علاء عبد الهادى

التعليم وأمن مصر القومى

الأحد، 26 أكتوبر 2008 08:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قضية مستقبل التعليم فى مصر تبقى بالنسبة لى هماً شخصياً إضافة إلى كونها هماً مصرياً عاماً، فأنا قبل كل شىء أب لدى أبناء فى مراحل التعليم المختلفة، وأعرف كم المعاناة النفسية والمعنوية بالإضافة إلى التكلفة المادية التى تتكبدها كل الأسر من أجل ضمان تعليم أبنائها، سواءً التى أخذتها من "قصرها"، وذهبت بأولادها للتعليم الحكومى الذى أصبح أشبه ببطيخة مقفولة إما أن تكون حمراء شليان وإما أن تكون قرعة، أو بقايا الطبقة المتوسطة التى تذهب بأولاده إلى التعليم الخاص، داخل هذه الشريحة ستجد من يجد معاناة فى تدبير عدة آلاف مصارف أولاده كل عام وستجد أيضا من يلحق أبناءه بعدد من المدارس الدولية التى تطبق منهجاً لا علاقة له بالمنهج المصرى العقيم وهؤلاء يدفعون ما يتراوح بين عشرين وثلاثين ألف جنيه عن طيب خاطر وربما أكثر من غير معاناة. هذا الوضع لم يعطِ فى النهاية شيئاً يمكن أن يفيد البلد.

كنت أزو المتحف الأركيولوجى فى مدريد منذ أيام، وهناك رأيت عن يمينى وعن شمالى عدداً من الأطفال فى سن الخمسة الابتدائى منهمكين فى تتبع النقوش والقطع الأثرية التى أمامهم لمطابقتها بأوراق فى أيديهم ويقومون برسمها بأيديهم هذا هو الواجب المنزلى العملى الذى يثمر ويفيد.

نفس الواقعة تكررت فى متحف اللوفر: عشرات الأطفال يفترشون الأرض فى أيديهم الأوراق فيها رسومات تخطيطية "منقطة" لمومياء مصرية ويقوم الأطفال، وكانوا فى سن صغيرة لم تتجاوز الثالث الابتدئى، بالمرور عليها وقبل أن أغادر المتحف كانت هناك رحلة من عشرات التلاميذ من سن أكبر يحيطون بمدرسهم يشرح لهم بصوت منخفض مكونات لوحة فنية وإلى أية مدرسة تنتمى، الأهم أنه علَّمهُم ونقل لهم بالفعل وبالقول احترام المكان وزرع فيهم احترام الحضارة، ومن هؤلاء يخرج من يحكم فرنسا وأسبانيا.

واقعة ثالثة سبق أن ذكرتها ولكن إعادتها هنا قد يكون له معنى، حيث لاحظت أثناء زيارتى لمعرض جنيف الدولى، العشرات من الأطفال فى أيديهم خرائط عليها رسومات ملونة بطرقة جذابة وعليها رسومات، يتنقلون بين أروقة المعرض بحثاً عن إجابات لأسئلة بسيطة فى "البوستر" الذى فى أيديهم، وفى النهاية يقطع الطفل جزءاً يعلقه فى مكان خاص ليتم عمل سحب ومنح الجوائز للأطفال الفائزين، ولك أن تتخيل مردود ذلك على الطفل الذى يزرعون فيه فضيلة البحث عن المعلومة وليس أخذها وحفظها جاهزة بدون عناء كما نعلم أبناءنا.

فأين مدارسنا التى يمكن أن يتخرج منها من يحكم مصر فى المستقبل، ونقول إن مصر فى أيد أمينة.

جاءنى ابنى يطلب منى زيادة المصروف اليومى بمبلغ محترم، وقال لى إن هذا المبلغ سيذهب إلى عامل المعمل فى مدرسته لأنه يجمع منه ومن زملائه عشرة جنيهات نظير إجراء التجربة العملى لمادة الكيمياء، ليس هذا فحسب بل سوف يعطى المعادلة وبالإنجليزى فوق البيعة "ببلاش"، نفس الأمر يحدث مع طلبة نهائى طب فى القصر العينى، عندما يتعاملون مع مرضى متمرسين يعرفون، وإما الدفع وإما ضياع السنة.

هذا هو الواقع المر والأليم للتعليم فى مصر، واستمرار هذا الوضع يعنى ببساطة أن حاضر مصر فى خطر وأن مستقبلها فى مهب الريح.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة