أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: عام جديد بعيدا عن «هبد» المنجمين

الأحد، 01 يناير 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى نهاية كل عام، تزدهر ظاهرة المنجمين، وتنهال التوقعات، وتنتشر برامج ضرب الودع وقراءة الطالع، وهو موسم من يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء فلك وعلماء تنجيم، ورغم أن أغلب - إن لم يكن كل - توقعات المنجمين والمنجمات لا تتحقق، إلا أنهم لا يتراجعون، ثم إن أحدا لا يتوقف ليراجع ما تحقق وما لم يتحقق، وخلال السنوات الأخيرة شهد العالم أحداثا مفاجئة خلت منها توقعات المنجمين بشكل تام، فلم يتوقع خبراء التنجيم نهاية عام 2019 أن عام 2020 سوف يشهد اجتياح فيروس كورونا للعالم، واستمرار خطره عامين، ودخول سكان الكوكب كله تحت قيد الحجر المنزلى الإجبارى، وهو فيروس غيّر خرائط الاقتصاد والتحركات، وأوقف شركات الطيران. 
 
من المفارقات أن المنجمين وخبراء الفلك وقراءة الطالع، فى نهاية العام 2019، لم ينتبهوا إلى ما يقبل عليه العالم، وأغلب التوقعات كانت ترى أن عام 2020 مناسب للسفر والمشروعات طويلة الأجل، لكن «كورونا» أجهض هذه التوقعات، وتسبب فى إلغاء السفر والسياحة وضرب الاقتصادات والأنظمة الطبية، وأثار الشك فيما يتعلق بمدى استعدادات البشر لمواجهة الفيروسات والكائنات المجهرية، ووضع البشر جميعا فى مواجهة واقعهم وخوفهم، لا فارق بين أمة ثرية متقدمة وأخرى نامية أو فقيرة. وتوالت التطورات والأحداث، ودخل العالم مرحلة الحديث عن اللقاحات، وكانوا يقصدون الفيروس، لكن ما جرى أن كورونا أيقظ الفيروسات، وأنتج عددا آخر من التهديدات للكائنات المجهرية، والسلالات والتحورات لتتواصل الظاهرة. 
 
الأمر ذاته تكرر مع عام 2022، فلم يكد العالم يفيق من تأثيرات كورونا على الاقتصاد، حتى اندلعت حرب روسيا وأوكرانيا بتطوراتها وتشابكاتها وانعكاساتها، تطورت الحرب إلى صراع طال وامتد إلى ما بين روسيا، وانعكست اقتصاديا على العالم فى صورة أزمة تضخم وارتفاعات فى الأسعار بشكل لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، ولا تزال الحرب قائمة، ونحن ندخل عاما جديدا، وستكمل العام فى فبراير المقبل.
 
الشاهد أن الأعوام الجديدة لا تولد من فراغ، ولا حواجز تفصل عاما عن آخر، وما يتحقق غدا هو نتاج لما يحدث اليوم، وحدث بالأمس، وبالتالى فإنه يمكن رسم ما يتم من توقعات بناء على معطيات الحاضر، ومع هذا تستمر لعبة التنجيم لتمثل وجبات سنوية تتجاوز التسلية فى برامج نهاية العام لتتحول إلى مهنة لها نجومها، الذين يربحون من تجارة التنجيم والتوقعات التى لا تتحقق.
 
ولو راجعنا توقعات المنجمين خلال السنوات الماضية، سوف نكتشف - دون أى جهد - أن أغلبها لم يحدث، ومع هذا سوف يواصل الجميع اللعبة، «ناس عاملين منجمين وناس تمثل لعبة التصديق، وقنوات تحقق أرباحا، وإعلانات من فقرات يعرف الجميع أنها مجرد إعادة لما سبق». 
 
الأذكياء من المنجمين يغلفون توقعاتهم بغلاف من الغموض، والكلام الذى يحتمل أكثر من تفسير، مع علمهم أنه مجرد «كلام فارغ» واختراع خلطات من التوقعات تحتمل كل نتيجة، فيقولون إن حدثا كبيرا سوف يقع، أو شخصا عالميا سوف يختفى، وآخر سوف يظهر، لا يحددون المكان أو الشخص، وغالبا هناك أشخاص يظهرون، وغيرهم يختفون، والعالم فى تغير دائم وتوتر مستمر، وليست لهذا علاقة بالتوقعات ولا التنجيم. 
 
ومع اتساع مواقع التواصل ومنصات النشر، أصبحت لكل من هؤلاء منصة ومواقع، يقدمون فيها عروض التنجيم المسرحية، ينخرط المنجم وتندمج المنجمة فى حالة «تهجيص عميق» ويعلن: «يلتقى برج الحمل مع برج الميزان، ويتداخل زحل مع الزهرة، والقمر مع ذيل الشمس، وهذا يعنى نهاية وبداية، وخروج من الدخول، واندلاع مندلعات، وفوران أحداث سوف تنتج وقائع تغرق فى الموانع»، ومع أنه «كلام فارغ»، فما إن يتحقق حدث، أو تقع واقعة، حتى يخرج ليشير إلى أنه كان قد توقع، ناهيك عن استجلاب نوستراداموس، وتاروت المنجمة الكفيفة، وإذا كان هناك مخترع لما يسمى «الهبد» فهم هؤلاء المنجمون، الذين لا يتوقفون عن إطلاق الهبدات كل عام. 
 
المحترفون أصبحوا يواصلون لعبة «البيضة والحجر»، وهناك من يصدق أو يتفاعل، أو يتسلى، بينما العالم هو ابن اليوم، ونأمل أن تتوقف الحروب ويحل السلام، رغم أنف المنجمين، وتجار الحرب، وكل عام وأنتم بخير.
 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة