"المبدعون لا يموتون" جملة تنطبق تماما علي الفنان الراحل نور الشريف، الذي أفني عمره في خدمة الفن والإبداع، ودافع عن أعماله بروح البطل الشجاع الذي لا يهاب، فلم يخف علي موهبته التي لمسها الجمهور العربي أجمع وليس المصري فقط، و بعد أن أثري السينما والتلفزيون بأعمال خالدة ولها بصمتها الخاصة في قلوب الجمهور، رحل في مثل هذا اليوم 11 أغسطس من عام 2015، تاركا الحزن في قلوب جمهوره الذي تعلق بأعماله.
كان الفن شغله الشاغل حتي أنه في شبابه ترك كلية التجارة من أجل الإلتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وبالفعل تفوق فيها وحصل علي الدبلومة بتقدير ممتاز، تعرف خلال دراسته في المعهد على الفنان سعد أردش الذي كان له الفضل في دخوله للفن، حيث رشّحه للعمل معه في دورٍ صغير في مسرحية "الشوارع الخلفيَّة"، كما اختاره المخرج كمال عيد من أجل التمثيل في مسرحية "روميو وجولييت".
شاهده عادل امام في مسرحية "روميو وجولييت” ورشحه للمشاركة في فيلم "قصر الشوق"، للمخرج حسن الإمام، ونال شهادة تقدير عن دوره في الفيلم، وبعد هذا الفيلم، توالت الأعمال الفنية التي شارك فيها نور الشريف، بسبب اجتهاده وحبه للتمثيل، ومن أبرز أعماله السينمائية التي قام ببطولتها وأسهمت في صنع نجوميته وانتشاره "الحاجز" و"بئر الحرمان" و"الأبرياء" و"زوجتي والكلب" و"سواق الأتوبيس" و"حدوتة مصرية" و"ليلة ساخنة" و"الشيطان يعظ" و"حبيبي دائماً"، و"الكرنك" و"أهل القمة" و"زمن حاتم زهران" وغيرها من الأفلام الهامة في السينما.
ورغم ما حققه النجم نور الشريف من نجاحات ضخمة إلا أنه كأى فنان تعرض لصدمة منع عرض 3 أفلام له، لكنه لم يقف صامتا بل دافع عن أعماله بكل قوة وصرامة، ودخل في العديد من المعارك لتخرج أعماله إلي النور.
ومن أول هذه المعارك، معركة فيلم “الكرنك الذي أنتج 1975، وهو عن قصة الأديب نجيب محفوظ، حيث تعرض الفيلم لحملة انتقادات واسعة، ورأي البعض فيه تشويها لصورة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وحقبته، بخاصة أن هذا الفيلم تم إنتاجه في عهد الرئيس الراحل السادات، الذي يعتبر البعض أنه جاء مضادا تمام لإتجاه الرئيس جمال عبد الناصر، وكون الفيلم يتطرق لصور وأشكال التعذيب والترهيب التي كان يتعرض لها سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين، وبخاصة الشيوعيين في عهد جمال عبد الناصر.
فأصدر يوسف السباعى وزير الثقافة وقتها قرارا بمنعه، فذهب منتج الفيلم يوسف الليثي إلى منزل الرئيس السادات لمقابلته، وبالفعل طلب السادات بفتح استديوهات مدينة السينما فى الفجر وخروج شريط الفيلم وشاهده بفيلته ووافق على العرض، ورغم كل ما واجهه الفيلم إلي أنه ضمن 7 أفلام للفنان نور الشريف في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية.
وتكررت الأزمة مرة أخري عام 1981 مع فيلم "أهل القمة"، الذي منعته الرقابة من العرض دون إبداء أسباب واضحة، وكان يتناول فترة الانفتاح الاقتصادي والثراء الفاحش غير المبرر لبعض فئات الشعب جراء سياسة الانفتاح، وظهور أثرياء جدد كونوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة، ليصعدوا فجأة إلى قمة المجتمع.
ولكن إصرار الفنان الراحل "نور الشريف" على عرض الفيلم، جعله يتصل بالرئيس الراحل أنور السادات، ويطلب منه السماح بعرض الفيلم، فاشترط السادات مشاهدة الفيلم قبل عرضه، وبعد مشاهدته وافق على عرضه بعد حذف أحد مشاهده.
ولكن كل ما مضى بسيط أمام أزمة فيلم "ناجى العلى" عام 1992، والذي يعتبر من أشهر أعمال الفنان الراحل "نور الشريف" التي منعت من العرض وحدثت عليها ضجة كبيرة، فقد أغضب الفيلم الكثير من الأنظمة العربية، لعرض وتجسيد الرسومات التي كانت تنتقد تلك الأنظمة ولم يكتف الكاتب "بشير الديك" بذلك، بل تطرق لهذا النقد في الحوار على لسان البطل، ووصلت الأزمة إلي أن أحد رؤساء الدول كان من أشد المهاجمين لبطله وأسرة العمل، لإعتقاده أنه يحمل إسقاطات وإتهامات عليه، ومنع الفيلم من العرض في الكثير من الدول العربية.
وسحبت الأجهزة الرقابية الفيلم من دور العرض في مصر بعد أسبوعين من عرضه، ومنع الفيلم من العرض قرابه الـ 21 عاما، حاول فيهم الفنان نور الشريف محاولات كثيرة لعرضه مرة أخري، لكن باءت محاولاته بالفشل، لتنحل الأزمة عام 2014 ويعرض الفيلم لأول مرة بعد هذه الفترة الطويلة.
الكرنك
أهل القمة
ناجي العلي
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة