حازم صلاح الدين

محمد صلاح يسجل التاريخ كما يجب أن يكون

الثلاثاء، 04 فبراير 2025 12:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

«التاريخ كما يجب أن يكون».. جملة كانت تتكرر كثيرًا على لسان الفنان الكبير يحيى الفخرانى، خلال أحداث مسلسله الشهير «عباس الأبيض فى اليوم الأسود»، وهى العبارة التى جسدها فى كتاب نشره مع سير الدراما، للتأكيد على أهمية رصد التاريخ القديم ونقله إلى الأجيال الجديدة، كما أنها العبارة الأنسب لمحاكاة قصة حياة النجم المصرى محمد صلاح، أكثر نموذج ناجح فى العصر الحديث.

بدا واضحًا أن محمد صلاح يسجل «التاريخ كما يجب أن يكون»، فهو يستمتع بتحطيم الأرقام القياسية، خلال رحلته الاحترافية فى بلاد الإنجليز، ويظهر بوضوح عبر حماسه المتزايد فى كل مواجهة يخوضها هذا الموسم مع ليفربول، ربما أبرز هدف يسعى قائد منتخب مصر للقيام به، خلال الفترة المقبلة، هو الارتقاء أكثر فى قائمة هدافى النادى على مر الزمان، فضلا عن تحقيق الحلم الأكبر بحصد جائزة «الكرة الذهبية».

ما يفعله محمد صلاح مع ليفربول، الموسم الحالى، أو ما قدمه خلال مسيرة ثمان سنوات قضاها رفقة الفريق الإنجليزى، ليست وليدة الصدفة، إنما هى نتاج رحلة طويلة من المجهود والعمل الشاق على تطوير موهبته، بالتأكيد أنها عوامل استندت على تفاصيل فى حياته، سيرته الذاتية، تكوينه الشخصى، طفولته وعائلته، وأمور أخرى كثيرة صنعت من قصته رواية تستحق أن تُروى فى التاريخ.

محمد صلاح، تحول إلى أيقونة حقيقية فى ليفربول، بعدما نصب نفسه ملكًا على عرش «قلعة أنفيلد»، فقد بات معشوق الجماهير الأول، وهو ما يتضح من خلال التركيز الإعلامى الكبير الذى يلاحق النجم المصرى فى الصحف الإنجليزية والعالمية، وكذلك فى مختلف منصات النادى عبر مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، فهو الأسطورة رقم واحد فى آخر 3 عقود مع الريدز، بل وأحد أبزر لاعبيه على مر التاريخ، بسبب الإبداع ومواصلة تدمير الأرقام القياسية، فضلا عن قيادته للفريق لتحقيق لقب الدورى الإنجليزى ودورى أبطال أوروبا 2019 عقب سنوات عجاف، وهو فى الطريق أيضًا لقيادته من أجل تكرار نفس الإنجاز خلال منافسات الموسم الحالى.

محمد صلاح لم يعد مجرد لاعب كرة قدم، بل هو مصدر إلهام حقيقى للكثير، حيث إن قصته بها دراما تقول إنه يمكن تحقيق أى شىء مع المثابرة والاجتهاد والتعلم، فقد كسر ابن قرية نجريج فى محافظة الغربية، الصورة النمطية المأخوذة عن اللاعبين، بعدما أسهم بتألقه وثقافته التى اكتسبها من كثرة القراءة، بحسب ما قاله فى أكثر من حوار سابق، لأن يتجاوز تأثيره ملعب كرة القدم ليصبح مثلا أعلى فى جميع المجالات الحياتية.

التاريخ قدم نماذج حية للناجحين من العلماء، والمفكّرين، والمبدعين من الفنانين وغيرهم، والفلاسفة، والحكماء، فكلّ هؤلاء استطاعوا إضافة الكثير للأجيال المتعاقبة، وهو ما أثر فى وجدان محمد صلاح الثقافى، حيث أكد خلال حلوله ضيفًا على معرض الشارقة الدولى للكتاب منذ أكثر من شهرين، أن القراءة غيّرت نظرته للحياة، ومكّنته من فهم المجتمعات المختلفة التى تفاعل معها خلال مسيرته الاحترافية.

كما قال صلاح: «القراءة كانت وسيلة للتغيير الإيجابى بالنسبة لى، فهى عرّفتنى على المجتمعات الجديدة، وساعدتنى على فهم تقاليد الآخرين، كما أن الكتب أكسبتنى أكثر من 90% من أدوات النجاح».

الوعى الثقافى فى حديث محمد صلاح يؤكد أن القراءة، سواء فى التاريخ أو علم النفس أو غيرها من هذا القبيل، تعطى تصورًا دقيقًا وواضحًا عن العالم القديم، والتجارب التى مر بها الإنسان، فهى دروس ماضية تفيدنا للتخطيط المستقبلى، فعند معرفة سيرة الحضارات السابقة، وكيف قامت وما هى عوامل ازدهارها ونهضتها وما هى أسباب دمارها وزوالها، فإننا بلا شك نختصر على أنفسنا العديد من التجارب ونتحاشى الخطأ السابق، ونمضى قدما فى الطريق الصحيح نحو ما نراه مناسبًا.

ختامًا.. محمد صلاح يستحق أن نروى سيرته الذاتية فى أكثر من كتاب، حتى تلهم الأجيال القادمة بتجربته الناجحة، ونتمنى أن نرى آلافا يسيرون على دربه فى كل المجالات، بدلا من الاستسهال خلف «هلس ماسورة البلوجر واليوتيوبر»، التى طفحت علينا، وأصبحت خطرًا أخلاقيًا كبيرًا يدمر مستقبل أولادنا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة