى 2020؟

الأحد، 27 أكتوبر 2019 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يعتبر الذهب إحدى المحافظ الاستثمارية المهمة فى العالم، وفى مصر أخذت تلك المحفظة الاستثمارية فى التطور خلال الفترة الماضية، وتوجه العديد من المواطنين المصريين نحو الاستثمار فى الذهب كمحفظة استثمارية وادخارية مرتفعة العائد مقارنة بالمحافظ الاستثمارية الأخرى الموجودة داخل الاقتصاد المصرى، كالعقارات أو وضع المدخرات فى صورة ودائع داخل الجهاز المصرفى المصرى والاستفادة من معدلات الفائدة على تلك الودائع.

 كشف تقرير مجلس الذهب العالمى عن توجهات الطلب خلال عام 2018 عن زيادة البنك المركزى المصرى للاحتياطى من الذهب إلى 78.3 طن ما يمثل %7 من حجم المكون الاحتياطى الدولى، حيث تحتل مصر المرتبة 40 دولياً و7 عربياً، وجاء بفعل الاتفاقية التى وقعت فى ديسمبر 2016، بين البنك المركزى وشركة سنتامين إيجيبت التى تدير منجم ذهب السكرى، ليوفر البنك بمقتضاه احتياجات الشركة الشهرية بالعملة المحلية، والمقدرة بنحو 50 مليون جنيه، مقابل توريد الشركة ذهباً للبنك المركزى بالقيمة المعادلة للمبلغ بالدولار سبائك ذهبية بعد تنقيتها بدرجة لا تقل عن %99.99.

 ووفقا لبيان صادر عن الشركة فى فبراير الماضى، فإن البنك المركزى اشترى 22.6 ألف أوقية ذهب بقيمة 33.3 مليون دولار خلال 2018 عبر 12 عملية شراء مقابل 4.4 ألف أوقية بقيمة 5.6 مليون دولار فى 2017 حصيلة عملتى شراء. حيث إن توجه البنك المركزى لتوسيع حجم احتياطى الذهب يمثل سياسة لتنويع أصول الاحتياطات الدولية على اعتبار أن الذهب أفضل وعاء ادخارى لحفظ قيمة الأموال، وتسعى البنوك المركزية العالمية لتعزيز أرصدتها من الذهب، كمستودع للقيمة والتأمين وقت الأزمات وسوء الأوضاع الاقتصادية.

 ولاشك  أن توجه البنك المركزى لرفع احتياطى الذهب يمثل أمانا للدولة، وقدرة على تسديد مديوناتها، والاعتماد علية كآداة تداول عالمية فى ظل وجود احتمالات حدوث أزمات، ووفقا لإحصائيات مجلس الذهب العالمى، تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية، كأكبر دولة تمتلك احتياطى عالمى من الذهب، بنحو 8133.5 طن، ما يمثل نحو %73.4 من إجمالى ما تمتلكه من احتياطى، بينما جاء فى المرتبة الثانية ألمانيا بحيازتها 3369.7 طن، يمثل نحو %68.8 من إجمالى احتياطياتها، وفى المرتبة الثالثة صندوق النقد الدولى بحيازتة 2814 طناً، وجاء فى المرتبة الرابعة إيطاليا بحيازتها 2451 طناً، يمثل %66 من إجمالى الاحتياطى، ثم فرنسا 2436 طنا، وسادسًا روسيا، ولديها 2036.2 طن، وتحتل السعودية المرتبة الأولى عربيا و16 عالميًا فى حيازة الذهب برصيد 323.1 طن، يليها لبنان بحيازة 286.8 طن وتحتل المرتبة 18 عالميا، وتأتى الجزائر فى المرتبة الثالثة عريبًا والـ 24 عالميًا بحيازة 173.6 طن، ثم ليبيا فى المرتبة الرابعة عربيًا والـ 32 عالميًا بحيازة 116.6 طن، ثم العراق فى المرتبة الخامسة عربياً و”37 عالميًا» بحيازة 96.3 طن، ثم الكويت السادسة عربيا و”38 عالميًا» بحيازة 79 طناً، ثم مصر السابعة عربيا و40 عالميًا بحيازة 78.3 طن.

 وتستعد مصر، حالياً، لإطلاق بورصة لتداول العقود والسلع، حيث قامت هيئة الرقابة المالية، الشهر الماضى باعتماد النظام الأساسى لشركة البورصة الجديدة تمهيداً لإطلاقها، وهو ما قد يخلق فرصاً، ويتيح أدوات جديدة للمستثمرين، وهو ما يعد خطوة جيدة وقد تساعدها على تنويع أدواتها الاستثمارية وتوفر لها خيارات آمنة نسبياً تساعدها على التعامل مع تقلبات أسواق المال. وبالتالى مع إطلاق الحكومة بورصة العقود الآجلة والسلع، سيكون هناك توجه للدخول والاستثمار فى قطاع الذهب فهو أفضل الأوعية الادخارية وأقلها مخاطرة، بالإضافة لضرورة تنوع محفظة الشركات الاستثمارية لتجنب التقلبات السعرية، وتحقيق أكبر عائد ربحى.

ووفقا لآخر تقرير صادر من المجلس العالمى للذهب، وضح أن استهلاك المصريين من الذهب  خلال الأعوام التسعة الماضية سجل 362.9 طن، حيث إن الجزء الأكبر من هذا الاستهلاك جاء فى صورة مشغولات ذهبية حجمها 330.3 طن  إضافة إلى نحو 32.5 طن من السبائك والجنيهات، وبلغ استهلاك المصريين من الذهب خلال العام الماضى 27.2 طن، منها 24.6 طن من المشغولات، و2.6 طن من السبائك والجنيهات، وسجل عام 2010 أكبر حجم استهلاك كلى حيث سجل 55.3 طن، فى حين سجل عام 2013 أكبر نسبة استهلاك من السبائك بلغت 7.1 طن، ومن المشغولات بحجم 45.6 طن، وبلغ نصيب الفرد من حجم الاستهلاك خلال العام الماضى 0.3 جرام، فى حين سجل عام 2010 أكبر نسبة لنصيب الفرد من حجم الاستهلاك بنسبة 0.7 جرام. وهو ما يعنى أن المصريين اشتروا ذهباً خلال السنوات الماضية من أجل الحفاظ على قيمة مدخراتهم المالية  من التآكل بفعل الأزمات الاقتصادية التى تعرضت لها البلاد عقب 2011، وهذا يعنى أنهم ادخروا ولم يستثمروا، وهناك فرق كبير  بين الاثنين، حيث إن الادخار فى الذهب، يقصد به تحويل الفائض لدى المواطنين إلى الصور المختلفة من الذهب، كالمشغولات والسبائك والجنيهات، لحفظ قيمة الأموال وتجنبا لاحتمالية حدوث أى  خسائر مستقبلية  فى ظل الأزمات الاقتصادية التى يشهدها العالم الآن، خاصة مع تحرير سعر صرف الجنيه المصرى، وهذا ما قد يؤكد الرؤية الاقتصادية التى ترى بأن الذهب هو أحد الملاذات الآمنة التى يلجأ إليها الناس عند وقوع الأزمات الاقتصادية، وانهيار العملات، وهو أداة للتحوط من المخاطر أكثر من كونه أداة استثمارية لتحقيق الأرباح، حيث إن الذهب تظهر قيمته الحقيقية وقت وقوع الأزمات وانخفاض القيمة الشرائية للعملات، والشهادات الادخارية، إذ يحتفظ الذهب بالقيمة الشرائية له بمرور الزمن، خاصة مع ارتفاع أسعار الذهب، أما على صعيد الاستثمار، فإن الاستثمار فى الذهب يعنى أنه الاتجار فى السبائك بغرض تنمية رؤوس الأموال وجنى الأرباح.

مع ضرورة الأخذ فى الاعتبار، أن الذهب ليس أفضل أداة استثمارية، لأنه لا يحقق مكاسب إلا فى حالة ارتفاع الأسعار بالسوق العالمية والمحلية، بخلاف الاستثمار فى الملاذات الأخرى مثل العقارات والشهادات الادخارية. ولاشك أن الأحداث السياسية والاقتصادية التى شهدها العالم خلال الفترة الماضية أثرت بشكل قوى على سوق الذهب العالمى، مثل توجه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبى وتوتر العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ما يعزز من قوة الذهب أمام الدولار، واحتمالية نمو وتيرة الأسعار خلال العام الجارى، ليصل لمستويات عام 2011، والتى سجل خلالها الذهب أكبر ارتفاع تاريخى عند 1928 دولاراً للأوقية. وكذلك ما حدث فى عام 2016 والذى شهد بيع المصريين لما فى حيازتهم من الذهب والتى تم ادخارها على مدار سنوات طويلة، إذ خرجت إلى الأسواق مصوغات صنعت خلال الثمانينيات والتسعينيات، مع ارتفاع بنسبة كبيرة، حيث افتتح الذهب العام على 276 جنيهاً للجرام عيار 21 ليتجاوز 650 جنيهاً خلال عدة أشهر.

 

أما فيما يتعلق بالهدف الرئيسى من المقال فيما يتعلق بهل يصبح الذهب ملاذا آمنا للادخار فى مصر خلال 2020؟، فإن ذلك يجعلنا نسترجع الفترة التى أعقبت تطبيق مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، وخاصة فى المرحلة الأولى منه فى نوفمبر 2016 والتى شهدت تحرير سعر صرف الجنيه المصرى أمام الدولار، حيث كان حائزو الذهب من بين قلة من الناجين من الأثار السلبية لتحرير سعر الصرف والتى خفضت  نحو %60 من قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار والسبب فى ذلك يرجع إلى طريقة تسعير المعدن النفيس والمرتبطة عالميا بالدولار، والذى ارتفع بدوره من 8.78 جنيه إلى ما يقرب من 20 جنيها فى الأيام الأولى لعملية تحرير سعر الصرف، وحقق الأشخاص الذين كانوا فى حيازتهم مدخرات من الذهب  فى نهاية عام 2011 أكثر من 120% عائدا على مدخراتهم  بالجنيه المصرى، لكن على المستوى العالمى كانت الأوضاع تسير فى اتجاه معاكس.

تكبد المستثمرون الذين اشتروا الذهب عالميا فى 2011 و2012 خسائر كبيرة عقب 2016 وتحرير سعر الصرف، ووفقا لتقرير صادر عن مجلس الذهب العالمى بلغ متوسط سعر الأوقية العام الماضى 1.257 دولار، مقابل 1.571 دولار فى عام 2011، و1.670 دولار فى 2012، و1.411 فى 2013.

أما الذين اشتروه فى 2010 فقد حققوا مكاسب ضئيلة فى 2018، وتتوقع كافة بنوك الاستثمار العالمية بأن يرتفع سعر الذهب فى عام 2020 إلى 1350 دولارًا للأوقية، كما أن الوضع فى مصر مختلف بالنسبة للذهب كمحفظة ادخارية، حيث إن الذهب يعتبر  أحد الملاذات الآمنة مثل العقارات والشهادات الادخارية، لكنه أفضلها لسهولة شرائه وبيعه، وتحويله لنقد بسهولة بالإضافة لسهولة الاحتفاظ به، ونقله من مكان لآخر، فالمواطن المصرى يحقق أرباحا أيضا من خلال استثمارات فى العقارات، بارتفاع الأسعار، وكذلك الشهادات البنكية، من خلال رفع أسعار الفائدة، إلا أن التخوف الأكبر من هاتين المحفظتين الادخاريتين فى السوق المصرى (العقارات والودائع بالبنوك) هو مدى قدرة المواطنين من سهولة وسرعة تسييل مدخراتهم فى العقارات والودائع وتحقيق معدلات ربحية عالية، وتؤكد التجربة العملية أن الذهب يختلف عن الملاذات الأخرى فى أنه يحتفظ بقيمته، خاصة عند هبوط غيره من الاستثمارات، نتيجة لأثار الأزمات الاقتصادية المحلية أو العالمية، فسعر الذهب يرتفع دائما فى الأزمات الاقتصادية، بينما تنهار القيمة الشرائية للعملات، وقت الأزمات وذلك يحدث فى كافة الاقتصاديات العالمية الناشئة والمتقدمة، كما أن أحد الأسباب الهامة التى ترجح بأن الذهب أصبح ملاذا آمنا للاستثمار والادخار هو  أن الذهب أحد أهم احتياطات البنوك المركزية، لذا لن تترك هذه البنوك الذهب لانهيار أسعاره، وهو ما يجعله أفضل الملاذات الآمنة.

 

إلا أن هناك تخوفا كبيرا، وهو أن الغش أكبر مخاطر الاستثمار والادخار فى الذهب، حيث يعتبر شراء الأفراد للعملات الذهبية، إحدى الصور التقليدية والشائعة عن الادخار والاستثمار فى الذهب، بغرض الحفاظ على قيمة الأموال، أو بيع ما فى حيازتهم لتحقيق أكبر قدر من الأرباح وقت ارتفاع الأسعار، ويعد جنيه جورج الخامس الأشهر والأكثر طلبا فى العالم، على الرغم من أن المتداول منه بالأسواق المحلية تقليدا له يماثله فى الشكل، والوزن ويختلف عنه فى العيار. حيث اكتسبت الجنيهات الذهبية سمعة سيئة بالسوق المصرى خلال الآونة الأخيرة، بفعل استغلال بعض الورش المجهولة ارتفاع الطلب بغرض الادخار، فصنعوا منه جنيهات مزيفة الدمغة وغير مطابقة للعيار، نظرا لانخفاض مصنعيته.

ويلجأ بعض التجار لتعويض خسائرهم من التلاعب فى العيار، بخصم 10 مللى إلى 25 مللى من وزن الجنيه عند البيع. وهو ما يجعل هناك استفسارات كثيرة حول الأماكن المضمونة لشراء السبائك أو جنيهات الذهب، بعيداً عن التلاعب فى الوزن أو العيار.

وتتنوع السبائك والجنيهات المتداولة فى السوق المصرى بين المستورد والمحلى والشعبى، فالمستورد ما يتم تصنيعه من شركات عالمية، بينما المحلى ما يتم تصنيعه بالسوق المحلى لكن بصورة احترافية مشابهة للمستورد، بينما الشعبى ما يتم تصنعيه داخل الورش، ويستطيع المستهلك فى مصر أن يحصل على سبائك وجنيهات من خلال متاجر متخصصة.

وتعد السبائك المستوردة والمحلية أفضل للمستهلك من السبائك الشعبية؛ لأنها تحمل دمغة مصلحة الدمغة والموازين، ولا تفقد أياً من قيمتها بخلاف المصنعية، التى تسجل 26 جنيهاً فى الجرام يسترد المستهلك منها %50 عند إعادة البيع، فى حين يتعرض المستهلك لخسارة 25 مللى من قيمة الجنيه والسبيكة الشعبى؛ لأنها أكثر عرضة للتلاعب فى العيار؛ ﻷنها لا تحمل دمغة مصلحة الدمغة والموازين.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة