أكرم القصاص - علا الشافعي

عادل السنهورى

حرب العملات الوجه الآخر لمعارك السلاح

الخميس، 02 فبراير 2023 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هى الحرب الأكثر شراسة وخطورة من معركة السلاح الدائرة الآن بين روسيا وحلفائها، وأوكرانيا والغرب والولايات المتحدة، الحرب الاقتصادية أو ما يسمى بحرب العملات هى الوجه الآخر وربما يكون الوجه الحقيقى لمعارك السلاح على الأرض، فهى معركة تكسير العظام فى رؤى استراتيجية مأمولة لواقع جديد فى عالم متغير لا تتحكم فيه قوى واحدة أو تسيطر عليه عملة هذه القوى بصورة أحادية.

روسيا لوحت بورقة استخدام عملتها الوطنية - الروبل - مع اشتعال الأزمة مع أوكرانيا، وسعت لتطبيق القرار فى عمليات بيع الغاز الروسى لأوروبا فيما يطلق عليه (الغاز مقابل الروبل).

القرار الروسى ليس وليد فكرة جديدة وإنما هو نتيجة مباحثات واتفاقات واجتماعات عديدة بين الأطراف المطالبة بالتغيير إلى عام متعدد الأقطاب (روسيا والصين والهند) ومعهم دول أخرى مثل إيران وإندونيسيا.

ففى العقد الأخير - أى خلال السنوات العشر الأخيرة ربما أكثر - تصاعدت المطالب باستخدام العملات الوطنية فى المبادلات التجارية بين الدول، وهى المطالب التى ارتبطت بالسياق الراهن للاقتصاد العالمى، وكسر هيمنة واحتكار الدولار الأمريكى على نحو واسع على حركة التجارة الدولية، حيث يتم استخدامه فيما لا يقل عن أربعة أضعاف التجارة الخارجية الأمريكية، وبالنسبة إلى معظم الدول النامية أو الصاعدة، فإن الدولار يهيمن على نحو 90% من إجمالى تجارتها مع العالم الخارجى.

والجميع يتذكر ما حدث عقب الأزمة الاقتصادية فيما عرف بالأزمة العقارية فى عام 2008، وما أدى الى انهيار العملات الوطنية لكثير من دول العالم، لاسيما الدول النامية التى لجأت إلى توفير الدولار لإنقاذ عملتها الوطنية ومواجهه نقص السيولة وانخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، منذ هذا التوقيت بدأت الدول تبحث عن حلول ومقترحات للتخلص من هيمنة وسيطرة الدولار على التجارة الدولية والاقتصاد العالمى بشكل عام، وإجراء تجارة ثنائية بالعملات الوطنية.

الأزمة خلال السنوات الأخيرة، ومع زيادة استخدام الولايات المتحدة لسياسة فرض العقوبات الاقتصادية، تعقدت لكن فى الوقت ذاته زاد الاهتمام بجدية فى البحث باستخدام العملة الوطنية بأنظمة دفع جديدة موازية للنظام المالى العالمى.

حزم العقوبات الاقتصادية والمالية غير المسبوقة من الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا بسبب العملية العسكرية فى أوكرانيا هى التى دفعت دولا مثل روسيا والصين والهند وإيران ودولا فى الشرق الأوسط إلى ضرورة استخدام العملات الوطنية فيما بينها.

الكتلة الأساسية فى اتجاه التغيير والمتمثل فى الصين وروسيا والهند بدأت فى إجراء عمليات التبادل التجارى بالعملات الوطنية، وأنشأت آليات دفع خاصة بديلة عن نظام "سويفت الدولى" مثل نظام تحويل الرسائل المالية ونظام الدفع عبر الحدود بين البنوك لإجراء عمليات ثنائية ومتعددة الأطراف، وهو ما سيؤدى إلى تقوية العملة الوطنية وتعزيز التجارة الخارجية، خاصة إلى دول الجوار أو دول العالم النامى فى الشرق الأوسط وآسيا.

منظمة شانجهاى للتعاون الأوراسية بحثت فى اجتماعها السنوى فى العام الماضى مسودة خارطة الطريق للدول الأعضاء فى المنظمة لزيادة حصة العملات الوطنية فى التسويات المتبادلة لمواجهة التوحش الغربى والأمريكى.

المنظمة تضم حاليا 9 دول هى الصين والهند وروسيا وإيران وباكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وتأسست فى شانجهاى فى يونيو 2001، وفى سبتمبر الماضى انضمت مصر "كشريك حوار إلى المنظمة ويبلغ إجمالى حجم التجارة الخارجية لأعضاء منظمة شانجهاى للتعاون 6.6 تريليون دولار حتى عام 2021، وتمثل نحو 30% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى.

الحرب الدائرة حاليا ودخول واشنطن وعواصم الغرب الكبرى بثقلها ضد روسيا سواء بالسلاح أو بالعقوبات يدفع أعضاء منظمة شنجهاى إلى التسريع بخطوات مرحلة "كسر الهيمنة الدولارية"، والبدء فى إجراءات استخدام العملة الوطنية، وهى الحرب الأساسية فيما يجرى من غبار وضجيج للسلاح، وهو ما يدعو إلى السؤال الضاغط الذى يلح على أذهان الكثيرين: "من ينتصر فى المعركة؟ وهل السلاح وحده يكفى؟ وهل تكون حرب العملات بداية لنظام عالمى جديد؟.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة