القارئ محمد محمود حبيب يكتب: مشكلة غياب الأب عن أطفاله

للأب دور لا يمكن أن يقوم به غيره ويجب أن يضع الأب ذلك فى اعتباره حتى الزوجة تحتاج لوجوده ليعمل على التوازن وسد النقص فى خبراتها التربوية؛ فالأم لا تنجح وحدها فى تربية أطفالها وخصوصا الذكور فهناك دراسات مشهورة ومنشورة فى علم النفس تؤكد ذلك وتحذر من أن الأطفال الذين غاب عنهم الأب أو الأم يتسمون بعدة سمات وصفات غير سوية تختلف من بيئة إلى أخرى أبرزها الإحباط والانطوائية وضعف الشخصية، وقد يكون الأب موجودا ولكن بشخصية غير مؤثرة أو ضعيفة وهو مثل غيابه، والطفل لكى ينمو بطريقة سوية يحتاج لشراكة حقيقية ومؤثرة بين الأب والأم فالأطفال الذين يعيشون فى بيئة مضطربة عائليا أو ساحة مشاكل يعانون من أذى نفسى وشلل فى القدرات الفكرية والإنتاجية، وبالتالى يؤثر ذلك على اعتقاداتهم الفكرية فيكون هؤلاء الأطفال عرضة للتشدد والتطرف.

وبالنسبة لتأثير ذلك يختلف الغياب سواء سفر أو انفصال الوالدين، فلو كان سفر يغيب فترات طويلة وبدون تواصل حقيقى فيصبح الأب شخصا غير أصيل فى المنزل وكأنه دخيلا وتصبح هناك أسرار كثيرة تنفرد بها الأم دون الأب عن الأبناء بل وتخشى هى الإفصاح عنها حتى لا يتهمها الأب بالفشل فى التربية.

وبالنسبة لعلاج سفر الأب وصعوبة نزوله خلال فترة قصيرة يمكن التواصل مع الأبناء صوت وصورة بشكل شبه يومى ويتم التشاور معهم فى كل صغيرة وكبيرة ومحاولة التواجد فى أهم مناسباته خلال السنة ولو مرة أو مرتين كعيد ميلاده أو لحظة دخوله المدرسة لأول يوم أو مناسبة نجاحه فى المدرسة لأن الطفل سيتذكر ذلك، وعندما يعود لابد من تقديم التواصل المفقود وأهم شئ فيه الخروج والتنزه معهم

وهناك بعض الوسائل العلاجية يمكن قيام الأم بها فى حالات سفر الأب أو الأنفصال عنه ومنها أن تقوم بزرع الإحساس بالأمان والطمأنينة فى نفوس أطفالها وعدم استخدام الأم القسوة أو العنف ولا الدلع بل التوازن بين هذا وذاك، وكذلك تقدير دور الأب فى غيابه والثناء على ما يقوم به وعدم التقليل من شأنه أو تقصيره وعدم سرد أى خلافات معه، وأيضا تشجيع الأم لأولادها بتكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية فى غياب الأب، مع الابتعاد عن التدليل المباشر وخاصة محاولات الإنفاق أو إغداق الأموال على الأطفال بسبب غياب والدهم.

وكذلك أيضا من المهم تنبيه وتثقيف الآخرين والمحيطين بالأم وفى حالة غياب الأم من تثبيط همتها أو إحباطها بأن المسئولية ثقيلة وصعبة بل تشجيعها وتحفيزها ومساعدتها ولو بالكلمات الطيبة، وأخيرا تصحيح وسائل الإعلام والدراما للإطار الخاطئ التقليدى لدور الأب بكونه معيلا فقط بالدرجة الأولى وموفرا فقط للاحتياجات المادية.