أكرم القصاص - علا الشافعي

حازم حسين

الإخوان والجنس.. الشيطان فى جسد البنّا وسُلالته (2)

الأحد، 07 يوليو 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تفجّرت فضيحة طارق رمضان الجنسيّة بمُذكّرة قدّمتها سيدة فرنسية من أصول مغربية، قالت: إنها اغتُصبت من حفيد البنا، على الفور بادر «رمضان» وحلفاؤه من الإخوان بتكذيب السيدة، بالضبط كما حدث فى أربعينيات القرن الماضى، من مؤسِّس الإخوان ورجاله، ضد نساء الجماعة وأزواجهنّ!
 
جاءت هند عيارى «42 سنة» من خلفيّة سلفيّة، ثمّ تحوّلت لاحقًا إلى العلمانية، وتبنّت قضايا المرأة والحرّيات، والآن ترأس جمعية باسم «المُتحرِّرات»، فى فترة انتمائها السلفى، مطلع الألفية، تعرّضت لعملية تحرُّش واعتداء جنسى من بروفيسور إسلامى شهير، بعد ندوة فى العاصمة الفرنسية باريس. سكتت الشابة المُنتقِبة سنوات، ثم أصدرت كتابًا فى العام 2006 باسم «اخترتُ أن أكون حُرّة»، منحته فيه اسمًا مُستعارًا «الزبير»، ثم سكتت قرابة 11 سنة أخرى، قبل أن تُصرّح بهويّته ضمن موجة التدوينات التى تلت فضائح هوليود والوسط السينمائى الأمريكى، وانطلاق حملة اعترافات تحت هاشتاج #METoo. وكانت المفاجأة أن البروفيسور المُتحرِّش، أو الزبير، هو طارق رمضان حفيد حسن البنا.
 
فى سنة 1945 بدأ انتشار شائعات فى أوساط الإخوان عن علاقات فاضحة تجمع عبدالحكيم عابدين، زوج أخت حسن البنا وسكرتير عام الجماعة، بعدد من الأخوات وزوجات وشقيقات الأعضاء. تفجَّرت الشرارة من خلال 4 شكاوى قدمها 4 من أعضاء الجماعة «حسين سليمان، وفهمى السيد، ومحمد عمار، وزكى هلال»، قالوا فيها: إن «عابدين» ينتهك أعراضهم ويزور بيوتهم فى غيابهم.
 
تعود جذور الموضوع إلى استحداث عبدالحكيم عابدين نظام «التزاور»، وتكليف «البنا» له بتنظيمه والإشراف عليه، ولقاء قواعد الجماعة فى بيوتهم، وحلّ المشكلات الأُسريَّة بين الأعضاء وزوجاتهم، لكنّ شخصية «عابدين» المُغرمة بالنساء، ورُبّما تصوُّراته عن نفسه كرجل لا يُقاوَم، كانا سببًا فى استغلاله هذا الامتياز للتقرُّب من الأخوات بشكلٍ مُبالَغ فيه، ودخول علاقات عاطفية وجنسيّة معهنّ.
 
تقدَّمت هند عيارى بشكوى رسمية للنيابة فى مدينة روان الفرنسية، بحسب ما نشره موقع «فرانس 24» فى أكتوبر 2017، الذى قال فى تقريرٍ له: إنه اطّلع على نصّ الشكوى، مُتضمّنًا اتهام طارق رمضان بارتكاب جرائم اغتصاب واعتداءات جنسية وأعمال عُنف وتحرّش وتهديد، وقالت «عيارى» فى شكواها، وحسبما وثّق الفيلم الفرنسى «شيطان فى جسد» المُذاع قبل ثلاثة أسابيع: إنها تأخَّرت فى كشف هويّته، والتصريح بتفاصيل الجرائم التى مارسها بحقّها، خوفًا من التهديدات والضغوط التى تلقّتها من «رمضان» ووجوه بارزة فى الجماعة وتنظيمها الدولى، ورضخت لتلك الضغوط فى ظلّ حيثيّته وحضوره البارز داخل الإخوان، واحتمال أن تكون التهديدات جدّية فى إطار دفاع التنظيم عن أحد كوادره المُؤثِّرة.
 
فى البداية، تعامل طارق رمضان مع الأمر بقدرٍ من المُناورة، نفى تورّطه فيما يُنسب إليه بشكل كامل، وقال: إنها محاولةٌ لتشويه صورته، وفى المسلك نفسه سارت عناصر الإخوان ووجوه بالتنظيم الدولى، مُدّعيةً أن الجرائم المنسوبة إليه مُحاولة للنَّيل من أحد الوجوه الفكرية، بغرض استهداف أصوله العائلية، وتشويه الجماعة بالزجّ باسم جدِّه فى الأمر، لكن مع توالى الوقائع وتكشُّف الحقائق، بدا واضحًا أن الوقائع ليست مُختلقة، وأنها لا تتوقف على واقعة هند عيارى. هنا صمتت الجماعة، وعاد «رمضان» ومُحاموه خطوةً إلى الخلف، لتتوالى أخبار الفضائح مع الإيغال فى التحقيقات.
 
انفجرت فضيحة عبد الحكيم عابدين فى وجه الجماعة، لكنّ حسن البنا حاول المراوغة وإغلاق الموضوع، وفى الوقت نفسه تصدّى أحمد السكرى، النائب الأول للمرشد العام «والمؤسس الحقيقى للجماعة بحسب مؤرخين كُثر» لمحاولة تسوية الأمر بشكلٍ ناعم، وتبنّى الشكاوى، وتشدَّد فى فتح الملفّ والتحقيق فيه، وتحت ضغط الفضيحة واتّساع مجالها رضخ «البنا»، وشكّل لجنة تحقيق، ضمّت أحمد السكرى، وصالح عشماوى «وكيل الجماعة لاحقًا»، وحسين بدر عضو مكتب الإرشاد، وإبراهيم حسن، وحسين عبد الرازق، وأمين إسماعيل عضو مكتب الإرشاد وسكرتير تحرير صحيفة الإخوان المسلمين.
 
انتهت اللجنة الرسمية جدًّا، بعد التحقيق الشامل فى الوقائع المُثارة، إلى نتيجة واضحة ضمّنتها تقريرًا رسميًّا، نشرته صحيفة «صوت الأمة» الناطقة باسم حزب الوفد وقتها، فى الصفحة الثالثة من عددها الصادر بتاريخ 19 أكتوبر 1947، مفاده ثبات التهمة بحقّ «عابدين»، أو بحسب نص التقرير: «موقف الإخوة - يقصد الشاكين الأربعة - سليم من كل وجهة، واقتنعت اللجنة اقتناعًا كاملاً بما توفّر لديها من بيانات، سواء من طريق الأربعة المذكورين، أو عن طريق غيرهم ممّن تقدّموا إليها من الإخوان، بأن الأستاذ عابدين مُذنب، خصوصًا إذا أضفنا إلى ذلك اعترافاته إلى بعض أعضاء اللجنة». وأوصى التقرير بفصل «عابدين» من الجماعة بإجماع الأعضاء، ونَشر القرار، والعمل على مُداواة الجروح التى تسبَّب فيها.
 
فى كتابها «اخترت أن أكون حرة»، الصادر عن دار فلاماريون الفرنسية 2006، قالت هند عيارى: إن طارق رمضان استغلّ هشاشتها كسيّدة سلفيّة، وإنها لمَّا استجمعت شجاعتها وصرخت فى وجهه، شتمها وضربها وواصل اعتداءه البدنى والجنسى عليها، بما يُعزِّز القصديّة والتعمُّد، وربَّما يُؤكّد اعتياد تلك المُمارسات، لدرجة رباطة الجأش والقدرة على إنجاز الاعتداء، بغضّ النظر عن ردّ فعل الطرف الآخر، وحجم ما يستشعره من أذىً أو يُبديه من مقاومة، فضلاً عن أن تلك الشهادة بمثابة تأكيد لصدق الاتهامات التى لاحقت حفيد مؤسِّس الإخوان، فإنها تُمثِّل دليلاً على أن طارق رمضان يُشبه جدَّه البنا، الذى كان رابطَ الجأش وهو يُهدر حقوق الأخوات، ويُسهِّل إفلات «عابدين» من جريمة التعدِّى على شرف أعضاء الجماعة قبل أكثر من سبعين سنة!
 








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة