يحيرنى هؤلاء القضاة الذين يرفضون زيادة الاشتراك الشهرى لناديهم من 2 جنيه إلى 20 جنيها، وعذرا للتكرار 2 جنيه يزيد إلى 20 جنيها، فالمطلوب مبلغ بسيط، ناهيك عن أن هذه الزيادة لن تذهب إلى مكان سرى، ولكنها جزء من ميزانية معلنة يراقبها أعضاء الجمعية العمومية، بالإضافة إلى الأجهزة الرقابية فى البلد.
أعرف أن جزءاً من هذا الصراع لا يتعلق بالزيادات ذاتها، ولكنه الحرب الضروس بين من يطلقون على أنفسهم "المجموعة الإصلاحية" بقيادة المستشار زكريا عبد العزيز ضد المجموعة الأخرى بقيادة المستشار مقبل شاكر.. فلو أن هذا القرار- كما أعتقد – صدر من مجلس إدارة لهم، أظن أن رد فعلهم سيكون مختلفا، فكلا الفريقين لأسباب سياسية يريد هزيمة الطرف الآخر وليس الوصول إلى أرضية مشتركة.
وهذا لا يعنى أننى مع أفكار المجموعة الإصلاحية، بل أرى أن خطيئتها الكبرى أنها نقلت الصراع مع السلطة التنفيذية من خانة استقلال القضاء وإصلاحه، وهو المعركة الأهم، إلى خانة السياسة، وتأمل مثلا على سبيل المثال المستشار هشام بسطارويسى، رد الله غيبته، وتصريحات المستشار محمود الخضيرى الذى اتهم من يعترضون على حملته لكسر الحصار على غزة بالخونة.
ومع ذلك فهذه المجموعة لها إيجابيات كثيرة، أنها نقلت مشاكل القضاء والقضاة من الغرف المظلمة إلى الرأى العام، ناهيك عن زرع الكثير منهم لفكرة أنه لا حريات ولا ديمقراطية ولا إصلاح بدون استقلال حقيقى للقضاة، وهذا صحيح.
وفى المقابل الجناح الآخر له ميزة أنه يدافع عن هيبة القضاة ويرفض دخولهم معترك السياسة، ولكنه لا يقدم تصوراً واضحاً لاستقلال القضاء.. رغم النوايا الحسنة، وربما لا يربطون بين زيادة الاشتراكات واستقلال ناديهم، وربما يرى قطاع من القضاة أن طريق الدولة أسهل، فهى ستعطيهم الأموال، حتى لو كانت من عرق دافعى الضرائب وليس من حقهم.
ولكنى أعتقد وبصدق أن هذه الحرب الضروس والتى يتعنت فيها كل طرف، هى ما أوجدت هذه الحرب الطاحنة، وغابت المشتركات.. وأهمها على الإطلاق أن أول خطوة فى استقلال القضاء والقضاة هى ألا يحتاج ناديهم لدعم من وزارة العدل، ولا دعم أى جهة، فكيف تكون مستقلا وأنت تتسول من سلطة لا يمكن أن تعطى دون أن تأخذ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة