سعيد شعيب

استقواء المتوحشين

الإثنين، 01 ديسمبر 2008 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تذكر جملة عادل إمام الشهيرة فى مسرحية "شاهد مشفش حاجة"، عندما قال الفنان الكبير إنهم أجبروه على دفع فاتورة التليفون، وعندما احتج لأنه "معندوش عدة"، ردوا بحدة "ادفع وبعدين ابقى اشتكى".

ربما الذين تجاوزا الأربعين مثلى مازالوا يضحكون عليها بحرارة، لأنهم يذكرون كيف كانت هيئة التليفونات الحكومية، قوة خارقة لا يقدر عليها أى مواطن، فقد كان تركيب تليفون أرضى يمكن أن يستغرق 10 سنوات، وإذا كان لك واسطة "جامدة" يتحقق أملك بعد "سنتين أو تلاته"، ولابد أن تدفع مرغماً ما يطلبونه، فكانوا مثلاً يبيعون لك "عدة التليفون" بـ 300 جنيه، رغم أنها تباع فى الأسواق بـ 30 جنيهاً. وفى كل الأحول إذا حدث ودخل بيتك التليفون، سيغمرك شعور بأن معجزة ما تحققت، رغم رداءة الخدمة ورغم أنهم هم الذين يحددون وحدهم ودون الرجوع إليك سعرها و"هتدفع هتدفع".

الآن ذات الشركة الحكومية تقدم عروضاً مجانية بتركيب التليفونات، ناهيك عن انخفاض أسعار المكالمات، إنها المنافسة المروعة مع التليفونات المحمولة ومع الإنترنت والميلات، فتخيل معى حال الشركة بعد أن تنافسها شركة واثنان وثلاثة على التليفونات الأرضية.
إنها المنافسة التى تحمى المستهلك وتنقله من خانة الرهينة لدى المحتكر إلى خانة أنه هو الذى يفرض شروطه، حيث يتنافسون على إرضائه، لكن يظل الخطر هو أن يتحالف المحتكرون ضدنا نحن المستهلكين، فيقرروا من جديد أن ندفع الفاتورة رغم أننا مثل عادل إمام "معندناش عدة"، فهذا ما يفعلونه فى الأسمنت والحديد وغيره، الأسعار انخفضت فى الخارج ولكنها هنا تزيد، إنه توحش واستقواء المحتكرين، الذين يريدون تحويل عرقنا ودمائنا إلى أوراق بنكنوت.

ولا حل للحفاظ على المنافسة إلا بتقوية أجهزة مثل حماية المستهلك، وأن ننتقل من خانة المفعول به إلى خانة الفاعل، فنحن المستهلكون أقوى من أى محتكر فى السياسة والاقتصاد أو غيره.. هو، المحتكر، لا قيمة له بدوننا، ونحن قيمتنا تزيد بدون أمثاله من مصاصى الدماء.

إنها قوة المجموع بعد أن انتهى زمن الزعامات التى احتكرت وأفسدت السياسة والمال والدين وكل شىء.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة