أكرم القصاص - علا الشافعي

المدن الجديدة فى مصر.. استراتيجية قومية لإحداث التنمية الشاملة.. دراسة للمركز المصرى تكشف الأهمية والدافع وراء التوسع فى إنشاء المدن الجديدة كوسيلة لاستيعاب الزيادات السكانية.. وتوفير بيئة عمرانية أفضل للجميع

الأحد، 01 يناير 2023 09:00 ص
المدن الجديدة فى مصر.. استراتيجية قومية لإحداث التنمية الشاملة.. دراسة للمركز المصرى تكشف الأهمية والدافع وراء التوسع فى إنشاء المدن الجديدة كوسيلة لاستيعاب الزيادات السكانية.. وتوفير بيئة عمرانية أفضل للجميع المدن الجديدة
كتب محمود العمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعد المدن الجديدة فى مصر استراتيجية قومية تهدف إلى إحداث التنمية الشاملة، عبر إعادة توزيع السكان وتحديث الخريطة السكانية والعمرانية، وتقوم الدولة المصرية حاليًا بتطوير سياسة عمرانية وطنية؛ بهدف تعزيز الرفاه الاجتماعى، وخلق فرص للتنمية الاقتصادية المستدامة، وتوفير بيئة عمرانية أفضل للجميع، ومعالجة المشكلات الناشئة عن تكدس النمو السكانى والنشاط الاقتصادى.

وكشفت دراسة حديثة للمركز المصرى للفكر الأهمية والدافع وراء التوسع فى إنشاء المدن الجديدة المصرية، كوسيلة لاستيعاب الزيادات السكانية، وتمثل كذلك وسيلة لإحداث تنمية شاملة فى كافة أرجاء الجمهورية، والتوسع فى بناء ظهير عمرانى وخدمى وتجارى وسياحى جديد يستوعب الزيادة السكانية المطردة.

 

التنمية العمرانية فى مصر

تشير التوقعات أن يبلغ معدل الزيادة المتوقعة فى عدد السكان من 100 مليون إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050، وفقاً لآخر الإحصائيات السكانية للأمم المتحدة (UN Data, 2019) وكانت إحدى أهم نتائج هذا التشخيص أنه على الرغم من الانطباع العام بشأن الازدحام المفرط، فمن المتوقع أن يفوق عدد سكان الحضر فى مصر عدد الأشخاص الذين يعيشون فى المناطق الريفية لأول مرة فى عام 2041، بحلول ذلك الوقت سيعيش 69 مليون شخص مصرى فى المناطق الحضرية.

يبلغ عدد المدن المصرية نحو 223 مدينة يسكنها 43.1% من السكان، يتركز 56% منهم فى منطقة القاهرة الكبرى ومحافظات الإسكندرية. ويمثل إقليم القاهرة الكبرى أكبر منطقة حضرية فى القارة الأفريقية، وهو المحرك الرئيس للنمو الاقتصادى فى مصر، مع وجود أكثر من 19 مليون نسمة يمثلون نحو 20% من سكان البلاد.

جدير بالإشارة أن معدل النمو الحضرى السنوى الحالى فى مصر يبلغ 2%، بما يعنى أن المدن المصرية يجب أن تستوعب ما يقرب من مليون مواطن جديد (كل عام تقريبًا)، فقد شهدت القاهرة وحدها نصف مليون ساكن جديد فى عام 2017، مما يجعلها المدينة الأسرع نموًا فى العالم. وتشير الخريطة التالية إلى سرعة التحول الحضرى على مدى الثلاثين سنة الماضية.

 

التوسع فى إنشاء المدن الجديدة فى مصر

تشير الأدبيات الاقتصادية إلى أن عملية التحول إلى مدن عالية الكثافة السكانية تسهم في: تنشيط النمو الاقتصادى، وإتاحة الوصول إلى بنية تحتية عالية الجودة، واستخدام للموارد الطبيعية بشكل أفضل. ومن هذا المنطلق، تنطلق الحكومة المصرية نحو التوسع فى إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة بوصفها الحل الناجع لكل مشاكل مصر العمرانية. ومنذ أن خُطِطَ لإنشائها فى السبعينيات من القرن الماضى، بهدف توزيع النمو العمرانى بشكل أكثر توازنًا عبر الأراضى الصحراوية الشاسعة فى مصر، توالى ظهور هذه المجتمعات المخططة من قبل الدولة واحدة تلو الأخرى فى جميع أنحاء الجمهورية.

 

وتستهدف الدولة المصرية ثلاثة مستهدفات رئيسة: أولها هو أن قطاعات العقارات والإنشاءات سوف تؤدى إلى تحفيز النمو الاقتصادى، وثانيها هو أن مبيعات الأراضى سوف تحقق فوائض مالية، وثالثها هو أن المساكن الجديدة سوف تحل أزمة الإسكان. والفلسفة التى تكمن وراء هذا النهج الحكومى هى أن القطاع يسهم بأكثر من 25% من الناتج المحلى الإجمالى خلال السنوات 6 الماضية.

وينظر إلى قطاع التشييد والبناء فى مصر بوصفه قاطرة للنمو والتنمية؛ نظرا إلى دوره فى نمو القطاعات المغذية الأخرى والمستهلكة لمنتجاتها، بالإضافة إلى قدرته على استيعاب العمالة وخاصة العمالة غير الماهرة أو المدربة، فبحسب الدراسات الاقتصادية أن كل فرصة عمل فى القطاع توفر حوالى 7 فرص للعمل فى القطاعات الأخرى. حيث يعمل فى هذه الصناعة أكثر من 3.5 مليون عامل على مستوى الجمهورية بصفة مباشرة، وهذا بخلاف الوظائف المؤقتة وغير المباشرة والتى يتم توفيرها. 

وبالتالى سيكون تطوير مدن الجيل الرابع فى جميع أنحاء الجمهورية بما فى ذلك (مدينة المنصورة الجديدة، العاصمة الإدارية) محركًا رئيسًا لأنشطة البناء فى السنوات القادمة. ومن المتوقع أن تؤدى هذه التطورات إلى رفع القدرة التنافسية للسوق المحلية وتحسين مستويات المعيشة وخلق فرص العمل.

 

المنصورة الجديدة كنموذج للتنمية الشاملة

تأتى المنصورة الجديدة كإحدى مدن الجيل الرابع التى تتوسع فيها الدولة حاليًا بإنشاء أكثر من 30 مدينة على ذات النمط، وقد تم إطلاق المخطط فى عام 2017 ليبدأ العمل بها فى بداية مارس عام 2018. وتتميز تلك المدينة بكونها تمثل امتدادًا قويًا لمدن الدلتا المزدحمة بالسكان، وفى حاجة ماسة إلى التوسع العمرانى لاستيعاب الزيادات السكانية المتلاحقة.

 

وتم اختيار الموقع ليتوسط تجمعات ذات ثقل سكانى وقاعدة اقتصادية؛ بحيث تحقق التوازن والتنمية الشاملة لمنطقة الدلتا. ومن هذا المنطلق، تم التخطيط لأن تستوعب تلك المدينة أكثر من 600 ألف نسمة، هذا وتحتوى المدينة على عدد من الخدمات المتنوعة، بداية من توافر الخدمات التعليمية وذلك عبر إنشاء جامعة أهلية وهى جامعة المنصورة الجديدة للعلوم والتكنولوجيا. بالإضافة إلى عدد من المدارس العامة والدولية أيضًا، ويضم مخطط المدينة عدة مشروعات سكنية، مختلفة الفئات كـ: (إسكان سياحى، وإسكان الفيلات، وإسكان متوسط، وإسكان اجتماعي).

واختتمت الدراسة يجب الاعتراف بأن التوسع العمرانى يمثل قوة دافعة مهمة للتنمية الشاملة فى مصر؛ فعلى سبيل المثال توجد 80٪ من فرص العمل فى المدن؛ وتسهم القاهرة والإسكندرية وحدهما بأكثر من 40٪ من الناتج المحلى الإجمالى لمصر. فقد نجحت تلك المدن فى جذب الشركات والاستثمارات، مع إمكانيات مستقبلية أكبر. ويمكن أن تساعد الروابط القوية بين المدن كمراكز اقتصادية والمناطق الريفية فى ضمان استفادة الجميع من ثمار التوسع الحضرى، لافتة أنه يجب أن تضمن التنمية الحضرية والتخطيط العمرانية قدرًا من التكامل والتنافس والتواصل بين المدن؛ من أجل تعزيز قدرتها التنافسية الدولية والوطنية. من خلال معالجة هذه القضايا، ستستطيع السياسة العمرانية الوطنية لمصر توجيه المدن المصرية إلى نظم أكثر كثافة وتكاملًا. وسيؤدى ذلك بدوره إلى تأمين نظام أكثر توازنًا تصبح فيه المدن عامل تمكين للنمو الاقتصادى وارتفاع مستويات المعيشة للجميع.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة