أكرم القصاص - علا الشافعي

محيى الدين سعيد

مصر وأفريقيا .. دائمًا فى الإمكان ما هو أبدع مما كان

الجمعة، 24 مايو 2019 04:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مر التاريخ لم تكن مصر رقمًا عاديًا فى معادلات التأثير بالقارة الأفريقية، حيث أدرك المصريون منذ فجر التاريخ أهمية الظهير الأفريقى بالنسبة لبلادهم، فسيروا البعثات حينًا والجيوش أحيانًا أخرى، إلى داخل العمق الأفريقى، وبمرور الوقت ظلت مصر مرتبطة بقارتها السمراء، وازداد هذا الارتباط بعدما أصبحت نقطة الالتقاء بين محيطيها القارى والعربى، صحيح أنه بين الحين والآخر كانت تستجد ظروف داخلية أو خارجية تباعد بين مصر وظهيرها الأفريقى لكن القاهرة كانت سرعان ما تنتبه للأمر، وتعيد قطار انتمائها الأفريقى إلى قضبانه ومساره الصحيح.
 
فى واحد من إصداراتها عن العلاقات المصرية الأفريقية، صدرت الهيئة العامة للاستعلامات كتابها "مصر فى أفريقيا" بمقدمة أكدت فيها أن انتماء مصر لمحيطها الأفريقى، يتجاوز الأبعاد الجغرافية والتاريخية التقليدية، حيث يعد هذا الانتماء مكونًا رئيسيًا من مكونات الهوية المصرية على مر العصور، وعنصرًا محوريًا فى تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية"، وأضافت أن "أفريقيا تمثل أفريقيا مكانة خاصة فى منظومة الحضارة المصرية، فالانتماء المصرى لقارة أفريقيا يضرب بجذوره فى عمق التاريخ، منذ أن حرصت الدولة المصرية على إيفاد رحلات استكشافية لمنابع النيل بحثاً عن مصدر هذا الشريان واهب الحضارة فى وادى مصر ".
 
تلخص تلك الكلمات أبعاد الارتباط المصرى بأفريقيا، وهو ارتباط أدرك كثيرون من حكام مصر مدى كونه ارتباط مصيريا فعملوا على قدر هذا الإدراك، وغابت هذه الحقيقة عن البعض الآخر، فعملوا فى اتجاه معاكس لها تماما وأحدثوا قطيعة بين الكنانة والقارة السمراء، وقدم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر نموذجا لكيفية التعاطى المصرى المطلوب مع المحيط الأفريقى، فبلغت العلاقات بين القاهرة والقارة أوج نضجها فى فترة حكمه، خاصة مع الدور المصرى المعروف فى دعم حركات التحرر لشعوب القارة السمراء، والارتباط بين ناصر و"وآباء أفريقيا العظام" وزعماء وقادة التحرر الوطنى فى مختلف البلدان الإفريقية، مثل بن بيلا وسيكوتورى، ونكروما، ولومومبا، ودور مصر فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية والتى تحولت فيما بعد إلى الاتحاد الأفريقى. 
 
قد توحى سنوات التباعد بين مصر وأفريقيا بأن الفجوة التى حدثت يصعب التعامل معها وعلاجها، لكن الحقيقة أنه دائمًا فى هذه العلاقات ما يمكن إحياؤه، وما تجربة الوصول بهذه العلاقات إلى أوج نضجها فى فترة الستينيات عنا ببعيد، فهذه التجربة جاءت بعد عقود طويلة، كان مصير مصر ودول القارة بأيدى غيرهم من قوى الاستعمار، التى لم تنج منها دولة بالقارة، والمهم هو مع استيعاب تلك التجربة، التعظيم من أدوات التأثير والتقارب، وفى مقدمتها قوى مصر الناعمة، والتى تتنوع ما بين دينية ممثلة فى الأزهر والكنيسة، أو تعليمية وإعلامية وفنية ورياضية، وإدراك ما شهده المشهد الإفريقى من تطور عبر العقود الأخيرة، ودخول مؤثرات قوى خارجية، بعضها كان يستهدف بالأساس ملء الفراغ الذى تركه الابتعاد المصرى.
 
ولعل فى رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى فى دورته الحالية واستضافتها لكاس الأمم الأفريقية التى تنطلق الشهر المقبل، فضلا عن رعايتها وتبنيها واستضافتها العديد من الفعاليات التى تعنى بالتقارب مع أفريقيا، وحرص القيادة المصرية على حمل الهموم الأفريقية إلى مختلف المحافل الإقليمية والدولية، ما يفسح المجال لاستعادة قوية للدور المصرى فى القارة الأفريقية، التى تحمل فى باطنها من الثروات الطبيعية، وفوقها من الثروات البشرية، ما يجعل منها مستقبلا للعالم، ومطمعا لكل باحث عن السيطرة على هذا المستقبل .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة