لم تتخل مصر يوما عن أى دولة عربية أرادت المساعدة، فمصر كانت ولازالت هى الدولة الأهم فى المنطقة العربية وربما الشرق الأوسط بأكمله، وحصن أمان لكثير من الدول التى تنظر إلى مصر بإعتبارها الشقيقة الكبرى القادرة على استيعاب الخلافات وإذابتها، حيث قدمت مصر للكثير من الدول العربية على مدار العقود الماضية المساندة والدعم، سواء كانت حكوميا، أو حتى بالتأييد الشعبى، فمنذ اللحظة التى استقلت فيها مصر، عن الاحتلال البريطانى، أصبحت قضية الاستقلال هى الشغل الشاغل لمصر فى الخمسينيات والستينيات، وأولوية بالنسبة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
دولة الكويت، كانت من الدول التى ساندتها مصر فى كثير من المواقف، منذ بداية استقلالها فى أوائل الستينيات وإلغاء الحماية البريطانية، مرورا بصراعها مع العراق، والتدخل المصرى، وغيرها من المواقف الأخرى، التى تبين وتوضح مدى قوى الترابط والعلاقة بين دولتى مصر والكويت.
إحدى الوثائق النادرة، كشفت عن مطالبة الأمير الكويتى الراحل عبد الله السالم الصباح، للزعيم المصرى جمال عبد الناصر فى عام 1961، بضرورة التدخل لمنع العراق من ضم الكويت إلى الأراضى العراقية، بحجة أن الكويت جزءا من العراق.
نص الرسالة
وبحسب أحد الكتب الذى يرصد علاقة مصر وعبد الناصر بالعربى فى ذلك الوقت، فإن الأمير عبد الله السالم الصباح، أرسل برسالة إلى عبد الناصر، جاء بها: "سيادة الاخ الرئيس جمال عبد الناصر، حفظه الله ورعاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فإن التصدع الذى أحده اللواء عبد الكريم قاسم فى وحدة الصف العربى، وذلك بتصريحاته العدوانية ومطالبته بضم الكويت الجارة العربية الشقيقة المسالمة إلى العراق، والقضاء على حريتها واستقلالها، فى وقت يسرى العالم العربى أنه أحوج فيه إلى التضامن والاتحاد، قد فرض علينا موقفنا فرضا، وحتم علينا اتخاذ الخطوات التى اتخذناها على الصعيد العربى والدولى، ولقد أستتتسبنا أن نبعث بوفد برئاسة ولدنا الشيخ جابر الأحمد الصباح، رئيس دائرة المالية والاقتصاد وعضوية السادة عبد العزيز الصقر ونصف اليوسف النصف، ويوسف إبراهيم الغانم، إلى الدول العربية لإطلا ها على آخر التطورات، ونبادل وجهات النظر وسيبدأ الوفد بزيادة الجمهورية العربية المتحدة، وذلك لأننا على ثقة من أن الوفد سيجد من سيادتكم التعاون والتوجيه مما يكفل حفظ الصف العربى وتراصه وقوته، والعمل على تحقيق أهداف العرب وأمانيهم، والله نسأل أن يوفقنا جميعا إلى ما فيه الخير، وأن يجنب العرب أضرار التفرقة أنه سميع مجيب.. مع أطيب تحياتنا وسلامنا".
الزعيم جمال عبد الناصر مع أمير الكويت عبد الله السالم الصباح
وقد أصدرت الكويت بيانا فى 26 يونيو 1961، ترد فيه على ادعاءات قاسم، وطالبت المعونة من السعودية، التى استجابت بسرعة وأمر الملك سعود على الفور بإرسال قوة عسكرية لمساندة الكويت استنادا إلى اتفاقية الدفاع المشترك التى عقدت بين البلدين فى 1947 على أن تنسحب هذه القوات بعد انتهاء الأزمة".
وجاء أيضا بالكتاب، "أعلنت الجمهورية العربية المتحدة أنها تلقت عن طريق مصادرها المختلفة، أن بعض الدوائر فى بغداد تبحث جديا احتمالات التدخل العسكرى فى الكويت، وطلب البيان من الشعب العراقى، ومن كل مسئول فى هذه اللحظات أن يضع فى اعتباره قبل أى قرار أن مصير الأمة العربية يعلو على أى مجد شخصى وعلى أى مطمع اقليمى، وعلى أى معاهدة أو وثيقة قديمة".
وأضاف الكتاب، "وقد تجاوب عبد الناصر مع قضية الكويت بشغف فقد كتب بخط يده فى مسودة خطاب ألقاه بمناسبة العيد التاسع لثورة 23 يوليو 1961 ضمن أوراقه الخاصة.. "القيم التى يجب أن تحكم النضال العربى... أفكار التوسع الإقليمى ماذا لوحدثت.. الطمع فى الثروات".
وقد خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، أمير الكويت ردا على رسالته قائلا، إن الجمهورية العربية المتحدة تعرف أن الانجليز حاولوا مرارا انزال قواتهم فى الكويت، ولكنها كانت دائما تعترض وقد ابتعدت الجمهورية العربية المتحدة عن ارسال قوات إلى الكويت إذ أن المسألة ليست الكويت وحدها وإنما متصلة بالموقف العربى كله والموقف الدولى، ولو بادرت الجمهورية العربية بإرسال قوات إلى الكويت لركزت القوى الاستعمارية جهدها فى تشويه موقفها وتصويره على أنها محاولة تسبق حكومة العراق فى السيطرة على الكويت".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة