لاشك أن الدولة المصرية بذلت مجهودات كبيرة، خلال السنوات الماضية لحماية الأطفال من العنف، بكافة صوره وأشكاله، من خلال اتباع مسارات عدة، لكن الأهم - في اعتقادى - أن هذه الجهود تأتى في إطار تنمية مصر المستدامة، وهو ما ساهم فى تراجع معدلات العنف ضد الأطفال بشكل ملحوظ.. وهذه الجهود تمثلت فى تشكيل لجان متعددة لحماية الطفل على مستوى المحافظات، وعلى مستوى الأحياء (لجان حماية الطفل) والتى تخضع لوزارة التنمية المحلية، وكذلك تعزيز برامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي لزيادة تغطية الفئات الأكثر ضعفا وعلى رأسهم الأطفال، إضافة إلى إطلاق مبادرات مثل "حملة لا للعنف"، وحملة وعى.
وبمناسبة الجهود المبذولة لمواجهة ظاهرة العنف والتنمر، كان هناك توجيه مقدر للسيد محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، المديريات التعليمية بتخصيص كلمة يوم 6 مارس في الإذاعة المدرسية للحديث عن التنمر وخطورته على المجتمع بوصفه جريمة جنائية معاقب عليها بعقوبات مشددة، والمهم تكرار ذلك بشكل دوري في الإذاعة المدرسية وأثناء إقامة الفعاليات والأنشطة التربوية.
ولمزيد من القول، نعم هذه الجهود مقدرة لكن من المهم وما يجب الانتباه إليه، أهمية تعزيز وتطوير آليات المتابعة لضمان إنفاذ القوانين الخاصة بحماية الطفل وتعزيز المسائلة القانونية لمرتكبى مثل هذه الجرائم، وقيام وزارة التربية والتعليم باتخاذ الإجراءات والضوابط الاحترازية للوقاية والحد من مثل هذه الجرائم كتوعية الطلاب للوقاية، وتفعيل دور الأخصائى الاجتماعى من خلال التدريبات اللازمة وتعزيز المهارات والخبرات.
وبما أن الإعلام له دور كبير فى المواجهة ومجابهة الأمراض الاجتماعية، أعتقد أنه من الضرورى إعداد حملة إعلامية وطنية طويلة المدى تستهدف التعريف بالوسائل التربوية التى يمكن استخدامها مع الأطفال بديلا للعنف مع العمل على مواجهة كافة الأعراف والمفاهيم الموروثة بالتعاون مع المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدنى، وكذلك من المهم تضمين المناهج المدرسية ببرامج تواجه وتحارب العنف ضد الأطفال فضلا عن كيفية التعامل مع التنمر والعنف.
وأخيرا.. مهم إجراء مزيد من الدراسات لهذه الظاهرة ، وذلك من خلال مراكز البحوث الاجتماعية للوصول إلى مخرجات وتوصيات تمكن الدولة من وضع خطط وسياسات مواجهة العنف ضد الأطفال ومتابعتها وتعديلها بما يتلائم مع المستجدات والتطورات الاجتماعية والتكنولوجية التى يتعرض لها المجتمع فى ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعى.