حسين حمودة

استعادة مكاوى سعيد

الجمعة، 10 يناير 2025 07:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مكاوي سعيد (1957 ـ 2017) روائى وقاص وسيناريست مصرى، بدأ الكتابة أوائل الثمانينيات من القرن الماضى، وأصدر عددًا من المجموعات القصصية منها: (الركض وراء الضوء) 1981، (حالة رومانسية) 1992، (راكبة المقعد الخلفى) 2001، (سرى الصغير)، (ليكن في علم الجميع سأظل هكذا) 2009، كما أصدر روايات مهمة، منها: (فئران السفينة) 1991، و(تغريدة البجعة) 2008، ثم (أن تحبك جيهان) بعدها بحوالي سبع سنوات.. بالإضافة إلى "كتاب أدبى" بعنوان (مقتنيات وسط البلد)، عام 2010. كما كتب عددًا من الأعمال للأطفال، منها روايتان: (كوكب النفايات)، و(صديقى فرتكوش) ومسرحية بعنوان (سارق الحضارات)، وأعد سيناريوهات متنوعة لأفلام تسجيلية منها " صياد اليمام: إبراهيم عبد المجيد" 2003، "النسر الشهيد: عبد المنعم رياض" 2003، "الجورنالجى" عن حياة الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، "الفارس النبيل" عن حياة ثروت عكاشة 2005، "البحر ليس بملآن" عن الكاتب جميل عطية ابراهيم 2005، وكتب سيناريوهات لأفلام روائية قصيرة وطويلة، منها: (عصفور) 2004، و(الغرفة رقم 12) 2005، و(الزيارة) 2006.

تحركت تناولات مجموعات مكاوى سعيد القصيرة فى عوالم متنوعة، وخاضت تجارب فنية شتى، من أهم ملامحها السرد المتنوع الحافل بالانتقالات والمحتفى بالتعبير عن العوالم الداخلية للشخوص والمشبع بتساؤلاتها. وفى قطاع كبير من هذه القصص التقاط لملامح المهمشين والحياة الهامشية فى المدن، وبعضها ـ مثل (فئران السفينة) ـ اهتم بوقائع مرجعية استثنائية (الاحتجاجات الواسعة فى مصر فى يناير من عام 1977).

وروايات مكاوى سعيد بها استمرار وتكثيف لعالمه القصصى، وروايته الثانية (تغريدة البجعة) ـ أكثر الأعمال التى لفتت الانتباه إلى تجربته الإبداعية ـ  تلتقط، فيما تلتقط، التغيرات والتحولات الكبرى فى فترة مرجعية بعينها، وتمزج بينها وبين خبايا العالم التحتى لقلب مدينة القاهرة، من جهة، وتجارب شخصية راويها الأساسى من جهة أخرى؛ وهى تجارب مثقلة بالاغتراب والموت، بما يجعل هذه الرواية تنهض على ما يشبه المرثية الأخيرة، غنائية النبرة، لمن غيّبهم الموت وإن ظلوا أحياء بداخل الراوي المتكلم، بل وتجسد ما يشبه مرثية ذاتية له هو أيضا؛ إذ يكابد موته المجازي ويستشعر موته الفعلي القادم. يتحرك سرد هذا الراوى على مستويات شتى، ويقطع أزمنة متعددة، لكن يظل الموت تجربة مركزية فى هذا السرد؛ كان الموت في الماضي هو الفجيعة الكبرى، وظل الموت في أزمنة تالية شاخصا رازحا، جاعلا من كل حياة محض استشراف لموت جديد، محض أغنية أو رقصة أخيرة، مثل أغنية البجعة الأخيرة، قبل أن يطبق الظلام.

وقد حصل مكاوى سعيد على عدد من الجوائز الأدبية منها: الجائزة الأولى للرواية ـ مسابقة سعاد الصباح للإبداع العربي عام 1991، وجائزة الدولة التشجيعية فى الرواية عام 2008،  وجائزة اتحاد الكتاب لأفضل مجموعة قصصية عام 2009، وصعدت روايته (تغريدة البجعة) إلى القائمة القصيرة لجائزة بوكر الدولية للرواية العربية  عام 2007، كذلك حصل على بعض الجوائز عن عدد من السيناريوهات التى كتبها.

كان هذا ما كتبته عن مكاوي سعيد، قبل رحيله المفاجئ، في "قاموس الأدب العربي" الذي أشرف عليه الدكتور حمدي السكوت. وكنت قد شاركت في ندوة عن روايته "تغريدة البجعة"، وكتبت عنها أيضا، كما زاملته لسنوات في لجنة القصة (لجنة السرد القصصي والروائي فيما بعد) بالمجلس الأعلى للثقافة، وقد كان مثالا للإنسان الطيب الهادئ، مرهف الحس، المتأمل دائما، الذي تجعلك نظرته (المطلة غالبا على شيئ غامض بعيد)، تتصور أنه يرنو إلى عالم آخر غير العالم الذي نعيش، رغم أنه كان وظل مسكونا ومشغولا بعالمنا.

في غير مناسبة أستعيده، كما يستعيده فيما أتصور، كثيرون وكثيرات ممن اقتربوا منه أو عرفوه أو قرأوا له .







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة