روعة الأعمال الدرامية أنها تستبق عصرها، والأكثر روعة أنها قد تشارك فى صنع هذا المستقبل، تستشرفه وتمهد الأرض له. فيلمان، أحدهما مصرى والآخر أمريكى، تنبأ كل منهما بأحداث مستقبلية، انتقلت من حيز الشاشة إلى أرض الواقع وليس العكس، الأول هو فيلم "عايز حقى" لنجم الكوميديا هانى رمزى، والثانى هو "ديب إمباكت" للمثل الأمريكى مورجان فريمان.
الفيلم الأول ناقش بطريقة ساخرة، فكرة أن مصر دولة غنية وأهلها فقراء، وبالتالى، ومن منطق "جحا أولى بلحم طوره" الذى تفشى فى الأعوام العشرين الماضية، وجد صابر، الذى يجسد شخصيته فى الفيلم الفنان هانى رمزى أن من حقه أن يستفيد بما يملك من أصول مصر، ويستمتع بخيرها بداية من أكل الإستاكوزا و"السى فوود" فى فنادق القطاع العام، وانتهاء بالإقامة فى هذه الفنادق، ولو وصل الأمر إلى حد بيع هذه الأصول فى مزاد علنى، ولكن صابر يستفيق فى نهاية الفيلم ويعلم أن الوطن ليس للبيع بالقطاعى، ولا تكفى كنوز الدنيا أن تصبح لتجد نفسك بلا وطن.
لا أعلم لماذا تذكرت فيلم "عايز حقى" وأنا أتابع فى الصحف والفضائيات البرنامج الجديد الذى أعلن عنه الحزب الوطنى لإدارة الأصول والذى يستهدف، حسبما ذكر قيادات الحزب نقل ملكية أسهم شركات قطاع الأعمال العام إلى المواطنين المصريين دون تفرقة لكل من يبلغ ١٢ عاماً، وللمصريين داخل مصر وخارجها من خلال توزيع محفظة أسهم يحصل عليها المواطن مجاناً وبأيسر الطرق لتحقيق العدالة فى التوزيع، ويكون للمواطن حرية التصرف فيها إما الاحتفاظ أو الاستفادة من العائد أو استثمارها فى صناديق الاستثمار أو بيعها.
المعلومات التى أعلن عنها فى هذا المشروع تقول إنه مشروع مصرى خالص، لا مثيل له فى دول العالم، قد يكون هناك تشابه فى بعض مراحله أو فصوله مع مشاريع أخرى فى دول العالم، لكنه فى صورته الأخيرة يعد مشروعاً مصرياً خالصاً، يحتاج إلى عامين من العمل المتواصل لكى يرى النور كمشروع يحظى بالشرعية.
المشروع فى ظاهره يتميز بالجرأة، والتفرد، ولكن هل يؤتى مثل هذا المشروع أؤكله؟!
فى أمريكا كان الوضع مختلفاً فقد شاركت "الميديا" فى صناعة أوباما، هذا الرئيس الأسود الذى سيحكم أمريكا والعالم من مكتبه بالبيت الأبيض، فكرة جديدة، وعبقرية براقة، تفوق فكرة أن تجلس سيدة على رأس أكبر دولة فى العالم، لذلك عندما بدأ أوباما طريقه إلى البيت الأبيض، كانت الفكرة قريبة من عقل وقلب المواطن الأمريكى، فهناك المسلسل الرائع "24 ساعة" الذى يتابعه الأمريكان، وجسد فيه الممثل الأمريكى الأسود دينيس هايبرت دور رئيس أمريكى أسود اسمه ديفيد بالمر.
هذا ما جاءت به الدراما فى مصر، وما صنعته الدراما فى أمريكا، فهل يأتى اليوم الذى يتنبأ فيه أحد أعمالنا السينمائية بالمستحيلات: رئيس مدنى يأتى عبر انتخابات ديمقراطية حقيقية، ويا سلام لو كان من خارج الحزب الوطنى؟!
معذرة واضح أننى خرفت.. كفاية كده.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة