أكرم القصاص - علا الشافعي

الدكتور نصر محمد غباشى يكتب: أهمية الأحزاب السياسية فى مصر

الثلاثاء، 09 يونيو 2020 12:45 م
الدكتور نصر محمد غباشى يكتب: أهمية الأحزاب السياسية فى مصر الدكتور نصر محمد غباشى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عرفت المحكمة الإدارية العليا فى حكم تاريخى صادر لها بتاريخ جلسة 1/6/1993 في الطعن رقم 3009، لسنة 32ق. الحزب السياسى على أنه ((جماعة منظمة تعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين بقصد المشاركة فى مسئوليات الحكم لتحقيق برنامجها الذى يستهدف الإسهام فى تحقيق التقدم السياسى، والاجتماعى، والاقتصادى للبلاد)).

يكون بذلك للأحزاب السياسية أهمية كبرى فى المشاركة فى الحياة السياسية فى ظل الأنظمة الديمقراطية للدول الكبرى ومن أهمها مصر، وهذا ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 40 لسنة 1977 فى شأن الأحزاب السياسية بأنها ((كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون، وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، وذلك عن المشاركة فى مسئوليات الحكم)) بذلك تعتبر تعدد تجربة الأحزاب السياسية فى مصر من أفضل التجارب الديمقراطية  الذى استبشر بها المجتمع خيراً، وذلك لمواكبة ظهور الأحزاب السياسية فى الدول الديمقراطية الكبرى وخير مثال أمريكا وبريطانيا، وذلك للاتجاه إلى نحو سياسة انفتاح اقتصادى وتجارى على العالم كلة لبناء مجتمع ديمقراطى واعٍ فكرياً ومثقف سياسياً لكسب وتحسين صورة الأنظمة الديمقراطية السائدة أمام المجتمع الدولى كله.

جدير بالذكر، أن فقهاء القانون الدستورى فى الأنظمة الديمقراطية المعاصرة أجمعوا على أهمية وضرورة وجود الأحزاب السياسية فى هذه الأنظمة لكى تسعى فى طريقها، وتنجح فى تحقيق أهدافها فى تحقيق المساواة بين شعوبها وتنشيط الحياة السياسية بينهم ونشر الوعى الثقافى والاجتماعى والاقتصادى ومعرفة الوعى بالقانون وتنقية كل القوانين التى تعوق ممارسة الأفراد عن  حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن ممارسة الديمقراطية السليمة فى ظل النظام الديمقراطى هو تعبير عن إرادة المواطنين وضمانة أساسية لحقوقهم فى اختيار حزب يعبر عن أفكارهم وآرائهم وتقديمها للمواطنين فى خصوص الموضوعات المطروحة على الخريطة السياسية للدولة لنشر الوعى الفكرى والسياسى، لكى نجعل هذا الشعب مثقفا سياسياً وفكريا، لأن الهدف من الحزب هو الوصول للسلطة التنفيذية لتحقيق أهدافها وتنفيذ برامجها، لأن الحياة الحزبية السليمة تهدف إلى تحقيق التنمية ورقى وتقدم وازدهار ورفاهية شعوبهم، وحماية حقوقهم الأساسية من الحقوق والواجبات والحريات العامة الأساسية، والعمل على مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات وهذا يتحقق من خلال استقلال السلطة القضائية وحق التقاضى وتحقيق المعادلة المتوازنة بين السلطات العامة فى الدولة وهذا يعمل على تحقيق الرقابة المتبادلة فيما بينهم لحماية الحقوق والحريات للأفراد، هذا يكون خير دليل على ثبات ورسوخ أركان النظام الديمقراطى الصحيح فى الدولة، ويمنع تعسف السلطة واحتكارها للأفكار وتقيد الحريات.

إلا أن وضع الأحزاب السياسية فى مصر لا يرقى أن يكون مثل مثيله فى الدول الكبرى بل إن صفوة أعضائهم  من رجال الأعمال خلقوا لأنفسهم قوى احتكارية سيطرت وهيمنت على تلك الأحزاب، والحكمة من ذلك هو تحقيق أغراضهم للوصول إلى كرسى البرلمان والمشاركة فى الحياة السياسية والنيابية بالشكل الذى يرضاه حتى لو غلبت مصلحته الخاصة على المصلحة العامة، فبالتالى لا تقوم للتعددية الحزبية قائمة ويبقى حزب واحد مسيطر على الحياة السياسية صاحب الآراء والأفكار والتشريعات، وخصوصاً إذا كان لا يوجد حزب آخر منافساً وندا له لكى يبصر المجتمع بالوجه الآخر لما يدعيه هذا الحزب، ويكشف زيفه، وسوء نيته مما يدعو إليه، لأن سيطرت الحزب الواحد على الحياة السياسية والبرلمانية فى مصر هو تأثير سيئ على الحياة الحزبية كلها، لأن سيطرة رأس المال البشرى من فرد واحد أو أسرة واحدة أو شخصية بعينها على الأحزاب فى مصر، تكون هذه أحزاب تضليل محتكرة يقودها أصحاب الاحتكارات من الرأسماليين لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية لهم، لأن أحزاب رجال الأعمال لها مخاطر عديدة على سلامة المجتمع وهذا يؤدى إلى الاضمحلال والهزال وفساد الحياة الحزبية، خصوصاً أن كوادر هذه الأحزاب تتعالى فى الكبر والغطرسة، عندما يعاملون فقراء الشعب بكل مهانة عندما يقومون بدورهم الاجتماعى نحو أفراد الشعب من تقديم المساعدات الإنسانية لهم سواءً كانت فى صورة عبوات غذائية، أو منسوجات قطنية وخلافه، ويكون هذا تحت بصر وسمع العامة من خلال نشر هذه الأعمال الإنسانية فى صورة إعلانات مدفوعة الأجر فى الإعلام المسموع أو المقروء أو المرئى أو النشر عبر وسائل التواصل  الاجتماعي الفيسبوك.

 فهل أغراض هذه الأحزاب التخفيف عن الفقراء بهذا التعالى واللامبالاة من إحراج الطبقات الفقيرة من هذا الشعب؟. علماً أن هذا الدور تستطيع القيام به أى مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدنى أو أى جمعية من الجمعيات الأهلية، لأن هدف الحزب أرقى وأسمى من ذلك وهو المشاركة فى الحياة السياسية من إصلاح التعليم والمساعدة فى الحصول على الخدمات الصحية الجيدة بسعر عادل والقضاء على البطالة وخلق سياسات اقتصادية واجتماعية تراعى فى مصالح الجماهير واذابة الفوارق بين طبقات الشعب المختلفة، ومع كثرة الأحزاب فى مصر إلا أننا لم نجد لهذه الأحزاب أى فكر سياسى إلى الآن رغم أن قانون الأحزاب السياسية الذى تحدثنا عنه يشترط لتكوين الحزب السياسى أن يكون له مبادئ وأفكار سياسية، إلا أن اقتران الأحزاب أصبح يعود إلى الشخصيات العامة من رجال الأعمال الذين يملكون الصحف والمحطات الفضائية من قنوات تليفزيونية فضائية ومواقع إلكترونية صحفية فيكون هو صاحب الفكر والرأى الواحد وعدم تنوع الآراء ويكون هذا الرأى مسيطرا سيطرة كاملة على عقول الجماهير ومسخرها لمصلحته وأفكاره، لأنه يملك الصحف ومواقعها الإلكترونية وقنواته الفضائية وهذا له تأثير سيئ على حرية الرأي والتعبير، وتنهار حرية الصحافة كما تنهار الأحزاب السياسية لسيطرة رأس المال عليها لأن هذا العضو يستطيع الوصول إلى دهماء الشعب وأصحاب الفكر المحدود من السيطرة على عقولهم وتجنيدهم لمصالحة الانتخابية للوصول إلى كرسى البرلمان، سواء كان عن طريق المساعدات أو شراء الذمم بالمال، وهذا يعتبر أشد أنواع الفساد لخلق جيل فاسد ينتشر  فى الرشوة والفساد ويظهر هذا فى القرى والنجوع والمناطق الشعبية فى الحضر والمدن وللأسف الشديد هذه الفئات الفاسدة  منتشرة جداً فى مجتمعنا فى مختلف طبقاته، للسيطرة على إرادة وعقول الناخبين لكى ينتخبوا شخصية بعينها للوصول إلى كرسى البرلمان فيضمن العضو نجاحه بسهولة فتتبلد الأفكار ولا يحقق مطالب وطموحات شعبه ولا حتى أفكار حزبه السياسية.

إلا أننا نريد أحزابا سياسية حرة تعبر من خلال أعضائها المكونين لها عن آمال وطموحات الجماهير انطلاقاً ومبدأ وأهداف حرية الأحزاب السياسية هى المشاركة فى الحكم وتحقيق التعاون المشترك فى المجال السياسى والثقافى والفكرى لأن من حق المجتمع أن تكون له أحزاب حرة تدافع عنة وعن مصالحة لا عن المصالح الشخصية لأعضائه وهذا طموح طبيعى مستحق لهذا الوطن فى ظل الظروف التى تحيط بنا من كل جانب.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة