إبراهيم داود

ليس دفاعا عن فاروق حسنى

الجمعة، 26 ديسمبر 2008 01:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لست من المعجبين بأداء السيد فاروق حسنى وزير الثقافة الذى يجلس على مقعده منذ أيام الحرب الباردة وقبل سقوط الاتحاد السوفيتى بأربع سنوات، وربما عبرت طوال هذه الفترة التى بدأت فى 1987 من خلال عملى فى أكثر من مطبوعة، وقد كان سندى فى هذه الفترة «الطويلة» هو الضمير الثقافى النقى الذى يشعر بالمسئولية أكثر من الوزير وموظفيه، وكان فى رأيى أنه «سوّق» نفسه للنظام من خلال قضيتين جوهريتين هما التصدى للإرهاب وفرملة التطبيع الثقافى مع إسرائيل، فى حين أن القضيتين هما قضيتا الثقافة المصرية، التى ترفض التطرف منذ أيام الإمام محمد عبده، وترفض التطبيع لأنه ضار بالمصالح الوطنية، ويعطى للعدو «الغاشم» الغريب المحتل الاستيطانى أرضا ومزايا لا يستحقها، ويخطئ من يظن أن وزير الثقافة بإمكانه إصدار أوامر بالتطبيع، لأن الموضوع أكبر منه وأكبر من النخبة الجديدة التى تسعى إلى تمييع الموضوع، واعتبار المتشددين «فى هذا الموضوع» أشخاصا جاءوا من الماضى، وأنا هنا لست بصدد الحديث عن سياسات فاروق حسنى الثقافة التى أرفض الكثير منها، وكتبت فيها طوال عملى كمحرر ثقافى أو كصاحب رأى، ولكنى مضطر للدفاع عنه فى مواجهة الحملة الإسرائيلية المنظمة ضده لكى لا يصل إلى رئاسة «اليونسكو» لإدارة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والفنون، أولا لأنه يمثل الدولة المصرية، والتآمر عليه يعنى تقليص الدور المصرى فى المنظمات الدولية، وسبق أن دافعت عنه فى مواجهة جماعات الإسلام السياسى أيضا لأنه فى هذه المعارك كان رمزا للدولة المدنية.. مصادر دبلوماسية فى الأمم المتحدة قالت لـ «القاهرة» إن إسرائيل -وهى ليست ممثلة فى المجلس التنفيذى للمنظمة ولا صوت لها بالتالى فى اختيار مديرها العام- نجحت فى إقناع الإدارة الأمريكية المنصرفة، بالحيلولة دون فوز فاروق حسنى فى الانتخابات، وأن إدارة بوش بدأت بالفعل ممارسة الضغوط على الدول الأوروبية التى تحمست لتأييده، ومنها فرنسا وإيطاليا لكى تعدل عن ذلك، بدعوى أن مصر تحوز أكثر من موقع منها الذى يشغله محمد البرادعى المدير التنفيذى لوكالة الطاقة الذرية ويوسف بطرس غالى عضو المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى، وقالت المصادر أيضا إن إدارة أوباما مقتنعة بوجهة النظر الإسرائيلية التى تعتبر حسنى يعوق تطبيع العلاقات الثقافة بين مصر وإسرائيل، ووصل الأمر إلى أن سفيرة أمريكا لدى اليونسكو لويس أوليفر أبلغت نظيرتها المصرية شادية قناوى برفض الإدارة الأمريكية ترشيح حسنى وطلبت من القاهرة سحب مرشحها مبكرا قبل التصويت وإلا فإن الإدارة عازمة على العمل ضد ترشيح حسنى، وعندما استدعى وزير الخارجية أبوالغيط السفيرة الأمريكية بالقاهرة أبلغته برفض الترشيح، فأكد لها إصرار مصر على ترشيحه، ولست مع ما كتبه حمدى رزق فى «المصرى اليوم» والذى طالب فيه بالتدخل الرئاسى العاجل لإنقاذ الموقف، لأن الموضوع يجب أن يأخذ بعدا آخر وهو الإعلان مجددا من قبل المثقفين عن رفض التطبيع ودعم فاروق فى مواجهة قلة الذوق الإسرائيلية الأمريكية، وأظن أن أى تنازل سيكون له مقابل، ولو خسر الوزير - حينئذ - ستفوز الثقافة المصرية والعربية.. ولكنى مع رزق فى فضح الموقف الأمريكى عالميا وحساب إسرائيل على موقفها من مرشح دولة تدفع ضريبة السلام يوميا على أرض الواقع.. فاروق حسنى ضد التطبيع نعم، ولذلك غضبنا عندما أجرى حوارا مع إحدى الصحف الإسرائيلية، وأذكر صياغته الدبلوماسية فى هذا الموضوع فى حوار أجريته معه أوائل التسعينيات لمجلة أدب ونقد اليسارية «أنا وزير المثقفين، إذا أرادوا التطبيع سأكون معهم» فى هذه المعركة أتمنى من خصوم الوزير أن يتوقفوا - مؤقتا - عن الخصومة، والوقوف إلى جواره، أولاً لأنه رمز للدولة المصرية فى معركة طرفها الآخر عدو لا يستطيع أن ينمو إلا فى «صوبة»، ثانيا لإثبات أن الثقافة المصرية على المستويين الشعبى والرسمى ضد التطبيع، حتى لو كان فى النظام جناح «خواجاتى» لا يرى بوضوح.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة