مثلما انتقدت بعنف الصمت المروع لمجلس نقابة الصحفيين على انتهاك الحرمات، وعلى التجاوزات المهنية المخجلة، لابد من الإشادة بما يمكن أن نسميه "زحزحة الموقف"، فقد قرر المجلس أخيرا تحويل جريدتى صوت الأمة والطريق إلى لجنة تحقيق بسبب استمرار لغة الإثارة السياسية، ومحاولات التأثير على العدالة وإطلاق الاتهامات المرسلة، والعبارات غير اللائقة.
لكن المشكلة هى أن المجلس استند إلى تقارير الممارسة الصحفية التى يصدرها المجلس الأعلى للصحافة، وهو مجلس كما هو معروف حكومى، أو التعبير الأكثر دقة تسيطر عليه الحكومة، فرئيسه هو فى ذات الوقت أمين عام الحزب الوطنى الحاكم، وحتى لو كانت هذه التقارير صحيحة، فمن الصعب الاستناد عليها لأن هناك شبهات تحيز، ناهيك عن أن هناك تقارير سابقة للمجلس كانت منحازة بشكل واضح. وهذا يعطى الفرصة للاتهامات السياسية التى يطلقها زملاؤنا المعارضون للسلطة الحاكمة، وهى السبب الحقيقى لتعطيل أية إجراءات تأديبية، وتعطيل ميثاق الشرف الصحفى، فهذا العراك السياسى يفسد كل شىء ويبعد الجميع عن الأساس وهو المهنة.
فما هو الحل؟
اقترح أن تكون نقابة الصحفيين طرفا أساسيا فى صناعة تقارير الممارسة الصحفية، ولا تتركها للمجلس الأعلى للصحافة وحده، حتى يكون هناك أعلى قدر من الموضوعية، ونفى تهمة الانحياز السياسية وغير السياسية، وحتى تلتزم حرفيا بما يأتى فيه. والحل الثانى أن يقوم مجلس نقابة الصحفيين بإقرار آلية تقوم بهذا الدور، وتقدم تقريرا منتظما للمجلس ليحولها إلى لجنة تفعيل ميثاق الشرف الصحفى، ورغم أن هذا هو الحل الأفضل بدون شك، لكنى لا أظن أن المناخ يساعد على تنفيذه، كما أن هناك بعض الزملاء سيقفون ضده وسوف يفسدون أى آلية لتنفيذه.
ولكن كلا الحلين يجعل نقابة الصحفيين أداة لعقاب أعضائها.. فهل هذا منطقى؟
نعم منطقى، ومنطقى جدا، طالما أن هذا العقاب سببه مهنى وليس سياسيا أو غير سياسى، بل وهذا هو الدور الطبيعى للنقابة، حراسة القواعد المهنية للصحافة، وتطوير الأداء المهنى لأعضائها، والدفاع عن حريتهم وحقهم فى أجور عادلة. أما غير ذلك فلا علاقة للنقابة به، وليس دورها ولكنهم ألصقوه بها بغرض إفسادها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة