كتب زملاؤنا الذين رافقوا الرئيس فى رحلته إلى الهند عن كل شىء، واجتهدوا فى الوصول إلى كل الأسباب التى جعلت هذه الدولة من أكبر الاقتصاديات فى العالم، ولكنهم لم يذكروا السبب الأساسى، وهو الحريات، أى الديمقراطية الحقيقية التى تجعل كل مواطن فى الهند فقيراً أو غيناً يشارك فى صياغة مستقبل بلده، فهناك تداول حر وحقيقى للسلطة، ليس فقط السلطة المركزية، ولكن أيضاً السلطات المحلية، وهو ما جعل هذا البلد يحقق نمو 6% منذ عام 1980، عام تولى الرئيس مبارك السلطة فى مصر، ووصل الآن إلى 9%، وسوف يزيد، وما زال هنا الرئيس وحزبه الوطنى مسيطرا على السلطة فى بلدنا، فى حين أن حزب المؤتمر هناك، الذى بنى الدولة الهندية تولى السلطة أكثر من مرة وتركها أكثر من مرة.
ومن ثم فالتلميحات التى جاءت فى كتابات معظم زملائنا حول أن الديمقراطية والحريات، ليست بالضرورة هى الطريق الوحيد لتحقيق نهضة وتقدم غير صحيحة على الإطلاق .. فنموذج الصين الذى يحقق تقدماً مبهراً ويعادى حقوق الإنسان، إذا لم يصحح مساره الديكتاتورى، ستكون نهضته مؤقتة وحتما سوف ينهار، مثلما حدث لو نذكر فى الاتحاد السوفيتى، وكثير من حركات التحرر فى العالم الثالث، فهذه الأنظمة أخذت من الناس حريتها مقابل توفير المأكل والمسكن وغيره .. وحققت بالفعل معدلات نمو كانت مبهرة كانت تتغنى بها، ولكن كل ذلك انهار وضاع، فلا أخذ المواطنون حقهم فى الحرية ولا حقهم فى الحياة.
النهضة التى يتحدث عنها الحزب الوطنى من المستحيل أن تتم دون مشاركة حقيقية من المواطنين ومن مختلف القوى السياسية، فهذا سيؤدى فعلاً إلى إرادة مجتمعية، وينقل المعارضة من خانة العداء "عمال على بطال" إلى خانة التفاعل الإيجابى المسئول، لأنها تدرك، أنها يمكن أن تكون فى السلطة، أى فى موقع المسئولية، وبالتالى من الصعب أن "تقول أى كلام" لا تستطيع تحقيقه على أرض الواقع.
وهذا لا يعنى أن الحريات ستحل كل مشاكلنا الآن وفوراً، ولكنها الأرض الخصبة لأية أفكار للتقدم يقدمها أى مواطن فى بلدنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة