أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 يناير 1954.. عبدالناصر يبلغ مجلس الوزراء إهانة السفير التركى له.. والحكومة تقرر طرده من مصر

الجمعة، 03 يناير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 يناير 1954.. عبدالناصر يبلغ مجلس الوزراء إهانة السفير التركى له.. والحكومة تقرر طرده من مصر جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقد مجلس الوزراء اجتماعه مساء يوم 3 يناير، مثل هذا اليوم، عام 1954، كانت الخلافات بين اللواء محمد نجيب رئيس الجمهورية وباقى أعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو تشغل الجميع، لكن التصرفات المسيئة لمصر من السفير التركى فى القاهرة فؤاد طوغاى فرضت نفسها على الاجتماع، حسبما يذكر عبداللطيف البغدادى، عضو مجلس قيادة الثورة، وأحد قياداتها البارزين.
 
كان «طوغاى» سفيرا لتركيا فى مصر منذ عام 1951، يتذكر بغدادى فى الجزء الأول من مذكراته: «فى هذا اليوم أيضًا أبلغنا جمال عبدالناصر» نائب رئيس الوزراء»، أن «طوغاى» أهانه فى اليوم السابق أثناء حفلة فى دار الأوبرا، وأن الإهانة حدثت على مسمع من السفير الهندى ووزير السويد المفوض، الذى حدث هو أنه عندما كان جمال يحيى السفير التركى بقوله له «هالو»، رد عليه قائلاً: إنكم لا تتصرفون كالرجال المهذبين. You don’t behave as gentlemen وزاد على ذلك قوله: «إننا لن نكون أصدقاء بعد اليوم»، وكان ذلك بصوت مرتفع من السفير على مسمع من الموجودين، وحاول الوزير السويدى إنقاذ الموقف فتدخل بتقديم نفسه إلى جمال حتى ينهى المسألة.
 
يذكر «بغدادى»، أن الدكتور محمود فوزى وزير الخارجية عرض مذكرة على الاجتماع لإرسالها إلى الحكومة التركية لإبلاغها بما حدث، وطلب سحب سفيرها فورًا، وجاء فى المذكرة أيضًا واقعة أخرى حدثت من نفس السفير فى حفلة توديعه أقامتها له السفارة التركية بمناسبة نقله من القاهرة، وكان سفير الصين مدعوا بها ولما قام بتحيته بقوله: «عسى أن نراك قريبًا هنا ثانية في القاهرة، فما كان منه إلا أن رد بقوله: «لن ترانى هنا ثانية فى هذا المكان القذر»، يؤكد بغدادى: «رئى أن يعامل السفير التركى عند مغادرة أرض البلاد معاملة الأفراد العاديين ويفتش فى الجمرك».
 
فى اليوم الثانى للاجتماع «4 يناير»، أصدرت الحكومة بيانا جاء فيه: لا يمكن التغاضى عن موقف السيد خلوصى فؤاد طوغاى، سفير تركيا لدى القاهرة تجاه الحكومة المصرية، وكذلك بسبب الحديث الذى دار بينه وبين البكباشى جمال عبدالناصر نائب رئيس الوزراء، مما أدى بالحكومة المصرية إلى عده شخصا غير مرغوب فيه، ولا بد من مغادرته البلاد خلال أربع وعشرين ساعة، وأوردت صحيفة الأهرام القصة يوم 5 يناير 1954، على 8 أعمدة فى الصفحة الأولى، وأرجعت الطرد إلى حملات «طوغاى» المستمرة على ساسة قادة ثورة 23 يوليو 1952، وتوجيهه ألفاظا نابية إلى جمال عبد الناصر. 
 
قالت الأهرام: «إنه لمناسبة افتتاح وزارة الإرشاد لموسم دار الأوبرا، دخل البكباشى جمال عبد الناصر فصافح السفير الهندى، ثم أبصر السيد طوغاى فى أحد أركان الغرفة»، فحياة: «هالو»، لكن «طوغاى» بدلا من رد التحية، وجه إلى البكباشى جمال بصوت عال، عبارات أقل ماتوصف به أنها لا يمكن أن تصدر من شخص مسؤول، فضلا عن ممثل دبلوماسى مفروض فيه الكياسة التامة فى الحديث،وأول واجباته التزام الحدود .
 
كشفت «الأهرام»: «السفير قال لجمال عبدالناصر: «تصرفاتكم ليست تصرفات جنتلمان، ولن تكون هناك أية صداقة بيننا وبينكم»، فلم يشأ عبدالناصر الرد عليه، بل اكتفى بأن أدار ظهره فى هدوء، وواصل حديثه مع سفير الهند ووزير السويد المفوض، وكشفت «الأهرام»، أن «طوغاى» لم يكتف بذلك، بل زاد بوصف لمصر بأنها «بلد قذر» أيضا، فاحتدمت الأحوال وتوترت أكثر.
 
أخذت المسألة بعدا شعبيا، حيث نشرت «الأهرام»، أن مواطنا مصريا بعث برقية إلى «السفير» الطريد يطالب مبارزته ردا على الألفاظ النابية التى وجهت إلى مصر ورجال الحكومة فيها، تكشف الدكتورة عواطف عبدالرحمن الكاتبة وأستاذة الصحافة بجامعة القاهرة فى كتابها «المسكوت عنه فى مصر المحروسة»، أن خالها هو صاحب هذه البرقية.. تتذكر: «كانت أمى بهية فهمى تحدثنى عن شقيقها الطيار محمد فهمى الذى أوى السادات أثناء هروبه من المحاكمة فى قضية مقتل أمين عثمان 1946.. كانت تذكرنى دوما بمواقف شقيقها الوطنية وشجاعته فى دفاعه عن كرامة مصر وعن عبدالناصر، خصوصا عندما أعلن استعداده لمبارزة السفير التركى ردا على الإهانة التى وجهها إلى عبدالناصر عندما قابله فى أحد الاحتفالات، وتحدث بسخرية واستهانة عن ثورة يوليو ورجالها.
 
 وفى الأهرام أيضا، كتب الكاتب الصحفى أحمد الصاوى محمد مقالا يقارن فيه بين مصر وتركيا، قائلا: نظرة واحدة على شوارع إستنبول وأنقرة، حيث البؤس والفقر المدقع لتدرك على الفور الفرق الشاسع بين ما بلغته مصر فى سنوات قليلة، وما تزال ترزح تحته تركيا من أثر التعصب والجمود والفاقة، وصف «الصاوى» الدبلوماسية التركية بـ«الكسيحة العرجاء»، و«الدبلوماسية التى تجهل الدبلوماسية».
 
كان «طوغاى» زوجا للأميرة «أمينة مختار» حفيدة الخديو إسماعيل، وابنة الأميرة نعمت الله أخت الملك فؤاد، وعمة الملك فاروق، أى كان صهر العائلة المالكة التى اقتلعتها ثورة يوليو من حكم مصر، وكان يعيش فى القاهرة بقصر حماته على مساحة 22 ألف فدان فى منطقة المرج، ووصف قرارات ثورة 23 يوليو بمصادرة أموال أفراد العائلة المالكة سابقا بأنها «أوامر غير عادلة».  









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة