رغم عدم وجود نص قرآنى يحرم زواج المسلمة من مسيحى، إلا أن الدكتورة آمنة نصير، حسبما نشر موقع اليوم السابع، أباحت لنفسها أن تحل محل القرآن الكريم وتشرع على هواها، وتحرم ما أحله الله، وذلك استنادا على العبارة المخيفة، إجماع الفقهاء، فى حين أنها لم تقل لنا من هم هؤلاء الفقهاء، وما هى الشروط التى تجعل الفقيه فقيها، ولا كيف حصلت على إجماع هؤلاء على مر العصور، ولا كيف حصلت على بياناتهم منذ 1400 عام حتى الآن.
إنه المنطق الإنشائى الذى يستند إلى تعبيرات فضفاضة، ليس لها "راس من رجلين"، ولا هدف لها سوى تخويف المختلفين وبث الرعب فى قلوبهم وتحجير عقولهم، حتى يتحولوا إلى قطيع يسهل أن يقودهم من هم مثل الدكتورة آمنة.
المشكلة أن أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، مع احترامى لها، لا تفرق بين رأيها الشخصى، وله كامل الاحترام، وبين الإسلام، فمن حقها أن تصف قصص الحب بين المسيحيين والمسلمين بالرعونة، فى حين أن هناك حديثا عن النبى (ص) عندما قال عن حبه للسيدة عائشة وعدم قدرته على مراعاة شروط العدل فى المشاعر: "اللهم هذه قسمتى فيما أملك، فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك"، أى لا تلمنى على مشاعرى. فهل من حق الدكتورة أن توحى أن مثل هذه العلاقات انحلال، ليس فقط للمحبين، لكن معهم أسرهم بالمرة؟
بالطبع ليس من حقها هى أو غيرها، ومن حقنا أن نختلف معها هى وغيرها، دون أن تدعى هى أو غيرها بأنها تتحدث باسم الإسلام، أو أن تقول ممنوع.
ذات المنطق الإنشائى استخدمه زميلنا فى اليوم السابع هانى صلاح الدين فى مقالته، دينا والحب، التى نشرها فى الموقع، فهو لا يناقش جوهر القضية مباشرة، وهى الموانع التى تحول بين علاقات التزاوج بين المسلمين والمسيحيين، ولكنه، وليسمح لى، يلف ويدور، وبدلا من مناقشة جمال البنا فى أنه لا يوجد نص قرآنى يحرم هذا الزواج ، استخدم هانى طريقة الضعفاء، وهى التلسين الذى لا يليق، ضد رجل مجتهد كل جريمته أنه ليس على هواه، رغم أن للمجتهد الذى يصيب أجرين، وللذى يخطئ كما يعرف أجر واحد.
الزميل هانى والدكتورة آمنة ليسا استثناء ولكنهما قاعدة فى وسط أنصار التيار الدينى، بجناحيه الفقهى والسياسى مثل جماعة الإخوان، فلا تجد بينهم من يستخدم تعبيرات من نوع أعتقد أن الإسلام كذا وكذا .. أو أظن أن رأى الإسلام كذا كذا.. أو حتى يختم كلامه بالتعبير الشهير "والله أعلم"، وكأنهم يحملون توكيلا سماويا، وكأنهم يحملون توكيلا من المسلمين بأن يتحدثوا باسمهم، بل إن بعضهم يتجرأ ويتحدث باسم المصريين "كلهم على بعض"، مسيحيين وشيعة وسنة وبهائيين وغيرهم.
ولذلك يلجأون مثل زميلنا هانى إلى طريقة واحدة وحيدة فى أى نقاش تتلخص فيما يلي:
1- استخدام تعبيرات غير محددة وغائمة، مثلما فعل هانى، بغرض تخويف وإرهاب المختلفين معه، منها مثلا أنه يعتبر أن ما يقوله حقائق، فى حين أنها وجهة نظر "بنى آدم" مثلنا يمشى فى الأسواق ويخطئ ويصيب، وبالتالى فمناقشة ما يقوله ليس خلافا مع الحقائق ولكن خلافا مع كلام بشر مثلنا.
2- ماذا يقصد هانى بالضبط بـ"هويتنا العربية الإسلامية"، فأى عربية وأى إسلام، هل هو السعودى مثلا أو الشيعى أو غيره، ثم ما هى الهوية العربية، هل يقصد اللغة، أم ماذا؟
3- يقول الزميل هانى إن الشعب (المصريون عددهم يقترب من 80 مليونا) لن يحتمل اللعب بقيم وثوابت المجتمع، ويعد درباً من اللعب بالنار الذى من الممكن أن تحرق أصحابها قيمياً وأخلاقياً، وتعزله عن أبناء مجتمعه.
فهل قام بعمل استفتاء أو أبحاث أو دراسات أو أى شيء، بالطبع لا.. فلماذا يتحدث نيابة عن 80 مليون مواطن فيهم المسيحى والمسلم والبهائى واللاديني؟
4- حتى يزيد زميلنا جرعة الرعب، وبعد أن نصب نفسه متحدثا باسم الإسلام وباسم المصريين، حتى المسيحيين منهم، يلقى بالقنبلة وهى أن عدم مراعاة الاختلافات العقائدية فى علاقات الحب، ما هى إلا دعوات باطلة خطيرة تشعل نيران الفتنة الطائفية فى مجتمعنا المصرى.
فى حين أن رفضها، رفض الامتزاج بين كل أطياف المصريين من مسلمين ومسيحيين وغيرهم، هو الذى يحول بلدنا العظيم إلى جزر منعزلة تحارب بعضها بعضا كما يريد الزميل هانى حتى يسهل على أنصار التيار الدينى بجناحيه الفقهى والسياسى أن يتحكموا فى البلد ويحرقون فيها الأخضر واليابس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة