نظّمت كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة مؤتمرها العلمي السنوي تحت عنوان "مفردات بناء الشخصية المصرية ومردودها على الأمن"، بحضور نخبة من القيادات الأمنية، والشخصيات الدينية والفكرية، وعدد من الخبراء في مجالات الثقافة والإعلام والأمن.
أكاديمية تدمج الواجب بالعلم
استهل اللواء هاني أبو المكارم، مساعد وزير الداخلية ورئيس أكاديمية الشرطة، كلمته بالتأكيد على أهمية هذا النوع من الفعاليات التي تجمع بين الواجب الأمني والعمل الأكاديمي، مشيرًا إلى أن بناء الشخصية المصرية هو محور أساسي في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار، وأن الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا بهذا الجانب باعتباره ركيزة لتماسك المجتمع.
وأشار إلى أن الأمن ليس مجرد إجراءات، بل حالة من الطمأنينة ترتبط بشكل وثيق بالهوية الوطنية والقيم المجتمعية.
الخطاب الديني في صلب الهوية
من جانبه، شدد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، على أهمية فهم الشخصية المصرية في بعدها الديني، معتبرًا أن المصري عبر التاريخ كان مرتبطًا بالسماء والقيم الروحية.
وقال إن "الدين في مصر لم يكن أداة عزلة أو تطرف، بل كان باعثًا على الإبداع والحضارة".
وأكد الأزهري أن ثروة مصر الحقيقية هي الإنسان، مشيرًا إلى أن المصريين عبر التاريخ أثبتوا قدرتهم على صنع المعجزات عندما تتوفر لهم بيئة داعمة.
منظومة متكاملة لإعداد رجل الشرطة
أما العميد الدكتور رامي متولي، مساعد مدير مركز بحوث الشرطة، فتناول جهود الأكاديمية في إعداد طلابها، مؤكدًا أن العملية التعليمية في الأكاديمية تعتمد على منهج شامل يبدأ منذ لحظة قبول الطالب، ويستمر من خلال مسارات تعليمية وتدريبية وثقافية، تهدف إلى تكوين شخصية أمنية متزنة قادرة على مواجهة التحديات.
ولفت متولي إلى أهمية الدور الثقافي في تكوين الوعي الأمني، مشيرًا إلى أن كلية الدراسات العليا تقدم برامج متقدمة تركز على ربط الأمن بالهوية الوطنية، وتعزيز الفهم العميق للواقع المجتمعي.
إعلام أمني وتحصين فكري
وفي إطار تناول الجانب الإعلامي، تحدث العميد الدكتور أحمد الخضري، من قطاع الإعلام بوزارة الداخلية، عن دور الإعلام الأمني في مواجهة الشائعات، والتصدي للحروب النفسية التي تستهدف النيل من استقرار المجتمع، مشيرًا إلى أهمية بناء خطاب إعلامي عقلاني وواعٍ.
الدين قوة بناء لا هدم
وتحدث الداعية مصطفى حسني عن القيم الدينية ودورها في تثبيت الهوية، موضحًا أن الشخصية المصرية تتميز بتدين وسطي متجذر، يشكل أساسًا أخلاقيًا في حياة المصري، ويمنحه القدرة على مقاومة محاولات التفكيك.
رؤية استراتيجية للدولة
اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، ألقى الضوء على التحديات الأمنية، مشيرًا إلى أن مصر تواجه للمرة الأولى منذ آلاف السنين تهديدات على حدودها من كل الاتجاهات، ما يجعل من بناء الشخصية الوطنية أولوية قصوى.
دور الإعلام والفن في ترسيخ الهوية
ومن جانبها، أكدت الدكتورة درية شرف الدين، وزيرة الإعلام الأسبق ورئيس لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس النواب، أن الإعلام والفن كانا دومًا مرآة لملامح الشخصية المصرية، مشيرة إلى أن "قوة مصر الناعمة" كانت أحد خطوط الدفاع في مواجهة التطرف ومحاولات طمس الهوية.
وتطرقت إلى محاولات التيارات المتطرفة في الثمانينيات لاختطاف المجتمع فكريًا، مؤكدة أن الشخصية المصرية، بتسامحها وتعددها، قاومت تلك المحاولات وأفشلتها.
وتحدث الدكتور وسيم السيسي عن أصالة المصريين وعراقتهم ما يساهم في بناء شخصية الأجيال الحديثة.
تحذير من فخ العولمة
كما حذر الدكتور أحمد ضياء الدين، محافظ المنيا الأسبق، من مخاطر العولمة التي تستهدف تفريغ الإنسان من هويته، معتبرًا أن على الدولة والمجتمع العمل على تعميق الانتماء الوطني وتعزيز الاعتدال الديني وتكثيف الجهود الثقافية.
وأكد أن مواجهة العولمة لا تتم إلا من خلال إعادة الاعتبار للأسرة والتعليم والفنون، باعتبارها أدوات بناء الشخصية.
الذكاء الاصطناعي في خدمة الهوية
وأكد الدكتور عبادة سرحان، رئيس جامعة المستقبل، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في دعم بناء الشخصية من خلال تحليل البيانات وتقديم رؤى دقيقة، موضحًا أن التكنولوجيا لا تعني فقدان الهوية، بل يمكن تسخيرها للحفاظ عليها.
قدمت الحفل النقيب بسمة الخطيب بأكاديمية الشرطة وأدارت الجلسة النقاشية الاعلامية نسرين فؤاد.
