كما قالت اليوم السابع فى العدد الماضى، تنفجر الاحتقانات الطائفية فى بلدنا إما بسبب بناء أو ترميم كنيسة، أو بسبب قصص الحب بين المسلمين والمسيحيين، الأخيرة يستخدمها المتطرفون من الجانبين، مستغلين المشاعر الدينية لأصحاب القلوب الطيبة من الجانبين. فإذا حدث وأحبت فتاة مسيحية شاباً مسلماً يكون مأتم لدى الأسرة المسيحية، ويوم فرح ترفع فيه الأسرة المسلمة رايات النصر على الأعداء .. والعكس على قلته يحدث أيضاً، فتجد نشوة انتصار إذا تحول مسلم إلى المسيحية.
وكل ما فعلناه فى اليوم السابع أننا نقلنا ما يحدث على أرض الواقع، فهو فى النهاية أمر طبيعى وإنسانى، ثم هل يمكن أن تساهم حالات الحب والزواج بين المسلمين والمسيحيين والعكس، فى خلق مناخ صحى بين الطرفين ينزع فتيل العداء المصطنع، وينقلنا إلى خانة المودة والرحمة بين الأصهار؟
ربما لو وضعنا فى اعتبارنا:
1- العلاقة بين الأديان ليس فيها منتصر ومهزوم، لأنه لا أحد سيرى أن دين الآخرين أفضل من دينه، والحل الوحيد هو أن ننتقل من خانة الصراع والمنافسة إلى خانة التعايش.
2- هل يملك المجتمع شجاعة الاعتراف بأن علاقات الحب موجودة فى الواقع، ويمكن أن تحدث فى أسرتى وأسرتك، والإنكار لن يجعلها تختفى من الوجود، ولدينا قصة دينا وقصة مارى التى قررت أنها ستدخل الدير إذا فشل زواجها من وسام المسلم، ناهيك عن آلاف القصص المماثلة التى لا نعرفها أنا أو أنت.
3- علاقات الحب التى تنتهى بزواج مختلفى الأديان لا تعنى بالضرورة تغيير الدين، فيمكن أن يظل كل منهما على دينه، وأعرف أسراً مصرية تعيش حياة سعيدة بدون أى مشاكل، ما أقصده باختصار هو أن نخرج علاقات الحب من دائرة التبشير والتنصير.
4- أعتقد أن هذه الزيجات ستخفف كثيراً من الاحتقانات الطائفية، وأحلم أن تنهيها، فينتهى الجدار الفاصل بين قبيلة المسلمين وقبيلة المسيحيين، وتصبح هناك علاقات مصاهرة ونسب، وأظنها ستكون حائط صد لمنع أى مصادمات بين أفراد العائلة الواحدة.
5- ستبقى مشكلة المتطرفين، وهى مشكلة بلا حل جذرى، فحتى فى أعتى المجتمعات الديمقراطية يوجد متطرفون، ففى ألمانيا على سبيل المثال جماعات نازية، وفى أمريكا جماعات مسيحية متطرفة، ولكنها منزوعة من السياق الاجتماعى ولا تجد لها أرض وليس لها تأثير.
6- الأهم هو أن نحسم بشكل قاطع أن مصر ليست وطناً للمسلمين يستضيفون فيه المسيحيين "كتر خيرهم"، ولا هى وطن المسيحيين الذى اختطفه الغزاة العرب وأحفادهم "يا حرام"، ولكنها وطننا جميعاً، وطن من ولد على أرضها، وذلك على أساس حقوق وواجبات متساوية، أى حقوق مواطنة عادلة فى وطن ديمقراطى حر.
نقلا عن الاسبوعى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة