زاهى حواس

هنا تقرأ وتشاهد تاريخ مصر الثائرة

الخميس، 13 مارس 2025 09:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قد لا يعلم الكثيرون رغم كل ما كتب عن ثورة 23 يوليو.. أن جوانب كثيرة من تاريخ الثورة لا تزال غير معروفة ولم تسجل تسجيلا علمياً صحيحاً كجزء مهم من تاريخنا المعاصر سوف يأتى يوماً ليصبح بالنسبة لأبنائنا وأحفادنا جزءا من ماضيهم.

صحيح أن هناك العديد من كتابات المؤرخين عن الثورة، لكن حتى هذه يجب أن تعتبر أحد وليس كل مصادر معلوماتنا عن الثورة مع الأخذ فى الاعتبار أن المؤرخ هو إلى النهاية بشر يحب ويكره، ينحاز ويعادى حسب أهوائه الشخصية وخلفيته الثقافية والاجتماعية والدينية، وهنا يبقى الاعتماد على الوثائق الأصلية التى تحلل تحليلاً علميا دون أى خلفيات أو مرجعيات لكى نسجل تاريخنا ونضع أحداثه كما هى دون تدخل سواء بالتجميل أو التشويه.

إننا دائماً عندما ندرس التاريخ القديم نكون حريصين تماماً على الأخذ فى الاعتبار قصص الدعاية التي يكتبها الملوك والوزراء والموظفين على آثارهم والتي قد لا تعكس واقعاً حقيقياً، وكذلك ما يكتب أيضاً أثناء فترات الانتقال التاريخية والتى يسميها البعض بعصور الاضمحلال رغم عدم صحة هذا المسمى تماما.

ويتضح هذا إذا ما نظرنا إلى ما كتب أثناء عصر الانتقال الأول الذى أعقب الدولة القديمة، وأشار فيه الأدباء والكتاب إلى الفساد الذى عم كل أرجاء البلاد وأعادوه إلى ضعف الملك الذي لم ينصت إلى نصائح الحكماء... وهذا السبب وحده بالطبع ليس صحيحاً كما أنه ليس صحيحاً أن كل شيء كان فاسداً... بل كانت هناك نهضة أدبية عظيمة في ذلك الوقت شملت كل مجالات الأدب.

ومن الأمثلة الواضحة للدعاية السياسية عند أجدادنا الفراعين.. هو ما سجل على اللوحة المعروفة بلوحة الحلم وهي اللوحة الجرانيتية القائمة أمام صدر تمثال أبو الهول وسجل عليها الملك تحتمس الرابع قصة يبرر فيها شرعية اعتلائه عرش مصر والتي نسبها إلى الإله حور أم أخت (أبو الهول) الذى وعده بالعرش شرط أن يقوم تحتمس بتنظيف الرمال من حول جسد تمثال الإله.

والأمر الذى لا يخفى على بال المؤرخ أو الكاتب عندما يكتب عن عصره يضع نصب أعينه إن ما سيكتبه ستطلع عليه السلطة سواء كان ملكاً أو سلطاناً أو رئيساً ولذلك يطيلون في المديح وينظروا إلى الأمور نظرة غير محايدة والنتيجة الحتمية أن ما تقرأه أثناء حياة الملك أو السلطان أو الرئيس يختلف عما تقرأه بعد أن يعتلى العرش ملك أو سلطان آخر أو يجلس رئيس آخر في سدة الحكم.

لقد جاء كتاب الكاتب الكبير أنيس منصور من أوراق السادات" كوثيقة مهمة جداً للتاريخ لحكم الرئيس الراحل أنور السادات من خلال كاتب سجل ما يقوله الرئيس وعرضه بأسلوب شيق وجميل يمتاز به قلم أنيس منصور استطاع أن يقدم كنزاً مثير من المعلومات والجوانب التي لم تكن معروفة في شخصية وحياة رئيس غير عادى تولى المسئولية في ظروف غير عادية وخلف زعيماً قوميا غير عادى أيضاً...

سنحت لى زيارة مبنى قيادة الثورة الذي يقع بمنطقة الجزيرة وهو المبنى الذي شهد أهم الأحداث السياسية في تاريخ مصر الحديث والمعاصر ومن هذا المبنى صدرت قرارات مصيرية، لا نكون مغالين إذا قلنا إن تأثيرها تعدى حدود مصر إلى بلاد كثيرة سواء في وطننا العربي أو حتى خارج حدود الوطن.

لقد شهد هذا المبنى خطوات قادة عظام غيروا في تاريخ مصر أمثال محمد نجيب وعبد الناصر والسادات وحسين الشافعي وزكريا محيى الدين وغيرهم الكثيرون، ويضم المبنى أربعين غرفة ويتكون من ثلاث طوابق وقد شيد عام 1949 على ضفاف النيل وخصصه الملك فاروق الأول ملك مصر السابق ليكون مقراً لليخوت الملكية وقد تكلف إنشاؤه آنذاك 118 ألف جنيه وتم الانتهاء منه عام 1951.

لقد وجدت أنه من الضرورى أن نحافظ على مبنى له تاريخ عظيم كهذا المنبى، ولذلك قمت بتشكيل لجنة علمية لتسجيل هذا المبنى وجاء رد اللجنة أن المبنى لا يعود تاريخه إلى 100 عام وبالتالي لا يسجل أثراً.... دهشت لهذه النتيجة، فمبنى يمثل هذا التاريخ وصدرت فيه أخطر القرارات يجب أن يسجل لقيمته وليس لعدد سنوات عمره وخاصة وأن القانون يتيح ذلك بالتالي قمت بطلب لجنة أخرى بعد عرض كل الحقائق عن تاريخ وأهمية هذا المبنى. وبالفعل وافقت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية على تسجيل المبنى وأصبح في حماية الآثار ولا يمكن لأى شخص أن يقوم بتغيير أو تعديل بالمبنى دون موافقة المجلس الأعلى للآثار.

ويقوم حاليا قطاع الفنون التشكيلية بعمل مشروع متحف تاريخ الثورة وذلك تنفيذاً للقرار رقم 204 الذي أصدره الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك عام 1996 بتحويل المبنى إلى متحف يعرض كل الوثائق والمهمات ذات الصلة بهذه الفترة التاريخية الهمة لكي تبقى دائما حية مجسدة أمام أعيننا ويطلع أبناؤنا على جزء مهم من تاريخهم...
إنه عمل جد خطير نتمنى أن نراه يخرج للنور قريب.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة

التابوت الثاني

الجمعة، 31 يناير 2025 03:49 م

التابوت الخارجى

الجمعة، 24 يناير 2025 07:00 ص

التوابيت الكانوبية

الجمعة، 17 يناير 2025 12:00 ص



الرجوع الى أعلى الصفحة