أكرم القصاص

"حلمة ودنك".. بتكنولوجيا "ثرى دى فايف جى"

الجمعة، 28 نوفمبر 2008 10:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فرحان أبوالسعد 45 سنة، معاش مبكر، مريض بالقلب، وهارب من قانون المرور الجديد، مع أنه لا يمتلك سيارة، جاءنى وهو غاضب جدا، وقبل أن يجلس أو يقف بادرنى قائلاً: أنا من سعداء الشعب المصرى، رغم أنف الكارهين، لماذا تستكثرون علينا السعادة؟.

وقبل أن أفتح فمى، أخرج فرحان من جيب بنطلونه ورقة جرنال بمؤثرات ساندوتش فول.. وأشار إلى نتائج استطلاع مركز معلومات مجلس الوزراء الذى توصل إلى أن المصريين من بين أكثر شعوب العالم سعادة، وبعضهم يشعر بسعادة طاغية.

فرحان قال: أنا بقى من بتوع السعادة الطاغية، قلت له: ربنا يسعدك ويطول عمرك.. كنت أعرف أنه نجا من أربع حوادث تصادم، وسقطت على دماغه بلكونة، وانفجرت فى وجهه أنبوبة بوتاجاز.. وخاض انتخابات المحليات أكثر من عشر مرات، بصفة مراقب، واكتشف أنه كان يسقط فى مجلس الشورى، وخرج «معاش مبكر»، قبل أن يكمل سنتين خدمة، مع أنه تم تعيينه أثناء انتخابات عام ألفين، وهو من خريجى أواخر الثمانينيات، شعرت بالسعادة لكون فرحان من السعداء، وطلبت منه أن يشرح لى «عن حالاته»، فوضع ساقا على الأخرى، وفتح فمه حتى بانت اللوزتان ،واتخذ سمت مندوبى الجامعة العربية وقال: تعلم إننى خلال يومين لم أتعرض لأى محاولات اغتيال، ولم يصبنى الفيروس سى، ولا أسير تحت البلكونة، أو على الرصيف، ونجوت من تأثيرات الخصخصة، وقوانين المرور والتأمين الصحى، ولجان الكادر، والضرائب العقارية، وأجرى لى الأطباء منظارا لاستخراج شهادة منشأ، وأفكر فى الحصول على قرار بالحج على نفقة الدولة من وزارة الصحة، أليست كلها أسباب تجعلنى وشعبى من السعداء، ولماذا الهجوم والسخرية من نتائج استطلاع يؤكد مشاعرنا الطيبة تجاه هيئة النقل العام؟.

قلت له: عندك حق، وقبل أن أكمل، أخرج من جيبه مجموعة أوراق، وانهمك فى قراءتها، كدت أسأله فباغتى بفخر: دى مقررات المؤتمر الخامس، وكلها منافع، وأى لحظة أحس فيها باكتئاب أراجع المنهج.. كنت أعلم أن فرحان مدمن فرجة على جلسات مجلس الشعب، ويحتفظ بتسجيلات نادرة للدكتور سرور، ولديه ألبوم صور ضخم، لنفسه أمام مشروع توشكى، وأحجار الأساس التى وضعها رؤساء الوزراء طوال ربع قرن لمشروعات الصرف الصحى، وفوق كوبرى أكتوبر ومايو، وعلى الطريق الدائرى والمحور.

وبصفته من خبراء السعادة، سألته عن الفرق بين السعادة العادية، والطاغية، استدار فى مكانه، ورفع رأسه فى الهواء، وقال: الحمد لله إن الواحد مش هشام طلعت، ولا سوزان تميم، واستطرد دون أن يرمش له «حاجب»: السعادة الطاغية دى بتكنولوجيا «ثرى دى فايف جى»، يعنى ممكن بيها تشوف حلمة ودنك.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة