أعذر المهندس يحيى حسين رئيس حركة "لا لبيع مصر"، عندما سحب توقيعه على وثيقة مستقبل مصر، والسبب تبنى بعض قيادات الوطنى لما جاء بها، رغم أن ما فعله لا علاقة له بجوهر العمل السياسى، والذى يستند إلى الدعوة بكل الوسائل السلمية لأى وثيقة أو برنامج أو أى فكر سياسى، حتى يقتنع بها أكبر عدد ممكن من البشر، ليشكلوا قوة ضغط حقيقية تساعد على تنفيذ ما تتصور أنه الصحيح.
ومن بين هؤلاء البشر أعضاء الحزب الوطنى، ولو افترضنا أن بعضهم اقتنعوا بالوثيقة وضغطوا من أجل تنفيذ ولو بعض بنودها، هل سنرفض لمجرد أن التنفيذ جاء من السلطة الحاكمة، هل سنرفض الحرية والعدل والانتقال السلمى للسلطة، لمجرد أن قام بكل ذلك أو بعضه الحزب الحاكم الذى نكرهه؟
ما فعله المهندس يحيى حسين الذى اكتسب شهرته من رفضه بيع عمر أفندى، ليس استثناءً، ولكنه فى الحقيقة مزاج عام لدى قطاعات واسعة من المعارضة فى مصر، أقصد الانتقال من خانة الصراع السياسى إلى العداء المميت.
والحقيقة أن المسئول الأول عن ذلك هو النخبة الحاكمة فى بلدنا، والتى أدى احتكارها الكامل للسلطة منذ 1952 وحتى الآن، إلى أن تصل تيارات المعارضة إلى اليأس، بل وتصل قطاعات منها إلى الشطط، وهذا ما اعترف به دكتور حسام بدراوى فى حوار له فى جريدة العربى، وهو من قيادات الحزب الوطنى.
لكن هذا لا ينفى مسئولية التيارات المعارضة فى الإبقاء على حالة الصراع السياسى وليس العداء، أى الاستمرار فى النقاش العام مع جميع التيارات، بما فيها السلطة الحاكمة والحزب الحاكم، والنضال حتى يمكن إقناع قطاع كبير من المصريين بما تتصور قوى المعارضة أنه الصحيح، ومن ثم يشكل هؤلاء قوة ضغط حقيقية تجبر السلطة على التغيير السلمى.
أما التعامل بمنطق العداء المميت، إما نحن أو هم، فسوف يدمر خطاب قوى المعارضة، ويحيل معظمه كما نرى الآن، إلى مجرد صراخ وشتائم وكلام مكرر غير مقنع لعموم الشعب المصرى، ومن ثم يضعف قوى المعارضة ويقوى السلطة ويزيد جبروتها، ونحن الخاسرون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة