حينما تفتح كتب العلوم السياسية ستخبرك صفحاتها الأولى أن الطموح هو الصفة الأهم لمن دخل الملعب السياسى، وعلى هذا المبدأ الثابت بدأ باراك أوباما معركته التى بدت مستحيلة قبل أن يتأكد للجميع فى الخامس من نوفمبر الجارى عكس ذلك، فاز أوباما وانتهى الفصل الأول من قصته بالمشهد الذى يحبه المستضعفون والأقليات فى الأرض، وفى مصر مجموعة تتشابه ظروفها كثيراً مع أوباما باستثناء لون البشرة بالطبع، يجمعهم الحقل السياسى، وبالتالى تمتلك نفوسهم طموحاً يولد طمعاً فى مناصب سياسية قد تبدو مستحيلة مثلما بدا وصول أوباما للبيت الأبيض مستحيلاً قبل الخامس من نوفمبر فقط.
حول جمال مبارك وداخل لجنة السياسيات- مجلس الإدارة المصغر لحكم مصر- يتواجد هؤلاء التى تتشابه ظروفهم مع أوباما حتى ولو نظرياً، بعضهم يحمل نفس الخلفية التعليمية مثل محمد كمال، وبعضهم أتيحت له فرصة تسويق نفسه للجمهور مثل الوزير محمود محى الدين والوزير رشيد محمد رشيد.
فوز أوباما قد يعنى بالنسبة لثلاثة مثل هؤلاء.. أن الوصول لقصر العروبة ليس مقصوراً على نجل الرئيس فقط، صحيح أن الظرف السياسى فى مصر يختلف تماماً عما هو حاصل فى أمريكا، ولكن بشرة أوباما السمراء كانت تمثل عقبة تتساوى فى حجمها مع عقبة ديكتاتورية النظام فى مصر، الأمور قد تبدو متعادلة نظرياً خاصةً إذا أضفت إليها تواجد الثلاثة داخل المطبخ السياسى للدولة.
ربما تكون فرصة رجل مثل رشيد هى الأفضل، لا لشئ سوى لأنه يمتلك نفس السلاح الذى افتتح به أوباما طريقه للبيت الأبيض.. الطموح، الأعداء والأصدقاء يؤكدون على امتلاك رشيد لتلك الصفة والشواهد تؤكد أنه أكثر أفراد إدارة مبارك هدوءًا وعملاً فى صمت وقرباً لأوربا والأمريكان.. وذلك أهم.
تحليل فرحة المصريين بانتصار باراك أوباما يجعل من الفكرة شيئاً مقبولاً، خاصةً إذا أكدنا على أن الناس فى الشوارع لم تكن تنتظر من أوباما أن يرتدى أبيض فى أبيض، ويركب غواصة نووية بيضاء ويأتى ليخلصها من ظلم الأشرار.. فلم يعد أحد فى مصر بهذه السذاجة.
الموضوع كله أن باراك أوباما ذلك الشاب الأسمر كان بالنسبة لأهل مصر أربعة أحلام فى حلم واحد، جسد لهم التغيير الذى ينتظرونه، والديمقراطية التى يبحثون عنها، والشباب الذى يتمنوه فوق كرسى حكمهم، والأقلية التى انتصرت إذا وضعنا فى الاعتبار أن الشارع المصرى يعتبر كل من هو خارج البيت الرئاسى أقلية كرد فعل ضد وصول جمال مبارك للرئاسة.
الثلاثة السابقون أوغيرهم من خارج المنطقة السياسية الخضراء القريبة من النظام الحالى قادرون على التعبير عن تلك الأحلام حتى ولو كان موقف الناس منهم الآن سلبيا، لأن مجرد انتقال شخص فيهم للمعسكر المضاد للسلطة الحاكمة سيجعل منه بطلاً للشارع المصرى، وفى هذه المرة سينتظر منه الناس أن يرتدى الأبيض فى الأبيض، ويأتى على الفرس الأبيض على الأقل ليمنحهم بعضا من الشعور بالسعادة والإثارة التى تملكتهم وقت إعلان الأمريكان عن اختيارهم لأوباما رئيساً قادما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة