الدكتور سيد المطعنى، فنان عالمى، من نجوم فن النحت للتحف الفرعونية المقلدة على مدار السنوات الماضية غرب محافظة الأقصر، قرر منذ عدة سنوات أن يقوم بتعليم صناعة التحف الفرعونية المقلدة لعدد من تلاميذه من أقاربه وأبناء بلدته ليرثوا من خلفه ذلك الفن النادر فى الجنوب، وبدأ مجموعة من الشباب تعلم تلك الحرفة المميزة على يد أحد كبار ورثة الفن الذى لا يزال يعمل ليل نهار لإنتاج السحر الخاص به وهى التحف الفرعونية المقلدة والمصنوعة من الألباستر، وهو شيخ النحاتين الدكتور سيد المطعنى.
احد التوابيت مصنوعة بأيدي أحمد درويش
حيث أكد الشباب أنهم يتعلمون داخل الورشة فى مدينة القرنة غرب المحافظة على صناعة التحف التاريخية بمختلف أشكاله وهى المهنة التى توارثها الأجيال على مر العصور، فقبلهم بآلاف السنين أتقن تلك المهنة القدماء المصريين وهى الفن التراثى وصناعة التحف من مختلف الأدوات حجارة وبازلت وذهب وغيرها هم القدماء المصريين، حيث أن الأسر الفرعونية المختلفة أنجبت أمهر الفنانين على مدار التاريخ وورثها منهم حالياً نجوم تلك المهنة فى البر الغربى بمحافظة الأقصر.
تابوت فرعونى مصنوع بأيدي تلاميذ المطعنى بالورشة
وفى هذا الصدد إلتقى "اليوم السابع"، بخليفة الدكتور سيد المطعنى، وهو الشاب أحمد درويش الطالب فى الفرقة الرابعة بكلية الدراسات الإسلامية، الذي يقول أنه يعمل مع الحاج سيد المطعنى منذ كان عمره 12 سنة، وظل يتعلم منه سر المهنة وعرف كيف يصنع التماثيل والتحف الفرعونية المختلفة المقلدة كما كانت فى العصور الفرعونية، حيث يصنع الجعران والخنجر والتوابيت الصغيرة وعلب مجوهرات صغيرة بداخلها جعران أو توابيت ملكية صغيرة تكون هدية، وغيرها من التحف الفرعونية المصنوعة يدوياً من الحجارة.
تحفة مميزة داخل ورشة سيد المطعنى
ويضيف أحمد درويش، لـ"اليوم السابع"، أنه تعلم تلك الفنون والحرفة منذ بداية جلب الأحجار من جبل القرنة، ثم تجهيز الحجر بالمنشار وغيرها من الأدوات حتى دخول الأحجار للفرن بشكلها النهائي لكى تحصل على قدر كبير من الحرارة لكى تكون أصلب وأقوى بعد بيعها للسائحين الأجانب والمصريين.
تحف مميزة صنعت بأيدي تلاميذ المطعنى
ويؤكد الشاب أحمد درويش، أنه يقوم داخل الورشة منذ حوالى 7 سنوات مضت، بالعمل خلف الدكتور سيد المطعنى ويتعلم منه فنون التحف المقلدة لتكون حرفة له فى المستقبل يستطيع منها جلب الرزق الحلال، حيث أنه لا يفكر فى إنتظار التوظيف بعد الكلية، لكونه ورث تلك المهنة من أشهر فنان فى الأقصر بأكملها، وقال صديقه أحمد على البالغ من العمر 25 سنة، أنه يتعلم حالياً تلك المهنة على يد الدكتور سيد المطعنى وأحمد درويش لكى يحصل على حرفة الأجداد ويكون متمكن منها ليقوم بعمل ورشته الخاصة بعد نهاية دورة التعليم بورشة الحاج سيد المطعنى.
منحوتات بطابع فرعونى داخل ورشة سيد المطعنى
ومن جانبه يقول الدكتور سيد المطعنى، أشهر صانع للتحف والتماثيل بالأقصر، أنه يعتبر فن صناعة التحف المقلدة والتماثيل من حجارة جبل القرنة من الفنون الجميلة التى يشتهر ويتميز بها أهل غربى الأقصر، فقديماً فى عصور ملوك الفراعنة تم استخدام الألباستر فى صناعة الأوانى التى تقدم فيها المشروبات قرباناً للألهة فى المعابد القديمة، وفى الحياة اليومية بالمنازل كانت تصنع منه أوانى العطور والزيوت، فهو فن حقيقى لايقل قيمة عن فن الخزف أو النحت، ويحتاج إلى مجهود أكبر من باقى الفنون المشابهة له، حيث أنه يكون عبارة عن حجارة يتم العمل على تشكيلها بصورة مرهقة للغاية، فحجر الألباستر يختلف بألوانه من "الأبيض والوردى والبيج والبنى والرمادى والأسود والأخضر"، ولكل حجر استخدامه للفنان الذى يصنعه.
احد التوابيت فى يد تلاميذ سيد المطعنى
ويضيف الدكتور سيد المطعنى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، الحاصل على دكتوراه شرفية من إحدى جامعات أوروبا، أن صناعة التحف تعد مصدر رزق للمئات من أبناء مدينة القرنة، والتى توارثها أبناء المحافظة عن أجدادهم قدماء المصريين، ويسعى لشرائها عدد كبير من الأجانب الذين يزورون مصر خلال زياراتهم السياحية للبلاد، قائلاً، "عائلتي وأجدادي كانوا يعملون في فن النحت والتماثيل الفرعونية المقلدة للسائحين والزائرين لبلدتي الأقصر، كنت أحاول نحت الأحجار منذ صغرى، وأتدرب عليها واستعين ببعض من الأثريين لمعرفة مدى دقة منحوتتي، منهم الدكتور أحمد يوسف والدكتور لبيب حبشي وغيرهم من الآثريين المعروفين، وكنت أحرص على الذهاب للمعابد ورؤية الأثار حتى أصبحت أستطيع التفرقة بين الأصل والتقليد بسهولة، وأصبحت معروف في تلك الحرفة".
أحمد درويش يعلم عدد من التلاميذ داخل الورشة
وتابع المطعنى،" ذاع صيتي وإشتهرت وزارنى الكثير من السائحين من جميع أنحاء العالم ومختلف الجنسيات، بالإضافة للكثير من المشاهير منهم آل جور (ألبرت أرنولد)، نائب رئيس أمريكا كان في زيارة لمعبد الكرنك ونحت له تمثالا أوشابتي، و"هلموت كول "المستشار الألماني نحت له جعران كبير يجلب الحظ، أما الملكة صوفيا ملكة أسبانيا، أهديتها أربع مستنسخات من الجعارين أثناء زيارتها لأول أوبرا في الأقصر عام 1998، كما أهديت الرئيس الراحل السادات منحوتات من صنع يدى عبارة عن حجاب فرعوني، والرئيس مبارك أهديته منحوتة تعوذية لتوت عنخ أمون".
ادوات النحت المستخدمة من تلاميذ سيد المطعنى
وأكمل المطعنى،" القدماء المصريين كانوا يستخدموا كل شيء من مصر للنحت بدءًا من الأحجار الجرانيت، الإردواز، الألاباستر، الاستابستون. ولا يوجد وقت معين لإنتهاء العمل فكل منحوته ولها حالتها وقيمتها وتاريخها، والنسب والتناسب التي الخاصة بها، وزار السيد المطعنى شيخ النحاتين الكثير من دول العالم، والمتاحف والمعارض المقامة فيها، يقول الفنان "زرت معرض برلين وشفت نفرتارى، ومتحف اللوفر زرته 15 مرة، ومتحف لندن، ولما بشوف الآثار المصرية قلبي ينزف دم، ببقي حزين جدًا عشان دي حاجتى وحاجة أجدادى لازم تبقى عندى".
الشاب أحمد درويش داخل الورشة
ويقول "المطعنى"، أتمني أن يكون هناك الكثير من المدارس التي تعلم الأطفال والشباب الحرف اليدوية، فهي المستقبل الذى يرفع من شأن الدول ويبني الإقتصاد، لذلك فتحت مدرسة أعلم فيها من الأطفال والشباب من يريد أن يمتهن هذه الحرفة، وقد تخرج منها دفعتين، وجميعهم في مراحل التعليم المختلفة فلا يوجد بينهم جاهل".
سيد المطعنى شيخ النحاتين مع تلميذه أحمد درويش
منحوتات بطابع فرعونى داخل الورشة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة