"بهات أبو المجد" سيدة أقصرية تبيع الفجل، والفجل له فوائد عظيمة، أهمها أنه يقى من مرض الإسقربوط، ويقوى اللثة والأسنان. الفجل يباع بالحزمة، كل حزمة بعشرة قروش، وبحزمة على حزمة تخرجت ابنة "بهات" الكبرى مهندسة زراعية بتفوق، لكن "صفوت" ابن "بهات" لم يحب الفجل مثل أخته، فلم يدخل كلية الزراعة، دخل ثانوية صناعية ميكانيكية، ولم يحب العربى لأنه وجد به مرارة تشبه طعم الفجل. واضعو الامتحانات عرفوا عنه هذا، فنصبوا له كمينًا، أتوا له بامتحان شنيع الصعوبة، فجلس أمام الورقة يعانى، زملاؤه كانوا يغشون وهو لا يغش، وفى النهاية اكتشف الكمين، العربى ظُلم، وبيع أمه للفجل ظُلم، كتب فى الورقة: "حاكم ظالم وشعب مظلوم".
"بهات" تحاول إنقاذ ابنها، تقول: "عيل وغلط، الواد مرعوب، واحنا خايفين لأننا ناس غلابة، وأنا بجاهد عشان أصرف على ولادى، صفوت لما راح الامتحان طلبوا منه فلوس عشان ضيافة المراقبين، ولأنه مامعهوش كانوا بيراعوا كل الطلبة إلا هو، فخرج عن شعوره".
الرئيس مبارك هو الحاكم، و"بهات" ناشدته الإفراج عن "صفوت"، لأنه أصيب بنوبات بكاء تمتد ساعات طويلة، بسبب احتجازه لدى أمن الدولة لمدة 4 ساعات، ولأنه أصيب باكتئاب شديد منعه من الكلام، ولأن مديرية "التربية" قررت تربيته وحرمته من استكمال الامتحانات.
"صفوت" ربما لا يعرف "آلاء فرج عبد العال" التى كتبت فى امتحان العربى فى أولى "ثانوى عام" فى 2006: "ماذا سنجنى من الدولة إلا ما هو ردىء وخسيس، كبار قواد مصر لا يريدون لها التقدم، والرئيس بوش ينفذ سياسات تؤذى مصر وشبابها، والأغرب أن رئيسنا يستجيب لهذا السافل"، ثم كتبت فقرة أخرى خاطبت فيها الرئيس قائلة : "احكم فينا بكتاب الله وسنة رسوله، لقد اعتدنا على هذا النظام المهين".
الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، قال وقتها عما كتبته آلاء: "إن استخدام الطالبة لهذه العبارات يمثل "قذفًا" للنظام واستهتارًا بالآداب"، ومسئولو التربية والتعليم بالأقصر أكدوا أن "صفوت" كتب "ألفاظا نابية وعبارات مجرّمة يعاقب عليها القانون".
الإسقربوط مرض يفقد فيه الجسم القدرة على شفاء الجروح، بسبب عجز الأنسجة عن الترابط. آلاء نجحت بتدخل جراحى من رئيس الجمهورية، تجنبا لإسقربوط مجتمعى، وقالت الجرائد الحكومية إن الرئيس اتصل بالطالبة أثناء تواجدها ووالدها فى مكتب الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم، لتسلم شهادة النجاح، وقال لها: "لا تخافى، عبرى عن رأيك بحريتك وبراحتك وبأسلوبك، مهما كان هذا الرأى مخالفاً لمن حولك".
لو كان هذا صحيحاً فقد عبّر "صفوت" عن رأيه، بحريته، وبراحته، وبأسلوبه. فهل سيتدخل الرئيس مرة أخرى، حتى يمنح مانشيتا "أحمر" لصحافة الحكومة، وهل معنى هذا أننا أصبحنا فى حاجة إلى رئيس جمهورية لكل طالب جرىء؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة