ترتفع حرارة جهاز "الريموت كونترول"، لتتجاوز سخونتها جحيم صيف القاهرة. على شاشة "الحياة اليوم" كان ملف الأقباط لا يزال مفتوحاً، حلقة جديدة منه تتمثل فى مناقشة تحركات أقباط المهجر الأخيرة، المناقشة الحامية عبر القمر الاصطناعى بين "مايكل منير" ممثلاً لمنظمة أقباط الولايات المتحدة، و"عبدالله كمال" ـ رئيس تحرير "روزاليوسف"، لم يستطع المذيع "شريف عامر" السيطرة عليها سوى بصعوبة شديدة، لكنها ـ الحلقة ـ كانت كافية للفت الأنظار نوعاً، عن الحلقة المرتقبة للعاشرة مساءً، والتى صورتها "منى الشاذلى" فى السودان، لتحقق بها سبقاً آخر على مستوى لقاء الرؤساء، بعد الحلقة الشهيرة التى صورتها فى "البيت الأبيض" مع الرئيس الأمريكى "جورج بوش"، الفارق أن حلقة "بوش" تضمنت لقاءً لم يتعد طوله الدقائق العشر، وتم تكملة الحلقة باستضافة خبير فى الشئون الأمريكية، حلقة "البشير" كانت تحمل معنىً مختلفاً، فهى أقرب إلى التحقيق التليفزيونى، أو هى كذلك بالفعل، فقد تم تصويرها بالكامل فى السودان ومع عدد من المسئولين السودانيين، وإذا أضفنا عنصر السرعة فى تصوير الحلقة، لتعرض بعد قرار توقيف "البشير" بعدة أيام لا أكثر، يصبح السبق هنا واضحاً.
لكننا بالطبع لا يمكن أن نغفل علاقات صاحب المحطة د. "أحمد بهجت" فى السودان، فمن المعروف أن له استثمارات هناك، لذا فإن اهتمام القناة بالسودان له ما يبرره، بالإضافة إلى طموح تحقيق السبق الإعلامى لدى فريق البرنامج.. بالطبع. اهتمام القناة بالسودان، ليست هذه هى بادرته الأولى، فمنذ ثلاثة أشهر، عرضت تقريراً متكاملاً من هناك، أتبعته بفقرة دسمة من داخل الأستوديو، عن ملف زراعة القمح المصرى فى السودان.
وبغض النظر عن الدوافع غير المباشرة للاهتمام، إلا أن منح مساحة على شاشة مصرية لما يخص السودان، وإعطاء ذلك ما يستحق من جهد، هو أمر مهم إلى أقصى درجة. المهم هنا.. هو التجسد الواضح للسلطة التى يمنحها الإعلام، ليكون هو نفسه أعلى من أى سلطة أخرى، فالحاكم يرى دوماً أنه السلطة الأعلى، فى هذه الأيام يوجد ما هو أعلى: سلطة الإعلام، ونفوذه اللامتناهى، ما يجعل الحاكم يلجأ إليه.
الأسبوع نفسه شهد حلقةً من برنامج "شاهد على العصر"، الذى تذيعه قناة "الجزيرة"، ويقدمه المذيع المصرى "أحمد منصور"، الذى تخلى عنه "هدوء" أعصابه المشهور به، لتفلت منه كلمات بالعامية المصرية ـ تتعارض وسياسة القناة الناطقة بالعربية الفصحى ـ، وهو يحاور "عبد الهادى بو طالب" وزير الخارجية والإعلام والعدل السابق فى عهد الملك "الحسن الثانى"، باعتباره شاهداً على عصر، وقعت فيه جرائم تعذيب، بلغت قسوتها حداً أخرج "منصور" عن "هدوءه". كانت السلطة لحظتها للإعلام : المذيع والكاميرا.. والجمهور. تتجاوز البرامج العربية خطوةً بخطوة، مبدأ الترفيه، وثقافة الحدث الآنى، لتجعل المتفرج طرفاً.. يتفاعل، ويخُطب وده. الإعلام يُحاكِم، والسلطة تقف أمامه لاجئة أو مبررة، والحكم للمشاهد.